عمار الشريعي الذي غيبه الممات قبل عام مازال حاضرا بموسيقاه وألحانه التي تحمل موهبته الفذة والذي استطاع من خلالها عبور حدود المكان والزمان, هذا الرجل الذي كف بصره استطاع أن يحصل علي ليسانس آداب قسم اللغة الإنجليزية ويتعلم الموسيقي بعد ذلك ليصبح عازفا شهيرا ثم ملحنا ملأ الدنيا بموسيقاه الذي برع فيها فكان صاحب بصمة فريدة في وضع الموسيقي التصويرية للعديد من الأعمال الدرامية بالإضافة إلي تلحين العديد من الأغنيات لكبار المطربين. وفي ذكراه الأولي قال الشاعر عبد الرحمن الأبنودي الذي لازمة رحلة كفاح طويلة امتزجت خلالها كلماته بالأحان هذا الموسيقي الرائع أن الشريعي حالة استثنائية علي المستوي الفني والإنساني حيث تربطنا صداقة امتدت لسنوات عديدة, مؤكدا أن البداية كانت من خلال مسلسل عبد الله النديم الذي مازال علي الحجار يتغني بأغانيه في بعض أمسياته ثم تتابعت أعمالنا بعد ذلك فكان مسلسل أبو العلا البشري وفيلم الجريء وفيلم قفص الحريم وبعض الأغنيات لعدد من المطربين منهم وردة وميادة الحناوي ومدحت صالح ونادية مصطفي ومحمد ثروت ثم حدثت بيننا قطيعة طويلة استمرت لعشرين سنة ولكني فرجئت به يأتي إلي الإسماعيلية مع علي الحجار و محمود سعد ومن وقتها عدنا مرة أخري نتهاتف بالتليفون كل يوم وللحق في تلك الفترة التي توقفنا فيها عن العمل سويا أنجز خلالها الشريعي مع شعراء آخرين أعمال كثيرة مهمة أثبت من خلالها أنه موسيقار صاحب بصيرة وبعد التصالح قدمنا عدد من الأعمال الدرامية سويا هما مسلسلات الرحايا وشيخ العرب همام و وادي الملوك. قبل الرحيل تذكر الأبنودي آخر مكالمة بينه وبين الراحل وقال كانت قبل وفاته بيوم واحد وكانت أطول مكالمة جرت بيننا استعرض خلالها المواقف التي مررنا بها سويا والأعمال التي أنجزناها معا واعتذر عن سوء فهمه الذي أدي إلي تخاصمنا وقال الأبنودي طوال خصامنا لم يسيء أحد منا للآخر لأنها كانت صداقة حقيقية غير مزيفة مضيفا بشكل عام عمار كان حالة من المقاومة والبطولة علي المستوي الخاص لا يقل الجهد الذي بذله عن الجهد الذي بذله إمامه وقدوته طه حسين حيث تدرج في الموسيقي من العزف خلف المطربين إلي أن جعل المطربين أنفسهم يتزاحمون عليه رغبة في ألحانه وموسيقاه. الشريعي مطربا وأكد الأبنودي أن الشريعي كان يمتلك صوتا جميلا وقال طلبت منه أن يؤدي بصوته أغاني فيلم البريء لأنني كنت علي يقين أن الدور يحتاج لصوت لا يعرفه الناس وبالفعل أدي ذلك بنجاح كبير وكذلك غني الشريعي أغاني سباعية لم تر النور بعد رغم أهميتها لأن أحدي رئيسات التليفزيون قالت إنها كئيبة وتصوروا أن هذه الكئيبة هي المعذبون في الأرض لعميد الأدب العربي الدكتور طة حسين وما يحزنني حقا ليس جهدي الذي بذلته في عمل من إخراج يحيي العلمي وإنما لأن الناس لم تستمع لغناء عمار الشريعي في العمل. وقال الأبنودي مع عمار كنت أكتب الكلام وكأنه قصائد لإنه كان حالة فريدة تخجل منه الكلمات ولذلك كان التعاون بيننا أكثر في المسلسلات الدرامية لأنها أقرب للشعر منها إلي النصوص الغنائية ولأن الشريعي كان يفهم جيدا في الكلمات كنا نراه أحيانا يعيد صياغة بعض الجمل لبعض الشعراء الذي تعامل معهم بحرفية شديدة. ونعي الأبنودي الشريعي بشديد من الحزن والأسي وقال يعز علي فراقة لأنه يحتل مساحة كبيرة وحقيقية في حياتي حتي بعد غيابة ومازلت أحيانا في بعض الأوقات تتجه يدي إلي التليفون أحدثه متناسيا أنه رحل عن دنيانا لأن شخصية مثل الشريعي من الصعب تخيل رحيلها و قد كان رحمه الله نعم الصديق. رابط دائم :