في العيد أمس كان لمصر الحبيبة أكثر من صورة رائعة تشد فؤاد من يعشقها ويخلص في حبها ولم تعهد له خيانة في ارتباطه بها. كانت أصفاها قلبا وأرقها إحساسا وأنبلها صفة وأجملها ملمحا تلك التي لاحت في أفق تكبيرات العيد ومصافحة المصريين لبعضهم البعض وتبسمهم في وجوه بعض وتوادهم وتراحمهم في التوجه إلي ساحات الصلاة ومساجد التكبير, وكانت أنقاها ما ظهرت في كلمات خطيب الساحة التي صليت بها والتي تجمعت في اعتدال كلماته وتسامح دعوته وإعلائه للمشاورة في الأمر بدعوة للحكمة وحسن الموعظة والجدال, وخاصة حينما قال إن صلاح مصر لن يتحقق إلا عندما يتقي كل مصري الله سبحانه وتعالي فيما يقول ويفعل, فالإسلام لا يعرف العنف ولا التحريض علي القتل ولا الإتجار ببراءة الأطفال ولا الجهاد من اجل الزيف والباطل. هذا الصفاء الجميل والنقاء الرائع والصدق الذي غطي وجوه المصريين اصطدم بالصورة التي عكستها الميادين التي اتفقت علي الصلاة والتكبير والحمد والتهليل والدعاء واختلفت علي الهدف والمقصد, فهذا يتطلع إلي خارطة المستقبل التي رسمتها إرادة الشعب للخلاص من الكذب والغش وحماية مصالح الأهل والعشيرة وأن تكون لمصر سيادتها, وذاك ينتظر أن تتحقق الأحلام ورؤيا جبريل بكعك النهضة وبسكويت الشاطر ويعود المعزول المنتظر ليحمي ويعفو عن عصابة التحريض والعنف والقتل, وبينهما تشتعل الميادين والنفوس بفعل قوي التهديد علي منصات الكذب والافتراءات. في الفضائيات الأجنبية ووكالات الأنباء كانت مصر تحتفل بعيد الفطر المبارك ولكن بطعم سياسي ومذاق للصراع علي السلطة والجهاد في سبيلها والاستشهاد من أجل المرسي المنتظر واستمرار العبث بإرادة المصريين وتحدي رغبة غالبية الشارع المصري, ومثلما كانت الفوضي وصراع الحشد بحشد والميدان بميدان وترويع الأمنين وتهديد المواطنين بالمولوتوف والرصاص والخرطوش كان دعاء التحرير والاتحادية من أجل مصر وأمنها وسلامها وسلامتها وحفظها من عصابة الخونة والأشرار, وكان دعاء رابعة والنهضة علي جيش مصر وأهلها وتمكين مجاهدي الشر حتي يقتلوا خير أجناد الأرض في سيناء. بين الصور المتداخلة والملامح المتباينة كانت قلوب المخلصين من أبناء الوطن تعتصر حزنا علي مصر المحروسة, ولأنني أحسست بأن ما سمعته وتابعته في رابعة وميدان النهضة لا يعكس صورة مصر التي أعرفها وأريدها وأتمناها, فمن فيها يشوهون صورة الوطن والحقيقة ويستنجدون بالخارج ويستقوون به ويشيدون لتدخله في الشأن المصري والضغط علي المصريين جبالا من الأكاذيب والتضليل والافتراءات, فقد تمنيت أن يتم علي الفور فض احتشاد الإرهاب في الميدانين بعد منح المحتشدين فرصة للرحيل فإن لم يرحلوا فلابد وأن تكون الكلمة للقانون وسيادته وقوة الدولة. كفي تحرشا من جانب حملة رايات الكذب بمصير مصر التي لا يعرفونها ولا يدينون لها بالولاء ويشنون الحرب عليها من أجل مصالحهم وليست مصالح الوطن.