سجّل يا تاريخ.. برنامج مصر النووى السلمى حقيقة    السيسي يطمئن المصريين: تماسككم هو توفيق وفضل من الله    الرئيس السيسي يشهد اختبارات كشف الهيئة للطلبة المُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    كلية الحقوق بجامعة أسيوط تنظم ورشة تدريبية بعنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"    الكاميرات ليست حلاً «2»    تحول استراتيجي| ماذا قالت الصحافة الإيطالية عن الشراكة التعليمية بين مصر وروما؟    مصر للطيران للشحن الجوي تطلق حزمة خدمات مضافة جديدة    «الصحة الحيوانية» يستقبل وفد خبراء ألماني لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات    اتصالات هاتفية لوزير الخارجية مع عدد من القيادات اللبنانية السابقة خلال زيارته لبيروت    شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف بيت لاهيا شمال قطاع غزة    سيف الحرية.. يوسى كوهين يكشف كواليس فشل خطة التهجير.. مدير الموساد السابق: مصر رفضت الفكرة والرئيس السيسي أسقطها بالكامل.. ويكشف كواليس حرب الظل بين تل أبيب وطهران لسرقة الأرشيف النووى واستهداف العلماء فى طهران    الضعفاء وحدهم.. يدفعون الثمن!!    مشهد مروع.. مصرع 13 فى حريق ضخم يلتهم مبانى سكنية فى هونج كونج    قائمة غزل المحلة لمباراة سموحة في كأس مصر    الإدارية العليا تقضي بعدم قبول 14 طعنًا على نتيجة انتخابات النواب بالمرحلة الأولى    الأرصاد: تنصح المواطنين بارتداء الملابس الشتوية    حبس عاطل بتهمة تهديد جيرانه فى قنا    تحت رعاية محافظ دمياط، احتفالية "الأب قدوة" لتكريم النماذج المشرفة    مهرجان الفيوم يشارك في افتتاح مهرجان تونس للخزف ويعزز الحراك الثقافي والسياحي    أيتن عامر تنتهى من مشاهدها بمسلسل كلهم بيحبوا مودي داخل مصر بطولة ياسر جلال    "الألحان الخالدة" تحتفي بروائع الشريعي وهشام نزيه بأداء أوركسترالي مبهر    حسام حسني: المستشفيات الجامعية تلعب دورًا محوريا في مواجهة الفيروسات الجديدة    وفد الصحة العالمية يشيد بريادة سوهاج في تنفيذ مبادرة المدارس المعززة للصحة    وزير الصحة يلتقي كبير الأطباء بمستشفى أنقرة بيلكنت سيتي    وكيل صحة بني سويف: إحلال وتجديد مستشفى سمسطا المركزي ب 2 مليار جنيه    البحرين وعمان إلى كأس العرب بعد الفوز على جيبوتي والصومال    الزمالك يخطط لعودة رضا هيكل لتدعيم صفوف الطائرة    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاما يفوز على تونس في بطولة شمال أفريقيا    وزير الثقافة ينعى الناقد الدكتور محمد عبد المطلب    جهاد حسام الدين: تجربتي في «كارثة طبيعية» صعبة.. ومستحيل أخلف 7 أطفال في الواقع | خاص    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    "الإحصاء": 100% من سكان المملكة يحصلون على خدمات مياه الشرب والصرف الصحي    أخبار البورصة اليوم الأربعاء 26-11-2025    هيئة المجتمعات العمرانية توقع عقد أرض مشروع تجاري فندقي بقيمة 15 مليار جنيه    أبطال آسيا 2 - في غياب معتاد ل رونالدو.. النصر يكتسح استقلال دوشنبه برباعية    القبض على 3 متهمين اعتدوا على طالب بسلاح أبيض في الجيزة بقصد السرقة بالهرم    خالد جلال: "كاستنج" يسوّق المواهب الشابة بعرضها على الملايين    مجلس جامعة سوهاج يوافق على التعاون مع جامعة آدمسون بالفلبين    صدمة في الكرة المصرية..رمضان صبحي موقوف 4 سنوات بسبب المنشطات    الحكم محمود البنا يستغيث بالرئيس السيسي على مواقع التواصل    أهم أخبار الكويت اليوم.. الأمير يشارك باجتماع الدورة العادية ال46 لمجلس التعاون    انخفاض الذرة الصفراء، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    جامعة أسيوط الأهلية تعلن مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول    مجلس جامعة الأزهر يوجه الكليات بالاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    السجن 5 سنوات لمتهم باستعراض القوة وإحراز سلاح نارى فى سوهاج    الحبس 5 سنوات للمتهم بالتعدى على طفل من ذوى الهمم فى الإسكندرية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    مران بدنى خفيف للاعبى الزمالك عقب الوصول لجنوب إفريقيا    الجدة وحفيدتها.. انتشال جثتين من أسفل أنقاض انهيار منزل بنجع حمادي    حكم الإدارية العليا يشرح الفرق بين إلغاء الشهادات المهنية وتثبيت الأكاديمية    إجراءات حاسمة تجاه المقصرين في الوحدات الصحية بقنا    صوتك هو سلاحك.. نداء من نواب جولة الإعادة: لا مكان لشراء الأصوات    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    بركان كيلاويا في هاواي يطلق حمما بركانية للمرة ال37 منذ بدء ثورانه العام الماضي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العيد يبحث عن فرحته
نشر في الأهرام المسائي يوم 08 - 08 - 2013

نميل في غالب الأحوال إلي نقد الذات ومحاولة وضع النفس أمام مرآة النقد العجيبة التي تعاني من كسر في بعض جوانبها, فلا يري الانسان إلا صورة معوجة وتكوين متكسر غير متوافق.
ومثل هذا الشعور الغريب قد رأي بعض المتخصصين في مجال تأصيل الخصائص النفسية للشعوب بأن الروح العامة التي تميزنا هي روح الفكاهة والدعابة والبهجة‏,‏ إلا أن هذا الشعور يواكبه ضرب من ضروب العكننة أو الميل إلي إيذاء النفس وتغليفها بغلاف قاتم رهيب من العكننة والذي يحيل هذه البهجة إلي شعور قاتم وتعاسة وحزن‏.‏ والأيام المباركة تمر بنا ونعيش بين لياليها‏...‏ ويحتضننا شهر رمضان المبارك وفي هذا الشهر الكريم نعيش فرحة الإيمان وفرحة التعامل مع الأيام والليالي المباركة لهذا الشهر الكريم الذي يهذب النفوس ويصفو بالأفئدة‏...‏ إلا أنها في ظل المتغيرات والعوامل التي ظهرت في حيتنا قد أفقدتنا الشعور ببهجة رمضان وطغي العنف الذي شاهدناه من بعض الذين لا يعرفون معني الحياة الروحية ولا يقدرون المعايشة الروحية فطغت عليهم المصالح الشخصية والانتهازية فنسوا قيمة الشهر الكريم‏,‏ وطغوا في الأرض وتطلعوا لمصالحهم فقط وغلبهم شعورهم بالعنف وإيذاء الآخرين فنشروا من خلال أحقادهم وقصور فكرهم التوتر والاضطراب‏...‏ فضيعوا بهجة رمضان وأفسدوا لياليه الروحانية‏,‏ وبهجة ونشوة التعامل مع مقتضياته فغابت نتيجة لهذه السلوكيات التي أظهرها من يدعون الدين ولا يعرفون إلا مصالحهم‏...‏ غابت البهجة والفرحة الرمضانية‏...‏ فلم يعد الأطفال يمسكون الفوانيس ويمرحون في الشوارع والحارات والأزقة والنجوع بل خاف الأهل من سلوكيات أهل العنف والاعتداء فحبسوا الأطفال تجنبا للأضرار وحماية لأولادهم وأطفالهم من خطر الأشرار الذين يتوعدون الأبرياء ولا يسمحون بنشر البهجة والسعادة بين الآخرين بل يتجهون فقط إلي العنف والفوضي وإشاعة الذعر لتحقيق مصالحهم وتنفيذ مخططاتهم غير المشروعة‏...‏ فأفسدوا بهجة ليالي رمضان‏!!‏
ورمضان الشهر الكريم الفضيل كان ينتظر المناخ الملائم الذي يعطي الأفراد الفرصة من خلال صيامهم أن يتجهوا إلي الله إلا أن هؤلاء الذين يفكرون في إيذاء الآخرين يفسدون كل عوامل البهجة وينشرون العكننة من خلال تصرفاتهم غير المسئولة ودعوتهم بالباطل إلي ما يحقق مصالحهم ولأننا مقبلون علي انتظار العيد‏...‏ بعد انتهاء شهر رمضان والعيد يمثل فرحة لكل من أدي فريضة الصوم‏,‏ وهو يمثل خاتمة الشهر النبيل الذي يكرم صاحبه ويدفعه إلي الارتقاء وصفاء النفس إلا أن الظروف الراهنة المحيطة بنا‏,‏ وحرص بعض الأفراد غير الأسوياء أن ينشروا العنف والبطش بالآخرين وهم لا يحترمون قواعد أو أصول بل يتطلعون إلي مصالحهم ويسعون إلي تحقيق هذه المصالح مهما أدي بهم سلوكهم العنيف‏,‏ فهم لا يفكرون إلا في مصالحهم فقط ومصلحتهم الواهمة تدفعهم إلي نشر العكننة وإشاعة الفوضي والفزع بين الأفراد ولكي نحرص علي بهجتنا وابتساماتنا علينا أن نتجنب عوامل العكننة تلك التي تتبلور في‏:‏
‏*‏ عندما يصير حديث الأفراد عن انتشار ظاهرة عدم الاهتمام بالمصلحة العامة للمجتمع الذي نعيش بين جوانبه‏,‏ وهذا الوطن الغالي الذي يظلنا بسماؤه ويروينا بنيله العذب‏.‏
‏*‏ تزداد العكننة عندما يري الأفراد أن قدرا غير قليل من عيوبنا الأخلاقية راجع إلي انتقال عددي القدوة السيئة بحيث تتسلل هذه العدوي تدريجيا إلي المستويات العليا في المجتمع مرورا بالمستويات الدنيا فتجمع بين هذا وذاك‏.‏
‏*‏ تتجلي العكننة في أبشع صورها من خلال أسلوب النفاق والمجاملة والتطرف في إظهار المحاسن من خلال هذا السلوك المنزلف والذي يظن البعض وهم واهمون أن هذا السلوك سوف يعود عليهم بالمنفعة ويجلب لهم البهجة‏,‏ إلا أن هذا السلوك يؤدي إلي عكننة المنافق وعكننة الآخرين الذين يتعامل معهم والذي يشاهدون نفاقه ويراقبونه بعين النقد والاستهجان‏.‏
‏*‏ وتستمر العكننة في الظهور كملمح من ملامح الانفعال الذي يعبر عن عدم الارتياح وانعدام البهجة عند البعض‏,‏ أو عندما يشيع سلوك قلة الذوق وانعدام الشهامة والفهومية‏,‏ وينحسر سلوك الأدب والخشية والحياء‏,‏ ذلك الذي تحاول مجموعة العلاقات الاجتماعية الجديدة أن تطيح به وتقضي عليه من خلال تبادل المنفعة والغابة تبرر الوسيلة واللي تغلب به العب به و اللي يتجوز أمي أقول له يا عمي‏.‏
‏*‏ وتتلاشي البهجة أيضا في مواجهة العكننة التي تأتي من عدم قدرتنا في بعض الأحوال والظروف والملابسات علي أن نفصل بين الأهداف الشخصية بما فيها من أطماع وجشع مهين العمل الذي يفترض أن تقوم به ابتغاء مرضاه الله بموضوعية وأمانة بعيدا عن المصلحة الشخصية من عوامل ذاتية‏...‏ دون أن نضع في اعتبارنا أن هذا البلد الذي نعيش فيه‏,‏ وهذاالوطن الذي يحتضنا بين جوانبه‏,‏ ليس ملكا لفرد أو مجموعة أفراد‏,‏ ولكنه وطن الجميع‏,‏ وأن الذي يعمل بجد واجتهاد وأمانة وموضوعية وكفاءة هو ذلك الذي يرعي مصلحة الآخرين قبل أن يحقق مصلحته الشخصية‏.‏
‏*‏ وتظهر ملامح العكننة بجلاء ووضوح من خلال هذا السلوك السلبي الذي يجعل صاحب العكننة‏(‏ إذا صح هذا التعبير‏)‏ يميل إلي الانسحاب وعدم المشاركة الفعالة‏,‏ ويصاب بضرب من ضروب الاهمال المتعمد والمقصود‏,‏ لأنه يري أن الذي يعمل بجد هو نفسه الذي لا يقدر‏,‏ وأن الذي لا يعمل ولكنه يستخدم أسلوب التزلف للوصول يرقي ويتقدم‏.‏
ومن هنا لا يهتم بمصالح وطنه ولا يكترث بمشكلاته ولا يتعاون في حلها لأنه لا يري البهجة إلا في عيون وقحة سمحت لنفسها أن تأكل هي فقطو دون مراعاة لعيون الآخرين التي تلمع فيها دموع الحرمان‏!!‏
والذي يمكن أن يقال في أمر العكننة التي انتشرت بين جوانبنا من خلال ظهور بعض الأفراد والجماعات التي تسلح نفسها لإيذاء الآخرين‏,‏ ولا تراعي الله في أفعالهم‏,‏ وينسون في زحمة صراعاتهم ما نسميه الخلق الرفيع والمبادئ الأصيلة وإذا انتشرت العكننة بهذا الأمر فإن قضاء ليالي رمضان تشعرنا بالحزن علي الضغوط النفسية التي نعاني منها من شدة التوتر الذي بدأ ينتشر بين الأفراد والأطفال والنساء‏...‏ ومن أجل هذا الأمر المؤلم شعرت بعض القلوب الصافية الصائمة التي تتجه من خلال صيامها إلي المولي عز وجل أن يرحمنا ويحمينا من شر هذه الأفراد والجماعات التي تحاول أن تقضي علي بهجتنا وسعادتنا وراحتنا في شهر رمضان الكريم‏...‏ والعيد ينتظر نهاية الصوم ليعلن عن فرحته ويساعد كل صائم أن يتناول إفطاره في أيام العيد‏...‏ ولكن العيد يشعر بقسوة سلوكيات أهل العدوان والقسوة الذين يحاولون أن يفسدوا بهجة العبد وفرحته بالصائمين الأبرار‏.‏
ويا أيها العيد المبارك وأنت تتوج شهر رمضان لاتحزن كثيرا علي ما حدث من أهل الضلال والفسوق والعصيان‏..‏ فهم لن يحصلوا علي شيء‏,‏ في الدنيا أو في الآخرة‏...‏ لأن الله لا يعطي إلا الأبرار ولا يبارك إلا حركة النبلاء الذي يحبون أوطانهم ويسعون إلي تقدمها بعيدا عن العنف والقسوة وسلوك الضلال‏.‏
أستاذ الصحة النفسية والعلاج النفسي
بكلية التربية جامعة عين شمس
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.