لا تزال الضربة العسكرية الأمريكية المحتملة علي سوريا تتصدر صحف العالم حيث تتناقل التقارير الاخبارية معايير الازدواجية في سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ففي الوقت الذي يتركز فيه التركيز الدولي بشكل مباشر علي دمشق, فإن وسائل الإعلام تتجاهل انحرافات الإدارة الأمريكية وانتهاكاتها المستمرة لسيادة الدول الأخري. فقد رأت صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية أن الخطوط الحمراء لواشنطن متناقضة وزائفة ومثيرة للجدل فلا يزال الأطفال حديثي الولادة في العراق تظهر عليهم تشوهات خلقية نتيجة للأثار الرهيبة التي أحدثتها القنابل الأمريكية التي استخدمت خلال الحرب علي بغداد ولم تكن هناك خطوط حمراء أيضا عندما استخدمت إسرائيل قذائف اليورانيوم في لبنان وغزة. وقدمت من جانبها مجلة تايم دليلا آخر علي الازدواجية الأمريكية والتي حذرت من استخدام واشنطن للقنابل العنقودية خلال التدخل العسكري في سوريا, حيث أكد تقرير لمنظمة الذخائر العنقودية الأسبوع الماضي أن الولاياتالمتحدة من أكثر الدول استخداما لتلك القنابل المحرمة دوليا والتي لا تقل خطورة عن الأسلحة الكيماوية فهي قادرة علي إيذاء المدنيين دون تمييز حيث تنقسم القنبلة إلي عشرات من المتفجرات المتفرقة والتي تتحول في حال عدم انفجارها إلي حقل ألغام دائم حتي بعد الهجوم. فيما أوضح مركز جلوبال ريسرش الكندي أن حرب الولاياتالمتحدة علي سوريا يمهد الطريق لسيناريو الحرب العالمية الثالثة حيث يري ميشيل شوسودوفسكي المحلل السياسي أن خطة واشنطن للتدخل العسكري في سوريا يمكن أن تؤدي إلي مزيد من التصعيد وإدماج أربعة مسارح للحرب تتمثل في أفغانستان وباكستان والعراق وفلسطين وليبيا الأمر الذي يؤدي في النهاية إلي حرب شرق آسيا الوسطي والشرق الأوسط, فأوباما يؤجج حروب أهلية في عدة دول وهي اليمن والصومال ومصر ومالي والنيجر من خلال رعاية الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة لإتاحة المجال للتدخل العسكري الأمريكي لمكافحة الإرهاب كما تدعي وذلك وفقا لوثيقة مشروع القرن الأمريكي الجديد. ويحذر شوسودوفسكي من أن الهجوم العسكري ستكون له تداعيات خطيرة في أجزاء أخري من العالم وخصوصا جنوب شرق آسيا والشرق الأقصي حيث تريد الولاياتالمتحدة مواجهة الصين وروسيا وهي أهم دول آسيا الاستراتيجية بالإضافة إلي أن العمل العسكري سيضع أمريكا وروسيا في مسار خطير وينذر بمواجهة محتملة حيث تسعي واشنطن للاستفادة من الحرب العالمية الباردة التي نشأت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. ومن جانبها رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن عزلة أوباما تتزايد مع تراجع الدعم لضرب سوريا ويحاول اوباما يائسا في توجيه حملة ضغط علي جميع المستويات علنية أو سرية من أجل الحصول علي دعم الكونجرس برغم سيطرة حالة كبيرة من التشاؤم علي مؤيديه. وتناولت وكالات الأنباء العالمية رأي مايك روجرز رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب في تصريحه لشبكة سي بي إس الأمريكية في برنامج واجه الأمة إن البيت الأبيض أحدث فوضي مربكة ومن المتوقع أن يقضي أوباما الايام القليلة القادمة في اجتماعات شخصية مع أعضاء الكونجرس. فيما اقترح نائب جيم مكجفرن وفقا لشبكة سي إن إن علي أوباما أن يسحب طلبه للكونجرس لعدم كفاية الدعم المقدم له ومن المقرر أن يلقي خطابا للشعب الأمريكي علي شاشات التلفزيون اليوم, ولكن حتي حلفائه السياسيين يخشون من هذا الخطاب حيث أن استطلاعات الرأي تظهر أن غالبية الأمريكيين يعارضون خطته للقيام بعمل عسكري في سوريا. رابط دائم :