* أصاب خبر هجرة سيدنا أبي بكر مع المصطفي[ فزع أبيه أبي قحافة.. وكان مشركا حيث لم يسلم إلا بعد8 سنوات يوم فتح مكة... وانطلق إلي بيت ابنه ليتفقد أحوال أهله الذين تركهم. قالت السيدة أسماء بنت أبي بكر عندما خرج أبي للهجرة حمل معه كل ماله وكان خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف وقالت: دخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال: والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه فردت: كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا.. وقالت: أخذت احجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها ثم وضعت عليها ثوبا ثم أخذت بيده فقلت: يا أبت ضع يدك علي هذا المال.. وبعد أن وضع يده عليه قال: لا بأس إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن. وعندما سأل سيدنا محمد[ يوما سيدنا أبا بكر] ماذا ترك لأهله؟ قال: تركت لهم الله ورسوله.. فقد كانت ثقته بالله مطلقة لا تشوبها شائبة من شك. * الهجرة كانت ملحمة وصراعا بين الإنس والجن والملائكة.. أخذ بالأسباب البشرية بكل الطاقة والاستطاعة حتي لو كان آخر الرسل.. ومحاولات مستميتة في آخر معارك الجن قبل أفول مملكته علي الأرض بعد القضاء عليها في السماء بمولد النبي[.. ودعم من الملائكة في الغار بأمر ربهم ومعجزاته بعد الأخذ بالاسباب ونزل قوله تعالي: فانزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها صدق الله العظيم * فبعد أن مكث النبي[ ومعه سيدنا أبو بكر] بغار ثور ثلاثة أيام حتي هدأت ثائرة قريش استعدا للذهاب إلي المدينة. جاء اليهما عبدالله بن اريقط وقد استأجراه كمرشد رغم انه مشرك إلا انه كان خبيرا بالصحراء ودروبها وكان رجل صدق ووفاء بالعهد.. فلم يبلغ قريشا بمكان النبي وصاحبه بغار ثور رغم معرفته بمكانهما طمعا في المائة ناقة التي رصدتها قريش لمن يعثر عليهما حيين أو ميتين.. وكان سيدنا أبو بكر] قد ترك عنده البعيرين واتفقا علي اللقاء بعد الأيام الثلاثة أمام غار ثور. * في ليلة الاثنين غرة ربيع الأول سنة1 ه 16 سبتمبر سنة622 م. وصل عبدالله بن أريقط بالراحلتين ومعه بعيره.. ووصلت اسماء بنت أبي بكر بالزاد واضطرت أن تشق نطاقها إلي نصفين لكي تعلق الطعام بالناقة بإحدهما وتلف الثاني حول وسطها ولذلك اشتهرت بذات النطاقين. لما قدم سيدنا أبو بكر] الراحلتين إلي المصطفي[ قدم له أفضلهما ثم قال: أركب فداك أبي وأمي فقال رسول الله[: إني لا أركب بعيرا ليس لي قال: فهو لك يا رسول الله بأبي انت وأمي قال: لا, ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به؟ قال: كذا, قال: قد اخذتها به قال: هي لك يارسول الله وسماها الجدعاء... فركبا وانطلقا وأردف سيدنا أبو بكر رضي عنه عامر بن فهيرة مولاه( عامله) خلفه ليخدمهما في الطريق. سار بهما ابن أريقط في اتجاه اليمن جنوبا أولا ثم اتجه شمالا بمحاذاة البحر الأحمر إلي المدينة في طرق وعرة غير مألوفة. * علي بعد130 كم من مكة مر ركب النبي[ وسيدنا أبي بكر وعامله عامر بن فهيرة والدليل عبدالله بن اريقط بخيمتي أم معبد بنت كعب من خزاعة التي قالت لهم عندما سألوها عن طعام أو شراب كانت سنة شهباء( مجدبة) ووجد النبي[ شاة لا تحلب ولضعفها الشديد لم تخرج للرعي مع الغنم.. حلبها المصطفي بعد أن سمي الله ودعا وشرب من معه وشربت أم معبد وشرب ثم ترك لها الإناء مملوءا.. وعندما عاد زوجها إصابه ذهول مما رأ ي وسمع وعرف من وصف أم معبد للنبي[ وهو ادق وأبلغ وصف إنه الرجل المبارك الذي تبحث عنه قريش. * لم يخرج قريش من حيرتها في معرفة اتجاه الرسول إلي المدينة بمن فيهم أسماء بنت أبي بكر إلا رجل من الجن يسمعون شعره عبر مكة ولا يرونه مستغلا واقعة أم معبد وجاء في هذه القصيدة الغريبة: جزي الله رب العرش خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد ليهن بني كعب مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد سلوا اختكم عن شاتها وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد فكانت هذه القصيدة مفتاحا لقصاصي الأثر للانطلاق في اتجاه خيمة أم معبد في الطريق إلي المدينة. * أما واقعة سراقة بن مالك فهي وحدها شاهد ودليل علي صدق النبوة.. فبينما سراقة جالس وسط جمع جاءهم رجل وقال وجدت ركبا بجوار الساحل اعتقد انه محمد وأصحابه فعرف سراقة انهم هم ولكنه اختلق للرجل قصة تؤكد ان الركب لآخرين خرجوا امامه, ثم أخذ فرسه ورمحه وأزلامه التي استقسمها فسحب( عودا) مكتوبا عليه( لا يضره) ولكنه رغم ذلك اتجه بفرسه مسرعا حيث يتوقع ان يلاحقهم ولكن الفرس عثرت به وسقط عنها وضرب ازلامه وخرج( لا يضره) وتكرر هذا مرة ثانية ثم قام واتجه مسرعا إلي المدينة وعندما رأي النبي تعثرت الفرس للمرة الثالثة ولكن هذه المرة غاصت قدماها الاماميتان في الرمل وسقط عنها وعندما قامت الفرس وخرج قائماها الاماميان من الأرض تبعها دخان كالأعصار إلي السماء فعرف سراقة حيئذ انه نبي وانه لن ينال منه فنادي عليهما وأقسم بأنه لن يفعل شيئا يكرهانه فقال الرسول[ لسيدنا أبي بكر قل له وما ينبغي منا؟ فقال سراقة: تكتب لي كتابا يكون اية عهدا بيني وبينك وقال له المصطفي اخف عنا وقد فعل. وقال له الرسول ايضا حين أسلم في فتح مكة إن الله سيفتح بلاد فارس وانه سيلبس سوار كسري فقال سراقة أكسري ملك الملوك؟ فقال له النبي نعم لأن الله يعز بالإسلام اهله ويسبغ علي محمد وأمته نعمته وفضله. وقد تحقق هذا في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه امتثالا لأمر النبي وبشارته وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي صدق الله العظيم [email protected]