الاختراق السياسي للأديان هو عمل ينطوي علي استخدام الدين مطية أو وسيلة لتحقيق أهداف سياسية لا علاقة لها بالدين وهي الوصول إلي السلطة السياسية وكرسي الحكم. فقد تعرضت الديانة اليهودية للاختراق السياسي بواسطة الصهيونية. والصهيونية هي حركة سياسية تدعو بالقول وتسعي بالمساعدات المالية والأدبية إلي استقرار اليهود في فلسطين وإقامة الدولة اليهودية. ووفقا لهذه الحركة فإن الصهيوني هو اليهودي الذي يفضل العيش في فلسطين ويساعد ماديا وأدبيا اليهود الذين يرغبون في الاستيطان في فلسطين في ظل الدولة اليهودية. ونشأت الحركة الصهيونية في روسيا لذلك فإن اليهود الروس كانوا العمود الفقري للكيان اليهودي الصهيوني في فلسطين وإقامة الدولة العبرية. أما الديانة المسيحية فقد تعرضت للاختراق السياسي عندما قام رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا في العصور الوسطي بالسيطرة علي شئون الحكم في شكل الدولة الدينية التي كانت تقوم علي فكرة أن الله هو الذي خلق الدولة وأنه هو الذي يختار الملوك مباشرة لحكم الشعوب وكان الملك هو المفوض من الله في حكم البلاد. ويعني ذلك وجود ربط بين الدين والدولة في شكل الدولة الدينية. وقد تخلصت أوربا من حكم الدولة الدينية عقب الثورة الفرنسية بظهور فكرة العلمانية التي نادت بفصل الدين عن السياسة. ولكن لم تقف محاولات الاختراق السياسي للمسيحيين عند هذا الحد بل جاءت محاولات أخري لتنفيذ هذا الاختراق في شكل المسيحية الصهيونية. وهي حركة تهدف إلي تدعيم دولة إسرائيل. ويقوم الأساس الديني لهذه الحركة علي التقاء الفكر اليهودي والفكر المسيحي في فكرة المسيح المنتظر الذي سوف يجئ إلي العالم مرة أخري وسوف يقف مع إسرائيل ضد كل قوي الشر في العالم. كما يقوم هذا الاختراق السياسي للمسيحية بواسطة الحركة الصهيونية علي مكون أساسي من مكونات الفكر اليهودي وهو أن شعب إسرائيل هو شعب الله المختار وأن الله يحب أولئك المسيحيين الذين يدعمون إسرائيل ومن خلالهم تعود إسرائيل إلي أرضها. وفكرة المسيح المنتظر هي الثغرة التي اخترقت من خلالها الصهيونية الديانة المسيحية لتقنع المسيحيين بأن قيام دولة لليهود هي إسرائيل وعاصمتها القدس في فلسطين هي الخطوة التي تسبق المجئ المنتظر للمسيح. أما بالنسبة للإسلام فقد ظهرت في القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين تنظيمات سياسية اخترقت الإسلام سياسيا واتخذت من الدين وسيلة لتحقيق أهداف سياسية تتمثل في إقامة حكومة إسلامية أو خلافة إسلامية تحكم بالشريعة والسنة المحمدية وتقوم علي أن الإسلام دين ودنيا ولا يوجد فصل بين الإسلام والسياسة حتي ولو كان ذلك باستخدام القوة أو إثارة الشعوب علي أنظمة الحكم القائمة وإسقاطها ومن أمثلة هذه التنظيمات السياسية التي اخترقت الإسلام الحركة الوهابية في الجزيرة العربية وحركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان وجماعة الإخوان المسلمين في مصر وهي الجماعة التي تولد من رحمها جماعات أخري مثل التكفير والهجرة وجماعة الجهاد وحركة المقاومة الإسلامية حماس. خبير الاقتصاد والتمويل والاستثمار