رئيس الوزراء يتابع خطط وإجراءات التوسع فى مشروعات تحلية مياه البحر وتوطين الصناعة الخاصة بها    قاض أمريكي يحكم بعدم جواز ترحيل الناشط الفلسطيني محمود خليل    إسرائيل: على المجتمع الدولي الرد بحزم على عدم امتثال إيران واتخاذ تدابير لمنعها من تطوير أسلحة نووية    الترجي يصل إلى أمريكا استعدادًا لكأس العالم للأندية    كلمة واحدة ورقم جديد.. الكشف عن قميص أرنولد مع ريال مدريد    مفاجأة.. شكوك تحيط بمستقبل دوران مع النصر    تعليم الأقصر تكثف استعداداتها لامتحانات الثانوية العامة: انضباط وتأمين مشدد داخل اللجان    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    النيابة تصرف عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون والاستعلام عن المأذون في واقعة زواجه من قاصر    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    اليوم.. عرض بير السقايا وأسطورة الغريب بثقافة قنا ضمن مسرح إقليم جنوب الصعيد    وزير الثقافة يفتتح المعرض الاستعادي للفنان الراحل أشرف الحادي "الفنان النبيل".. صور    سوريا: مقتل شاب واعتقال 7 آخرين في توغل إسرائيلي بريف دمشق    «ماضيين إيصالات أمانة».. المجلس القومي للطفولة والأمومة يُعلق على واقعة زفاف الشرقية    تداول 4 آلاف طن بضائع و228 شاحنة بموانئ البحر الأحمر اليوم    "الزراعة" تنفذ سلسلة من الأنشطة الإرشادية والتواصل الحقلي لدعم المزارعين بالمحافظات    موعد مباراة الأهلى ضد إنتر ميامى في افتتاح كأس العالم للأندية    الزمالك يكشف تفاصيل تكاليف سفر أحمد حمدى لألمانيا    محافظ دمياط يستقبل وزير الشباب والرياضة بديوان عام المحافظة    صحيفة أمريكية: شعبية ميسي لم تنقذ مباراة الأهلي و«ميامي» جماهيرياً    سعر اليورو اليوم الخميس 12 يونيو 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    وزارة المالية: تخصيص أرض بالبحر الأحمر للوزارة لا يعنى بيعها بل تطويرها وجزء منها ضمانة لإصدار الصكوك.. الأرض ستظل تحت ملكية الدولة.. نستهدف تحسين الأوضاع وخلق حيز مالى لزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية    منطقة سوهاج تعلن عن أوائل الشهادة الابتدائية للعام الدراسى 2024/2025    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص ب المنيا    «الداخلية» تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالدولار بحصيلة 11 مليون جنيه خلال 24 ساعة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    بدء تسليم المرحلة الثامنة التكميلية بأراضي بيت الوطن بالعبور الجديدة.. 22 يونيو    تجارة أسيوط تكرم عمالها تقديرًا لعطائهم وجهودهم المخلصة    خلال لقائه مع مبعوثة الاتحاد الأوروبى.. وزير الخارجية يؤكد على ضرورة الحفاظ على استقرار الممرات الملاحية الدولية    انقطاع كامل خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة في قطاع غزة    متحدث الوزراء: نتبع أعلى المعايير العالمية فى إدارة المتحف المصرى الكبير    عبد الرحيم كمال رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة ممدوح الليثي ب «الإسكندرية السينمائي»    «الداخلية»: تحرير 132 مخالفة لمحال غير ملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    منظمة الصحة العالمية: رصد متحور كورونا جديد بصورة متقطعة في ألمانيا    صينية تحاول اقتحام منزل جونجكوك بعد ساعات على تسريحه من الخدمة العسكرية    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    وزير الخارجية والهجرة يلتقي الرئيس التنفيذى لشركة سكاتك النرويجية    خطة ال1000 يوم.. الصحة تُطلق مبادرة التنمية السكانية تحت شعار بداية جديدة    بعد واقعة عريس متلازمة داون.. طبيب نفسي يوضح الحالات التي يُمنع فيها الزواج    الغفوة الصباحية بين الراحة الوهمية وتشويش دورة النوم.. ماذا يقول العلم؟    أقرب رفيق.. برقية تهنئة من زعيم كوريا الشمالية لبوتين بمناسبة يوم روسيا    كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة فى كأس العالم للأندية 2025    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    الكنيست الإسرائيلي يصوت على حل نفسه.. ونتنياهو يضغط على الحريديم    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    محافظ الدقهلية في زيارة ليليلة مفاجئة لمدينة جمصة    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    انهيار جزئى لسور عقار قديم غير مأهول بالسكان فى المنيا دون خسائر    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤامرة
نشر في الأهرام المسائي يوم 04 - 12 - 2013

قد يعتبرها البعض خيانه للوطن، ولكنها كانت بمثابة بصيص الامل الوحيد لبعض الشباب الذي رأي فيها فرصة ذهبية لتحقيق آماله فأخذ يعد لها نفسه بحزمة من الدورات التدريبية "الكورسات"
وشهادات الخبرة التي قد تمكنه من اللحاق بقطار العمل بعد التخرج، إلا ان اغلبهم اصطدم بالواقع من حيث ندرة فرص العمل علي مستوي القطاعين العام والخاص، مما اضطر العديد منهم لحزم أمتعته "العلمية" والتفكير في الهروب من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بالبحث عن حلمه في دولة أخري حتي وان كانت هذه الدولة هي إسرائيل.
فبمجرد أن أعلنت بعض مواقع التوظيف عن توفر فرص عمل بالعديد من الدول الأجنبية وعلي رأسها إسرائيل، مع استخدام بعض العبارات "المعسولة" تتحدث فيها عن إنجازات الدولة في العديد من المجالات كحماية البيئة، وتعبر عن القدر الذي وصلت إليه إسرائيل من الديمقراطية والعدالة في توزيع الدخل علي جميع سكانها، عبارات استقطاب كانت أشبه بوضع "السم في العسل"، إلا ان عددا كبيرا من الشباب المصري بادر بتسجيل المؤهلات العلمية والبيانات الشخصية للتقدم لهذه الوظائف، بل ان البعض منهم عرض أن يعمل في أي وظيفة فقط من أجل التخلص مما يعانيه داخل وطنه من البطالة.
-- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء
أكدت دراسة صدرت أخيرا عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي أن هناك 54 ألف عالم وخبير مصري في الخارج يعملون في مختلف التخصصات العلمية من بينهم 11 ألفا في تخصصات نادرة و94 عالما في الهندسة النووية و36 في الطبيعة الذرية و98 في الأحياء الدقيقة و193 في الالكترونيات والحاسبات والاتصالات، وتبين الإحصاءات أن أمريكا تحظي بالنصيب الأكبر من الكفاءات والعقول المصرية المهاجرة بنسبة 39%، تليها كندا بنسبة 13.3% وإسبانيا في المؤخرة بنسبة 1.5%.
وتؤكد الإحصائيات ذاتها أن عدد العلماء المصريين بالخارج من ذوي التخصصات النادرة يقدرون بنحو 618 عالما منهم 94 عالما في الهندسة النووية، و26 في الفيزياء الذرية، و48 في الكيمياء، و25 في الفلك والفضاء و48 في البيولوجي والميكروبيولوجي و46 في استخدامات الأشعة السريمية، و22 في الجيولوجيا وطبيعة الزلازل و67 في المؤثرات الميكانيكية و66 في الكباري والسدود و93 في الإليكترونيات و72 في استخدامات الليزر و31 في تكنولوجيا النسيج.
-- قانون الهجرة ورعاية المصريين في الخارج
صدر برئاسة الجمهورية في 22 شوال سنة 1403 (أول أغسطس سنة 1983) قانون رقم (111) لسنة 1983 بإصدار قانون الهجرة ورعاية المصريين في الخارج باسم الشعب.
المادة الأولي: يعمل بأحكام القانون المرفق في شأن الهجرة ورعاية المصريين في الخارج ويلغي كل حكم يخالف أحكامه.
المادة الثانية: علي وزراء الدفاع والداخلية وشئون الهجرة إصدار القرارات المنفذة لأحكام هذا القانون خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به وعلي الوزير المختص بشئون الهجرة إصدار اللائحة التنفيذية له بعد الاتفاق مع وزير الداخلية خلال المدة المذكورة.
المادة الثالثة: ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره. يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها.
-- المؤتمر الدولي للسكان والتنمية
وفقا لما ورد في برنامج عمل للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية والذي اعتمدته "179" حكومة في عام 1994، ووافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوليه 1999 وعقد في القاهرة من 5 إلي 13 سبتمبر 1994، ذكرت فيه أسباب الهجرة إلي الدول الأخري، يأتي في مقدمتها الاختلال الاقتصادي الدولي، يليه التدهور البيئي المقترن بانعدام السلام والأمن، بالإضافة إلي انتهاكات حقوق الإنسان، وتفاوت درجات تطور المؤسسات القضائية والديمقراطية.
-- خبراء: كارثة كبري علي الأمن القومي وستؤدي إلي التطبيع الإجباري
"هناك العديد من فرص العمل للخريجين في مجال تكنولوجيا المعلومات والحسابات المالية والتسويق والإدارة مع هيكل الرواتب الجذابة والنمو الوظيفي"، عبارة بمجرد أن تسمعها تتوغل إلي عقلك لتنير "أفكارك" وتستقطب "ذهنك" فترسم خطوط الأمل التي يمكنها تغيير مجري حياتك، هذه كانت إحدي عبارات الجذب أو "الضحك علي الدقون" التي استخدمها أحد مواقع التوظيف عبر الانترنت "للعب" بأحلام الشباب الباحث عن فرصة عمل مستغلين في ذلك تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر عقب ثورة 25 يناير، ولكنها في الواقع تخفي وراءها العديد من علامات الاستفهام حول "رقة القلب المفاجئة" من الجانب الاسرائيلي علي شباب مصر.
في البداية يري اللواء محمود قطري، خبير أمني، ان هذه الظاهرة سيكون لها أسوأ تأثير علي الأمن القومي المصري حيث وصفها بأنها "كارثة كبري" ستعمل علي إحداث تطبيع إجباري بين الدولتين وتفتح المجال للتدخل في الشأن المصري من خلال هؤلاء الشباب المزدوج الجنسية بعد حصوله علي فرصة العمل بإسرائيل.
ويضيف أن طبيعة اسرائيل التآمر منذ آلاف السنين، ويري أن اختيارها لمثل هذا الوقت الحرج أمر في غاية الدهاء ويخضع للعديد من الدراسات والاستراتيجيات التي يقبع بعض المفكرين الاسرائيليين عليها للأخذ بالثأر من الدول العربية، مشيرا إلي أن في حالة ذهاب هؤلاء الشباب إلي اسرائيل فإنهم من المؤكد خضوعهم لبرامج محددة من قبل الموساد الاسرائيلي والذي يعتبره البعض أقوي جهاز مخابرات علي مستوي العالم ويمكن أن يتم تجنيد هؤلاء الشباب لخدمة اسرائيل دون أدني علم منهم.
ويؤكد قطري أن هذا الشباب الباحث عن فرصة عمل سيكون الوقود لتحقيق الاحلام والأهداف الصهيونية في التوسع وإقامة دولة تمد من النيل للفرات ان لم يتم تدارك الأمر في أسرع وقت ممكن، ولذلك يناشد الحكومة والسلطات المصرية بالتصدي لهذا الأمر السماخ مطلقا بسفر الشباب إلي اسرائيل وتطبيق العقوبات علي من يحاول ذلك بإسقاط الجنسية المصرية عنه ومنعه من العودة إلي مصر. ويشير إلي أهمية مراقبة جميع المصريين الموجودين حاليا بإسرائيل من خلال تطبيق منظومة الأمن الوقائي واتخاذ الإجراءات اللازمة بأسرع وقت ممكن، مؤكدا أن اسرائيل لن تسمح للمهاجرين إليها بأن يكونوا "عرب اسرائيل"، فربما تجبرهم الدولة علي تغيير ديانتهم تدريجيا عن طريق إضعاف الوازع الديني لديهم.
من ناحيته يقول اللواء فؤاد علام، خبير أمني، ان فكرة سفر الشباب المصري إلي اسرائيل غير مقبولة بالمرة، ويجب أن تتكاتف كل من وزارتي الشباب والثقافة من أجل اعداد برامج تدريب وتوعية للشباب الراغب في العمل خارج مصر مع محاولة إيجاد فرص عمل مناسبة لهم داخل مصر، فضلا عن دور وسائل الاعلام في تحذير الشباب من إمكان استقطابهم في الخارج وتحويلهم إلي مجرد ترس في آلة كبيرة تخدم الطرف الخارجي.
ويوضح ان الطامة الكبري في سفر هؤلاء الشباب لإسرائيل ان إجبارهم علي الزواج من الاسرائيليات كأحد شروط الحصول علي الجنسية والتمتع بمميزات أكثر وبالتبعية يصبح أبناء هؤلاء الشباب اسرائيليي الجنسية أو علي الديانة اليهودية، فنفاجأ بعد عدة سنوات بأن الجيش الاسرائيلي يحتوي علي آلاف من اليهود من أصل مصري مضطرين إلي الدخول في حروب مع العرب. ويعرب عن أسفه بشأن عدم وجود قانون يجرم سفر الشباب إلي الخارج وبالتالي فلا يمكن للسلطات المصرية التعامل مع هؤلاء الشباب أو منعهم من السفر للخارج حتي وان كانت هذه الدولة هي اسرائيل.
-- "علماء الدين": التعامل مع غير المسلمين جائز شرعاً. ولكنه يمكن أن يصب في مصلحة أعداء الوطن
يوضح الدكتور أحمد محمود كريمة، استاذ الشريعة الاسلامية بكلية الدراسات الاسلامية والعربية جامعة الازهر، ان الدين ليس له اي علاقة بمثل هذه الامور السياسية المتعلقة بالشئون الخارجية للدولة ويستشهد في ذلك بقول الرسول صلي الله عليه وسلم حينما قال "انتم اولي بأمور دنياكم" مشيرا الي ان تعامل المسلمين مع غير المسلمين من الديانات او العقائد الاخري جائز شرعا، خاصة ان الرسول (ص) تعامل مع اليهود من بني قريش، فالإسلام لم يحرم التعامل مع غير المسلمين في اي نص قرآني.ويضيف ان العمل في دولة مثل اسرائيل يشترط ان يدخل في نطاق الاعمال المدنية بحيث تكون بعيدة كل البعد عن تقوية العدو الصهيوني علي العرب، واضاف متسائلا: "ماذا يفعل شباب ضاقت بهم كل السبل في الحصول علي فرص عمل تكفل لهم الرزق الحلال" لافتا الي ان الشباب المصري فاقد للعدالة الاجتماعية وبالتالي فلاتجب محاسبته علي سعيه للرزق في دولة اخري من جانبها تقول الدكتورة هدي الكاشف، باحثة اسلامية وعضو المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة، ان فكرة السفر الي اسرائيل لاتقتصر علي فكرة الحلال والحرام وإنما تقع في نطاق التعامل مع أعداء الوطن، لافتة الي ان اي وظيفة سيتقلها الشباب المصري داخل اسرائيل ستصب بشكل مباشر في مصلحة أعداء الاسلام.
وتضيف ان الفكرة الرئيسية في الجهة التي يعمل هؤلاء الشباب لحسابها، خاصة ان دولة مثل اسرائيل معروفة منذ قديم الأزل بعدائها الشديد للعرب بصفة عامة وللمسلمين بصفة خاصة، وتساءلت مستنكرة "كيف لهؤلاء الشباب ان يذهبوا ويضعوا انفسهم تحت رحمة هذه الدولة المعادية لنفسها".
-- شباب يحلم بالسفر: الهروب من الظروف الاقتصادية دفعنا لذلك
"المفروض كنت أعمل إيه وأنا الدكتور بيقولي خلي ابنك يموت في البيت في وقت لم أمتلك فيه ثمن علاجه"، هكذا كان الدافع القوي لحسين محمد "38 عاما" للبحث عن أي وظيفة في أي دولة خارج مصر حتي وإن كانت هذه الدولة هي ألد البلاد عداءً لوطنه وذلك من أجل حياة كريمة له ولأسرته الصغيرة، حسب روايته ل "الأهرام المسائي".
وعقب عدة أشهر من إرساله للبيانات والمعلومات اللازمة عن مؤهلاته الدراسية عبر الانترنت تلقي اتصالات من أحد الأشخاص المصريين ليسأله عن الوظيفة التي يرغب بالالتحاق بها في إسرائيل، ولكنه في هذا الوقت توقف للحظة أدت به إلي التراجع عن قراره في الذهاب إلي هذه الدولة خاصة علي الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها علي حد قوله، موضحا أنه أقدم علي ذلك كوسيلة ضغط علي المسئولين للإحساس بمعاناة الشباب.
ويستنكر: "أنا كنت هشتغل في النور وبعلم كل الناس مش هاروح اشتغل جاسوس"، حيث يري من وجهة نظره أن الدول العربية تعتمد هي الأخري علي استغلال طاقات الشباب لتحقيق الأرباح، خاصة أنه سافر للالتحاق بالعمل في دولة قطر لمدة 9 أيام فقط ولكنه فوجئ بأنها كانت أشبه بعملية "نصب" علي حد وصفه، فضلا عن التعامل غير الآدمي مع المصريين اللاجئين هناك مما اضطره إلي العودة مرة أخري لمصر.
واستطرد روايته بأنه انتهي به الحال حاليا إلي العمل كفني لتصليح الأجهزة الالكترونية في أحد الشركات الخاصة، قائلا: "أنا مش قادر أدخل جمعية تساعد في مصروف البيت لأني مش ضامن استمراري في الشغل وممكن يستغنوا عنا في أي وقت"، حيث إنه تخرج من كلية التربية جامعة المنصورة عام 1999، ونظرا لوقف التكليفات الخاصة بالمعلمين في عام 1998 اضطر إلي العمل في إحدي الشركات في غير مجال دراسته لعدة سنوات، ولكن نتيجة للظروف الاقتصادية التي تعرضت لها مصر بعد ثورة 25 يناير اضطرت الشركة للتخلي عنه هو وآخرون، مما اضطره إلي البحث عن وظيفة أخري يتمكن بها من الحصول علي رزقه هو وأسرته إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل.
من جانب آخر يروي تامر صلاح، تجربته في الحصول علي فرصة عمل والتي أودت به إلي البحث عنها في إسرائيل، حيث إنه تخرج من كلية الفنون التطبيقية عام 2005 وكان يعمل في أحد مصانع النسيج التي تعتمد بشكل رئيسي علي التصدير للخارج، ولكن أيضا كنتيجة طبيعية لتردي الأحوال الاقتصادية في مصر عقب ثورة يناير تخلي المصنع عن الكثير من العمالة الموجودة لديه، مما اضطره إلي البحث عن وظيفة أخري في مجال دراسته بأحد مصانع النسيج المشهورة إلا أن المصنع قرر تأجيل صرف راتبه لمدة تزيد علي 4 شهور نظرا لظروف البلد الاقتصادية.
وظل يبحث عن وظيفة لمدة تزيد علي 4 أشهر تقدم خلالها للعديد من الوظائف في أي دولة أخري وكان من بينهم هذه الدول إسرائيل، فلم يكن لديه أي مانع للهجرة إليها في ذلك الوقت، خاصة بعد حالة الندم التي انتابت أحد أصدقائه والذي رفض فرصة عمل في إحدي شركات النسيج بإسرائيل وقبلها زميل آخر لهم وحقق أعلي المكاسب والأرباح من خلال هذه الوظيفة، مشيرا إلي أنه لايزال مستعدا للسفر إلي أي دولة عربية أو أجنبية، خاصة أن أحوال البلد الاقتصادية لا تنذر بأي تحسن علي حد قوله.
“ظروف البلد أجبرتني إن أفكر في السفر لأي دولة عشان لقمة العيش” هذا ما بدأ به أحمد علي حديثه عن الأسباب التي دفعته للتفكير في الهجرة إلي إسرائيل، ذلك الشاب السكندري الذي تخرج من المعهد الفني الصناعي عام 2010، أي عقب ثورة يناير مباشرة، حيث أنه كان يعمل بشكل مؤقت في إحدي الوظائف براتب يومي 20 جنيها والتي لا تكفي لشراء وجبة واحدة، حيث إن محل إقامته يبعد كثيرا عن مكان العمل، والذي كان يستهلك أكثر من نصف “اليومية” في المواصلات، فضلا عن ارتفاع أسعار المعيشة.
وأنهي حديثه قائلا: "ده مش حالي لوحدي ده حال كثير من الشباب في مصر مش لاقي شغل وظروف البلد مش سامحة بأي حاجة وأكيد الكل بيفكر في الهجرة".
في حين نفي كل من أحمد ياسر ومحمود أحمد كل ما نشر علي الموقع الالكتروني الخاص بالوظائف داخل إسرائيل مؤكدين أن البيانات الموجودة عن كل منهما علي الموقع صحيحة تماما ولكن لم يجرؤ أي منهما علي مجرد التفكير في الهجرة إلي إسرائيل، خاصة أن كلا منهما لديه وظيفة ثابتة، ولكن علي الرغم من ذلك لم تمنع هذه الوظيفة أحمد ياسر، حاصل علي ليسانس حقوق، من التفكير في السفر خارج مصر لتحسين مستوي دخله ولكن هذه المرة إلي المملكة العربية السعودية وليس إسرائيل.
-- محمد أبوغدير الشباب يدفع ثمن منظومة خاطئة
- يقول الدكتور محمد أبوغدير، استاذ الاسرائيليات بجامعة الازهر، ان ظاهرة انتشار المواقع الاعلانية عن الوظائف بإسرائيل ليست بالامر الجديد خاصة ولكنها تزايدت في الآونه الاخيرة منذ قيام ثورة 25 يناير، ويري أنها نتيجة طبيعية لمنظومة خاطئة خلفتها الحكومات السابقة منذ أكثر من 40 عاما مضي، مشيرا إلي ان مصر تشهد مرحلة انتقالية قد تطول لسنوات أخري يصعب علي الشباب انتظار انتهائها لحدوث التغيير المنتظر.
ويؤكد ان إقبال الشباب المصري والذي يمثل ما يزيد علي 40% من المجتمع علي فرص العمل حتي وان كانت بإسرائيل مجرد نوع من الغضب والضغط علي الأنظمة والحكومات لتوفير العمل للشباب داخل الدولة، حيث ان غالبية ذوي هؤلاء الشباب لن يوافقوا علي سفرهم لإسرائيل ولو بملايين الجنيهات.
ويضيف أبوغدير ان السفر إلي الدول الاخري اصبح امرا سهلا يصعب علي اجهزة الدولة منعه والدليل علي ذلك انتشار هجرة الشباب بشكل غير شرعي، ويري ان الاجدي حاليا هو التفكير في ايجاد الحلول السريعة للشباب في ايجاد فرص عمل من خلال تعاون رجال الاعمال مع المؤسسات المختلفة للدولة في انشاء المشروعات كثيفة العمالة.
-- علم النفس: تدهور الأوضاع الاقتصادية أحدث حالة من الاغتراب داخل الوطن. وعلي الدولة تدارك الأمر
- حالة من الذهول تنتابك يمكن ان تجعلك تتمتم بعبارات استهجان غير مفهومة وتثير بداخلك العديد من التساؤلات أحقا أصبح الامر عاديا؟ اين ذهب انتماء هذا الشباب؟ هذا هو حال أغلب المواطنين عند سماعهم لخبر تقدم العديد من الشباب المصري للعمل في اسرائيل، وفي محاولة لفهم ما يدور بعقل الشباب حاليا ومعرفة ما طرأ عليه من تغيير. يوضح الدكتور سمير عبدالفتاح، استاذ علم النفس السياسي بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها، ان هناك ارتباطا وثيقا بين الحاجة الانسانية والمتطلبات الاقتصادية من جهه وبين استقرار الدولة والاحساس بالامن والامان من جهه اخري، مشيرا إلي ان المرحلة التي تشهدها مصر من تدهور الاوضاع الاقتصادية من شأنها ان تعمل علي خلق حالة من الاغتراب داخل الوطن، وهذه الظاهرة تستغلها بعض الدول مثل اسرائيل في جذب أجود العقول المصرية واكثرها تميزا عن طريق حلم توفير فرص عمل بمرتبات خيالية.
ويضيف ان حالة الاغتراب داخل الوطن تدفع الشباب لليأس الذي يقودهم بدوره إلي التفكير في الهجرة إلي أي دولة اخري يتمكن فيها من الحصول علي فرصة عمل مناسبة والتي تمثل له الأمان النفسي حتي وان كانت هذه الدولة اسرائيل أبرز الدول عداء المصر علي مر السنين.
- ويري عبدالفتاح أن أجهزة الدولة منذ قيام ثورة 25 يناير لم تهتم بإنشاء مشروع قومي يلتف حوله الشباب من خريجي الجامعات لاستيعاد هذه الطاقة البشرية الهائلة والتي تعتبرها بعض الدول الاجنبية اهم الموارد لديها، خاصة ان 50% من الشعب المصري تتراوح أعماره فيما بين 15 إلي 45 سنة - اكبلر طاقة انتاجية.
- ويؤكد ان انتماء هؤلاء الشباب للدولة لن ينعدم، فالانتماء لا يتم الشعور به في ظل حالة عدم الاستقرار أو مع وجود "الجوع" علي حد تعبيره، وكل ما يحتاجه هؤلاء الشباب هو توفير المجال المناسب لإظهار هذا الحب والانتماء تجاه مصر.
في حين ترفض الدكتورة هالة يسري، استاذ علم الاجتماع، وصف توجه عدد من الشباب المصري تجاه فرص العمل في اسرائيل واستعداده للهجرة إليها بأنه ظاهرة، حيث تصفه بأنه نقص في انتماء وولاء هؤلاء الشباب للدولة ويمكن ان يكون أحد نتائج قصور التعليم أو تباطؤ أجهزة الدولة في استيعاب هذه الطاقات.
- وتوضح ان التوقيت الذي تسعي فيه دولة مثل اسرائيل لاجتذاب عدد من الشباب المصري وتقديم يد المساعدة لهم في ظل الظروف الاقتصادية الحالية من شأنه ان يثير التساؤلات والشكوك لديهم للتأكد من طبيعة العمل المتوفر داخل اسرائيل، لافتة إلي ان تتشكك في ان هذه المواقع غير حقيقية ومراقبة من قبل الموساد لبث البلبة بين الشباب المصري.
- وتضيف انه لا يمكن انها يتم توجيه اللوم بأكمله إلي الدولة خاصة انها مكبلة بمجموعة من القيود التي تزيد من اعبائها الاقتصادية، مؤكدة ان دول العالم تتقاسم الادوار بين كل من الحكومات والقطاع الخاص والقطاع الاهالي في توفير فرص العمل من خلال إقامة العديد من المشروعات التنموية، ولكن في مصر اصابع الاتهام كلها موجهة تجاه الدولة فقط.
وتصف الشباب المصري بأنه لا يسعي لإيجاد فرصة عمل مناسبة بل ينتظر من الدولة توفيرها له بأقل مجهود ممكن، مؤكدة ان من يريد الحصول علي فرصة عمل شريفة تمكنه من الحصول علي قوت يومه ليست بالحلم صعب المنال، كما تطالب الحكومة بسرعة العمل علي إقامة مشروعات قومية تخدم مصر وتستوعب العديد من الشباب خريجي الجامعات والمؤهلات الدراسية الاخري.
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.