عن أنس بن مالك رضي الله عنه , قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:( قال الله تعالي: يا ابن آدم, إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك علي ما كان منك ولا أبالي, يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء, ثم استغفرتني, غفرت لك, يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا, ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا, لأتيتك بقرابها مغفرة). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. في هذا الحديث القدسي الشريف يوجه الله نداءات عدة إلي من خلق من خلقه وجعلهم في أحسن تقويم إلي ابن آدم الذي خلق أباه بيديه وأسجد له ملائكته بين يديه وأسكنه جناته وأسبغ عليه نعمه ثم عصاه فتاب عليه وهداه ورحمه ونجاه. يقول الله تعالي في الحديث يا ابن آدم فهو سبحانه يذكرك بأنك ابن آدم الذي تاب عليه وهداه, ثم يقول سبحانه في الحديث إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك علي ما كان منك ولا أبالي فالله جل في علاه يرشدنا إلي طريق خلاصنا من آثامنا وذنوبنا ولم يجعل هذا لأحد من خلقه يتحكم في المغفرة للخلق بل بمجرد أن ندعوه ونحن منيبين إليه معترفين بذنوبنا بين يديه راجين منه أن يغفر لنا ما كان منا من أدران المعصية ووباء الخطيئة استجاب سبحانه فهو الذي أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة, ثم يقول جل في علاه فاتحا الأمل أمام العصاة ألا ييأسوا من كثرة المعصية ولو بلغت عنان السماء وألا يقطنوا من رحمته فهو الرحمن الرحيم وبيده الموازين, فيقول سبحانه يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء, ثم استغفرتني, غفرت لك, فسبحان الله الذي يعلمنا أنه ما من شر محض فمهما تلطخ الإنسان بالمعصية ومهما بلغت فإن بابه لا يغلق في وجه عبده إذا ما ناداه بل يحببه سبحانه ولا يبعده إذ ليس من رب سواه يدعي فيجيب أو يستغفر فيغفر فهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم يرشدنا الله سبحانه إلي ملاك الأمر كله وهو توحيده وعدم الشرك به فيقول جل في علاه يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا أي بملئها, ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا, لأتيتك بقرابها مغفرة أي بملئها مغفرة فنقاء الإنسان من أدران الشرك وإخلاص التوحيد لله سبحانه يغفر للعبد ما كان منه ولو ملأ الأرض إذ يلقي ربا غفورا رحيما.