المشركون.. كانوا أكثر ذكاء!! جلس النبي صلي الله عليه وسلم معتزلا الناس حزينا متوقعا ما سيحدث إذا أخبر المشركين والمسلمين أيضا برحلة الإسراء والمعراج وقال لسيدنا جبريل عليه السلام: إن قومي لن يصدقوني.. فقال له: يصدقك أبو بكر وهو الصديق مر به أبو جهل فقال مستهزئا: هل من شيء؟! فرد عليه: نعم أسري بي الليلة.. قال: إلي أين؟ قال: إلي بيت المقدس.. قال أبو جهل ثم أصبحت بين أظهرنا. قال: نعم. قال أبو جهل: أتحدث قومك بما حدثتني به؟ قال المصطفي صلي الله عليه وسلم: نعم. اعتبرها أبو جهل فرصة ليطعن في نبوته وصدقه فكيف لرحلة تستغرق شهرين أن تتم في أقل من ليلة؟ * انطلق أبو جهل يصيح: يا معشر بني كعب بن لؤي( جدهم الأكبر) هلموا فانفضت المجالس وجاءوا مسرعين وقال للنبي متحديا: حدث قومك بما حدثتني.. قال صلي الله عليه وسلم: أسري بي الليلة.. قالوا: إلي أين؟ قال: إلي بيت المقدس.. قالوا: ثم أصبحت بين أظهرنا؟ قال: نعم. وقف الناس متعجبين ما بين ضارب كف بكف أو واضع يده علي رأسه وكانت قمة المأساة ارتداد بعض الذين اسلموا إلي الشرك مرة أخري.. * انطلق رجل من المشركين إلي سيدنا أبي بكر رضي الله عنه فقال له: صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلي بيت المقدس.. فرد قائلا: أو قد قال ذلك؟ قال المشرك: نعم, فقال: لئن قال ذلك فقد صدق.. قال المشركون: أو تصدقه أنه ذهب إلي بيت المقدس وجاء في ليلة قبل أن يصبح؟! قال: نعم اني أصدقه بما هو أبعد من ذلك.. أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة( صباح أو مساء) والله لو قال إنه قد أعرج به إلي السماء لصدقته.. وكان النبي صلي الله عليه وسلم لم يخبر أحدا بعد بالمعراج إلي السماء. * اجتمع مشركو قريش حول النبي صلي الله عليه وسلم رغبة في إحراجه وتكذيبه وكان بعضهم قد زار المسجد الأقصي الذي لم يزره النبي من قبل وقالوا له: هل تستطيع أن تصفه لنا فقال: نعم رغم أنه لم يمعن النظر فيه لأنه كان مليئا بكل الأنبياء والمرسلين. حيث صلي بهم إماما لأنه الوحيد الذي بعث لكل الأمم حتي قيام الساعة بينما كل رسول منهم بعث لأمة بعينها.. بدأ الوصف حتي التبس عليه الأمر فظهر المسجد الأقصي أمامه فوصفه بأدق مايكون فأصابهم ذهول! وإمعانا في الايقاع به بعد كل هذا قالوا له اخبرنا عن عيرنا فهي أهم إلينا.. فقال لهم صلي الله عليه وسلم: مررت بعير( بني فلان) وهي بالروحاء وضل منهم بعير فخرجوا في طلبه وفي رحالهم قدح به ماء شربته ثم وضعته فسلوا هل وجدوا الماء في القدح حين رجعوا.. قالوا هذه آية( علامة).. ومررت بعير( بني فلان) بذي مر ونفر( فزع) بعير كان عليه اثنان عندما رآني فسقط أحدهما وكسرت يده فسلوهما عن ذلك قالوا وهذه آية أخري. قالوا أخبرنا عن عيرنا.. فقال صلي الله عليه وسلم: مررت بها بالتنعيم قالوا فما عدتها وأحمالها وهيئتها قال كنت في شغل عن ذلك ثم أظهرها الله تعالي له فوصفها بدقة وقال لهم: يتقدم القافلة جمل أورق( رمادي) ووصف ما عليه من أحمال ورجال وزاد علي ذلك بأن قال لهم تطلع عليكم القافلة عند طلوع الشمس قالوا وهذه آية. خرجوا علي أطراف مكة فجرا وجعلوا ينظرون متي تطلع الشمس فيكذبونه.. وإذ بقائل منهم هذه الشمس قد طلعت وقال آخر وهذه العير قد طلعت يتقدمها بعير أورق فيها فلان وفلان كما قال محمد. قال المشركون وعلي رأسهم الوليد بن المغيرة بعد كل هذه الأدلة الدامغة هذا ساحر فأنزل الله تعالي: وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس. صدق الله العظيم * بدأت معجزة الإسراء الي المسجد الأقصي والمعراج الي السماء السابعة ليلة السابع والعشرين من رجب في السنة العاشرة للبعثة النبوية * وكان مشركو مكة أكثر ذكاء من الذين يجادلون حتي اليوم في كون هذه الرحلة بالروح والجسد أم بالروح فقط فلو كانت مجرد رؤيا منامية ماثاروا عليه وكذبوه فليس للرؤي والاحلام حدود ولا قيود! والغريب ان الرحلة بين مكة والقدس كانت تستغرق وقتها علي الجمال شهرين شهر للذهاب وشهر للإياب وهي الآن تستغرق حوالي ساعتين بالطائرة وأقل من دقيقة بسفينة الفضاء فما بالنا إذا كان الأمر يتعلق بقدرة الله تعالي الذي بدأ بلفظ( سبحان) بمعني تقدس وتعالي عن أي نقص وأضاف( بعبده) بما يعني روحا وجسدا كما في قوله تعالي: سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله صدق الله العظيم * لنا عودة مع أبوبكر الصديق ووحي السماء بعد كشف تجليات رحلة الاسراء المعراج. [email protected]