يرى كاتب مصري أن إسرائيل تستغل الصراعات في القارة الإفريقية لتحقيق سياساتها في منطقة حوض النيل بهدف فتح الجبهة الشرقية من إفريقيا أمام التغلغل الإسرائيلي في منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي. ويقول عبدالعزيز راغب شاهين أستاذ الانثروبولوجيا بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية في جامعة القاهرة في كتابه "الصراع القبلي والسياسي في مجتمعات حوض النيل" أن الإسرائيليين ركزوا على دعم الحركة الانفصالية للجماعات الإثنية في جنوب السودان ودربوا كوادر من قيادات الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا، كما تقوم إسرائيل الآن بدعم العناصر المتمردة من حزب تحرير شعب "الهوتو" في بوروندي. والكتاب صادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ويقع في 319 صفحة من القطع المتوسط ومقدمة وستة فصول. ويرى الكاتب أن الصراع الاثني أكثر وضوحا في افريقيا عنه في أي مكان أخر في العالم، لأن الحدود السياسية لهذه الدول والمعترف بها دوليا لم تتطابق في أكثر الأحوال مع حدود الجماعات الإثنية ولأن معظم حدود هذه القارة وضع من قبل الاستعمار الأوروبي. ويشير راغب إلى أن بعض الجماعات التي ترغب في الانفصال عن الدولة التي توجد بها "قد تلجأ إلى الاستعانة بقوى دولية في مواجهة الجماعات العرقية الاخرى". ويرى الكاتب أن الصراع في اقليم دارفور السوداني والذي نشب عام 2003 اتخذ شكلا عنصريا عرقيا وتعد تشاد احد الاطراف الخارجية المتورطة بشكل أو أخر في الصراع حيث توجد بها قبائل تدين بالولاء لطرف أو آخر في النزاع في دارفور. كما تتهم الحكومة السودانية اريتريا بشكل أساسي بالتورط في الصراع وهو ما تنفيه أسمرا. ويعد الصراع القبلي من اجل السيطرة السياسية او النفوذ اكثر وضوحا في بوروندي ورواندا عنه في أي مكان آخر في إفريقيا حسب ما ذكره الكاتب، وذلك لأن الحدود السياسية لم تتطابق مع حدود الجماعات القبلية. ويقول الكتاب ان التغلغل في افريقيا من جانب إسرائيل بدأ بهدف بناء "شرعية وجودها" بمزيد من الاعتراف بها على مستوى العالم الثالث، ولأن حوض النيل يشكل العمق الاستراتيجي لمصر، بالاضافة إلى أن إسرائيل كانت تهدف من وراء مخططها في أفريقيا إلى كسب صداقة دول إفريقية ذات وزن سياسي أيضا بما يتيح لها تجاوز الطوق العربي المفروض عليها وتطويق الدول العربية المعادية بدول صديقة لإسرائيل. ويرى الكاتب أن العامل الديموجرافي يمثل أهم العوامل الحاسمة في مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي. ويقول إن إسرائيل ضغطت على النظام الاثيوبي باستخدام ورقة المساعدات الاقتصادية والعسكرية لدعمه وبورقة تحسين العلاقات بين اديس ابابا وواشنطن مقابل ترحيل يهود الفلاشا الى اسرائيل. وعن دوافع إسرائيل لتهجير يهود الفلاشا من اثيوبيا يرى راغب أنها تتمثل في الحاجة إلى مزيد من السكان ولسد الاحتياجات لبعض الاعمال المتدنية وتوطين الفلاشا في المناطق الحدودية ليكونوا حائطًا بشريًا امام هجمات المسلحين الفلسطينيين ولصد أي هجوم قد تفكر فيه سوريا. ومن بين أهداف إسرائيل من وراء تطور العلاقات الإثيوبية الإسرائيلية "استخدام إثيوبيا كورقة ضغط مائية على مصر لاجبارها على تنفيذ المشروع القاضي بمد قناة "ترعة السلام" من النيل إلى صحراء النقب". ثم يسرد الكاتب بعض النقاط عن ما يمكن لمصر فعله لمواجهة التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا عامة وفي القرن الإفريقي ودول وشعوب حوض النيل خاصة من بينها زيادة الاهتمام بالمساعدات الفنية وتقديم التكنولوجيا في شتى المجالات وتقديم المساعدات المادية للحركات المناهضة للصهيونية وللسياسة الإسرائيلية الاستيطانية في إفريقيا وفتح مجالات التعاون الاقتصادي والمشاريع الاقتصادية والتبادل التجاري بين مصر والدول الإفريقية وتنشيط المساعدات المصرية وإعطاء برامج المعونة الفنية اهتمامًا أكبر.