استغرب من محاولات البعض مواجهة المتطرفين والمتعصبين ببدلاء مدربين أو غير مدربين لا لشيء إلا أنهم أقل تطرفا, وسواء كان هذا التبديل المتعمد أو الاجباري بحسن نية أو نتيجة ظروف الملعب السياسي وكروته الحمراء فإن الأمر ربما ينتهي دمويا وفوضويا لأن التطرف مهما اختلفت درجاته يبقي تطرفا لا يعترف إلا بنهاياته دون ثبوت أو دلالة. أقول ذلك وقد تابعت لقاء الرئاسة المؤقتة مع من أسمتهم بالمنشقين عن الإخوان, واستمرار التفاوض السري والعلني مع قيادات من الجماعة الإسلامية وأحيانا أعضاء حزب النور وغيره من الأحزاب ذات المرجعية الدينية التي يريد المتحاورون في لجنة الخمسين حذف تلك الأحزاب من معالم الخريطة الدستورية بينما يتفاوض آخرون مع رموزها بنفس الطريقة التي تتفاوض بها الدولة رسميا وشعبيا مع السيدة كاترين آشتون! وما حدث مع منشقي الإخوان وقيادات النور وفتوات الجماعة يتكرر ولكن بصورة مختلفة مع من أطلقوا علي أنفسهم الجبهة الوسطية لمجابهة الغلو الديني والعنف السياسي, والتي قيل إنها تضم مجموعة من القيادات الجهادية السابقة وكأن هناك جهادا قبل المعاش وبعده أو تحت السن وفوقه أو أنه مهمة لبعض الوقت يتفرغ منها المجاهد ويتخلي عن التكفير ليصبح مجاهدا سابقا, ثم ذهبت تلك القيادات لتعلن أمام كاميرات الفضائيات ما أسمته ب النفير في مواجهة غلو التكفير وكأنها تغازل النفير الإخواني والفرار السلفي والتكفير الجهادي الذي نطالع مشاهده علي أرض الواقع في سيناء وكرداسة ودلجة والعياط وطامية وغيرها من البلدان التي دفعت ثمن عنف وإرهاب المجاهدين الحاليين. ولو كنت مكان هؤلاء الجهاديين السابقين لسارعت إلي إعلان هذا النفير في الشارع وواجهت بالحجة والبرهان أدعياء التدين وتجار الشريعة وسماسرة الشرعية أمام المساجد التي تنتهك, والكنائس التي تهدم وتحرق, والدماء التي تراق, والمؤمنين الذين يكفرون, والمتدينين الذين يضللون بحجة أنهم يرفضون زيف المراجعات سواء في السجون أو غيرها وهي ستائر المدرسة التي تخرج فيها عاصم عبدالماجد وطارق الزمر وغيرهما الآلاف الذين تابوا خلف القضبان ليحرضوا علي قتل الأبرياء خارجها بمراجعات أمنية وفقهية تشبه نظرة هؤلاء الجهاديين إلي الخلوة الشرعية في السجون وجهاد النكاح في رابعة والنهضة! ودشنت الجبهة في مؤتمرها مراجعات فقهية جديدة ضد العنف والإرهاب, وفكر التكفير, مؤكدة أن ما يميز تلك المراجعات, اعتماد الأزهر مرجعية لتلك المراجعات التي شارك فيها جهاديون وإسلاميون بمحض إرادتهم علي عكس المراجعات الأولي التي تمت في السجون. وعلي من يريد أن يكون صادقا مع نفسه ووطنه ألا يصدق كل من جلس أمام كاميرا ليتاجر بلحيته ويرفض العنف والتكفير في العلن ويمارسه بحرفية واقتدار خلف ستائر قناعات بأنهم يخدعون العدو وأن حكام الدولة المصرية الآن من الأعداء, وكفانا تهريجا فلن ننجح في محاربة المتطرفين بالأقل تطرفا! رابط دائم :