تحتفل إذاعتنا المصرية كل عام في نهاية شهر مايو يوم31 بعيد بدايتها أو نشأتها1934 أي أن عمرها حاليا ستة وسبعون عاما أطال الله في عمرها ونتمني أن يتجدد شبابها دائما وإذا كنت في بعض الأحيان انتقد أو أقسو في كتابتي عن الإذاعة لأنها عشقي وعشت فيها وفي كل استديوهاتها خمسة وخمسين عاما وحصلت علي أول ميدالية في عيدها الفضي كأول موسيقي من الاستاذ عبد الحميد الحديدي وحصلت علي الميدالية الثانية في العيد الذهبي من السيد الاستاذ صفوت الشريف وتحول عيد الإذاعة بعد ظهور التليفزيون إلي عيد للإعلاميين وخطف التليفزيون الأضواء من الإذاعة بعض الوقت وخصوصا في الموسيقي والغناء وحول المستمع إلي مشاهد وأصبحنا نشاهد الأغنية ولا نهتم بسماعها وسماع كلماتها وأصبحت الصورة تخطف الابصار وأصبح هناك جيل لا يعرف ولا يهتم بمعاني الكلمات وعندما يسمع أغنية أو قصيدة يتعجب ويسأل هل هذه لغة عربية وهذا ما حدث معي وأنا راكب التاكسي ومعي الزميل الموسيقي جميل البابلي ونحن نتناقش في أغنية وقصيدة الشاعر الكبير شاعر النيل حافظ ابراهيم( وقف الخلق) ونردد بعض أبياتها ونتعجب من الظلم الذي يقع من القوي علي الضعيف. وتقول كلماتها أمن العدل أنهم يردون الماء صفوا وأن يكدر وردي أمن الحق أنهم يطلقون الأسد منهم وأن تقيد أسدي والتفت السائق إلي جميل البابلي وقال له الكلام الحلو ده عربي فقال له طبعا عربي ولو فتحت الإذاعة المصرية تسمعه فقال له السائق بافتح محطة(F.M) ومفيهاش الكلام ده. ومن هنا أقول للمسئولين بالإذاعة أن تكثر وتلح في اذاعة الأغاني والقصائد ذات المعاني الجميلة العاطفية والوطنية والدينية حتي نواجه الهوجة الكبيرة التي وصلت بنا إلي هذا الهبوط الغنائي في الكلمة واللحن والأداء وأنا لا أفرض ولا أرفض علي أبناء هذا الجيل أن يكون لهم أسلوب وإيقاع وكلمات وألحان تصلح وتواكب سرعة العصر مع الاحتفاظ بهويتنا المصرية وأنغامنا الشرقية وكلمات محترمة لا تخدش الحياء وهذا لا يقدر عليه إلا الإذاعة المصرية والإذاعيون وليس الموظفين الذين يجلسون علي المكاتب ونسمع ونحفظ أسماء نجوم الاذاعة كما نعرف نجوم الفن والكورة والسياسة في جيلنا كنا نسمع كلمة( كروان الاذاعة) محمد فتحي فمن هو كروان الاذاعة حاليا وكان الاذاعيون يتبارون في تقديم كلمات الاغاني بأصواتهم في حفلات أم كلثوم فمثلا تسمع صوت الاذاعي وهو يقول في قصيدة النيل من أي عهد في القري تتدفق ومن السماء نزلت أم فجرت من وبأي كف في المدائن تفدق عليا الجنان جداولا( تترقرق) إلي آخر القصيدة وكان الجيل يحفظ هذا الكلام ويسأل عن معانيه وهذه هي اللغة الجميلة التي فقدناها حاليا وأرجو من الاذاعة والاذاعيين وأنا أقول لهم كل سنة وأنتم طيبين كافحوا من أجل رفع شأن الاذاعة عن طريق الموسيقي والغناء الذي تم اغتياله في ظروف غامضة والكلمة الحلوة صدقة. والله ولي التوفيق