أسئلة كثيرة شغلت المهتمين بشتي المعارف العلمية والثقافية بعد قرار فاروق حسني وزير الثقافة القاضي بإصدار أول دائرة معارف مصرية علي غرار دائرة المعارف البريطانية التي صدرت منذ القرن ال18 ولبعض تساءل عن مدي المعلومات التي توفرها وعن المساحة الجغرافية التي ستتناولها الموسوعة وعن علاقتها بوسائل التكنولوجيا الحديثة وغيرها من الأسئلة. وكان وزير الثقافة قد شكل لجنة للإشراف علي إصدار دائرة المعارف المصرية برئاسة الكاتب أنيس منصور وضمت في عضويتها كلا من د. جابر عصفور رئيس المركز القومي للترجمة ود. عماد أبو غازي أمين المجلس الأعلي للثقافة ود. مراد وهبة أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس والمفكر السيد يسين مستشار مركز الدراسات بالأهرام. الاهرام المسائي استطلعت آراء بعض المثقفين المصريين في الفكرة ذاتها وجدواها في ظل فيضان المعلومات علي شبكة الانترنت. في البداية قال الكاتب يوسف القعيد: نحتاج بالفعل إلي دائرة معارف مصرية وهذا هاجس أساسي لكن كيف تشكل لجنة لدائرة معارف في القرن21 وما به من ثورة معلوماتية ولايوجد بها شباب. ومن جهته يرفض د. حسين حمودة أستاذ النقد والأدب العربي بجامعة القاهرة النظر إلي اعضاء اللجنة المشرفة كأعضاء كبار السن مؤكدا انهم ذوو خبرات كبيرة ويقول: فروق السن في هذا المجال ليست ذات أهمية خصوصا أن الأسماء المطروحة تمتلك قدرا كبيرا من المعرفة وقدرا من التجدد والمتابعة وبالتالي تمتلك رؤية غير جامدة للمتغيرات المعرفية والثقافية الجديدة. ويكمل حمودة أعتقد أن بامكان العمل الذي تنجزه هذه اللجنة أن يستوعب كل المعارف الجديدة ويتطلع لكل وسائل الاتصال الجديدة, وهناك دوائر معارف متعددة ومتناثرة علي الإنترنت, لكن يمكن التركيز في دائرة المعارف المصرية علي أهم المعالم والسمات والملامح الخاصة بهذا العنوان. وأشار د. أحمد درويش مقرر لجنة الدراسات الأدبية واللغوية إلي الفرق بين المعارف القومية التي تشكل الوجدان عندما يكون مصدرها هو شبكة الإنترنت أو أن يكون مصدرها موسوعة صنعناها بأنفسنا لأننا علي حد قوله من نحدد أهمية المعلومة بالنسبة لنا ولن يعرضها غيرنا بهذا الاهتمام موضحا نحن أعلم بما يدرس ويكون أولي بالبحث عن غيرنا, والقرار بانشاء دائرة معارف مصرية هو اكتمال لأعمال ومحاولات بدأت منذ بداية القرن العشرين منها موسوعة محمد فريد وجدي. وأكد د. هيثم الحاج علي المدرس بكلية الآداب جامعة حلوان أهمية إنشاء دائرة معارف ورقية واصفا اياها بأنها بمثابة بصمة نضعها علي تاريخ العلم ولا مانع من أن تصدر أيضا بشكل الكتروني خاصة في ظل وجود وسائل توثيق إلكترونية جيدة ويوضح د. هيثم أن دائرة المعارف المصرية ستقوم باعادة مصر لمركزها الثقافي العربي, والذي كان أصابته بعض الفجوات, اذ يجب أن تعود مصر للطليعة حتي ولو كان ذلك بسبب موقعها الجغرافي, فالدور الذي مارسته مصر علي مر التاريخ يجب أن يتبلور الآن, وأظن أن اللجنة المشكلة دورها هو وضع الخطط الاستراتيجية لإصدار الموسوعة, لكن من الضروري وجود متخصصين في علوم الاتصالات والمعارف الإلكترونية لتدعيم الفكرة لأن كل دوائر المعارف في الشرق متخصصة لا تشمل كل العلوم. أما د. حسان عقل مدرس الأدب العربي بكلية التربية جامعة عين شمس يؤكد أن السعي للحفاظ علي الذاكرة المصرية يبقي مطلبا عزيزا خصوصا بعد انهيار المناهج المدرسية التي تزود المواطن في سنواته المبكرة بجوانب الثقافة الضرورية فيما يتعلق بوطنه والعالم الذي يعيش في رحابه, واعتمد كثير من المثقفين علي حد قوله في تاريخنا الحديث علي دوائر المعارف في تشكيل الحصاد المعرفي ويقف في طليعة هؤلاء الكاتب عباس محمود العقاد الذي استعاض بها عن المناهج الدراسية, وأشاد توفيق الحكيم أمير الأدب المسرحي في بعض مقالاته بالموسوعات واعتبرها المنفذ الوحيد للثقافة الحرة التي لا تتحكم بها المؤسسة ولا يهيمن عليها حاكم, ومن ثم إنشاء دائرة معارف في أي قطر عربي مبادرة تستحق العناية والإهتمام. ويكمل عقل لكن من حقنا أن نسأل علي أي أساس ومعيار تم اختيار اللجنة المشرفة علي الموسوعة, وهل يمثل هؤلاء رموز الثقافة الجادة والحقيقية وكل الأطياف الثقافية, أم شفيع انتمائهم لهذه اللجنة هو مجرد اقترابهم من المؤسسة أو انخراطهم فيها, ومع ثقتي في د. عماد أبو غازي في قيادته لمشروعات معرفية كثيرة, فمن حقنا أن نسأل عن تكوين اللجنة المشرفة ومدي ثقافتهم كما أن من حقنا أن نسأل عن مبلغ حيادهم الفكري في اختيار الرموز أو الأحداث التاريخية التي ستدرج في الموسعة. وبدوره يتساءل الدكتور زين عبد الهادي رئيس قسم المكتبات والمعلومات كلية الآداب جامعة حلوان من حقنا أن نعرف هل نتحدث عن دائرة معارف هدفها مصر فقط أم دائرة معارف ترتبط بالعالم, فنتحدث عن عمل يستهلك مليارات, وهل سنبقي شيفونيين أم الحديث سيصبح عن علاقة مصر بالعالم. ويكمل زين أعتقد أن اللجنة المختارة هي محركة ستنبثق عنها لجان أخري بها علماء وشباب, لكن اللجنة لم تعلن عن توجهاتها الموضوعية, إذ كانت دائرة المعارف ورقية أو رقمية لأن لكل منها ترتيبه الخاص الذي يسهل علي طالب المعلومة الوصول لها, ولم تحدد المجالات التي تتناولها الموسوعة, ولم تحدد هيئة تقنية, لذا أنا لا أتخيل أننا نتحدث عن موسوعة تشبه دائرة المعارف البريطانية التي لم يتكرر مثلها في التاريخ والتي تشمل بموضوعاتها الكرة الأرضية بأكملها, لذا الحديث عن دائرة معارف مصرية يحتاج إلي مراجعات أخري مع تقدم الحديث عنها. ويري د. عماد أبو غازي أنه لايوجد تعارض في انشاء دائرة المعارف المصرية مع الثورة المعلوماتية, لأنها ستكون متاحة ورقيا لمن يرغب في اقتنائها ورقية, وسوف يوجد منها نسخة أخري رقمية تتاح عليCD أو قاعدة بيانات, لأنه لا يمكن إنشاء دائرة معارف في القرن ال21 دون ربطها بالتكنولوجيا. ويذكر أبو غازي أنه تم عقد اجتماع أولي تم به وضع تصورات للإطار النظري للموسوعة, والمناهج المستخدمة في كتابة المواد, وستكون الخطوة التالية تحديد الأسماء المشاركة, وهيئة التحرير التي تضم خبراء من مختلف المجالات. وقال د. جابر عصفور لايجب ان نستعجل الحديث عن الموسوعة وطبيعة عملها وتحريرها حتي تضع اللجنة تصورات واضحة ونهائية للموسوعة من خلال الاجتماعات التي ستقوم بها قريبا.