على أرض الفيروز توجد عشرات المواقع الأثرية التي تعكس فترات تاريخية مختلفة، وتحكي أحداثا مهمة في تاريخ سيناء على مر العصور. وسط مغارات الفيروز تجد مواقع لآثار إنسان ما قبل التاريخ.. مرورًا بآثار الفراعنة حيث كان المصريون القدماء يستخرجون الفيروز والنحاس من وادي المغارة وسرابيط الخادم. وهناك تركوا آثارًا خالدة شاهدة على امتداد الحضارة الفرعونية على أرض مصر الشرقية. حكايات الفراعنة على أرض سيناء لم تنقطع خلال آلاف السنين حيث أقام الملك سنوسرت الأول معبد حتحور على ارتفاع ألف ومائة متر فوق جبال منطقة سرابيط الخادم بمدينة أبو زنيمة جنوبسيناء. والرحلة إلى هذا الموقع الأثري الفريد تستغرق نحو ثلاث ساعات من تسلق الجبال المقام عليها المعبد. ويمتاز هذا الموقع بكثير من الإضافات لملوك الدولة الحديثة وزاد عليه تحتمس الثالث وأمنحتب الأول وحتشبسوت وامنمحات الثالث عدة أجزاء واهتموا بعمارته. لم يقف اهتمام المصريين القدماء عند سرابيط الخادم حيث امتدت آثارهم إلى الفرما وتل حبوة وتل أبو صيفي وعين القديرات. وتعكس القلاع الحربية والحصون المكتشفة حجم الاهتمام الحربي بسيناء على مر العصور بوصفها بوابة مصر الشرقية. التنوع الذي تمتاز به سيناء يستحق الاهتمام والتنمية.. فالآثار التي تزخر بها تمتد لتكون عامل جذب للسياحة الدينية الإسلامية والمسيحية.. ويكشف دير سانت كاترين عن اهتمام كبير من الزوار بمكانة وقيمة هذا الموقع الأثري المهم.. حيث تأتي الوفود السياحية للتبرك بالقديسة كاترين وشجرة العليقة المقدسة المكان الذي كلم منه موسى عليه السلام الله عز وجل في وادي طوى. فسانت كاترين ترتبط بشكل كبير بالسياحة الدينية حيث يفد السياح سنويًا لزيارة الدير وجبل موسى.. وهو ما يؤكد التنوع التراثي في سيناء. الاستثمار في سيناء يجب ألا يظل رهنًا على المقومات السياحية الترفيهية والثروات المعدنية فهناك مواقع تراثية لا بد من استغلالها في تنشيط السياحة الثقافية وتنميتها بشكل فعال لخدمة كافة جوانب تعمير سيناء. ما يجب أن يضعه المسئولون في عين الاعتبار أيضًا توظيف الاكتشافات الأثرية ووضع أفضل الخطط للحفاظ على تراث سيناء من السرقة والإهمال من خلال تنمية الوعي الأثري وإدماج التراث في التنمية.. فمن غير اللائق أن تكون الدعاية والترويج السياحي لسيناء من خلال الشواطئ والشعاب المرجانية والمقومات الطبيعية فقط فيما مقومات حضارة مصر التي أقيمت بأيدي المصريين وكأنها لم تكن. وأذكركم لعل الذكرى تنفع المؤمنين بتنمية سيناء.. أن إسرائيل خلال فترة احتلال سيناء فيما بعد 1967 عمدت إلى الاهتمام بآثار سيناء والترويج لها ضمن برامج السياحة الأثرية والدينية.. ولم تكتف بهذا بل أجرت أعمال استكشافات أثرية ومسح آثاري ونهبت كثير من الآثار لعرضها بمتاحفها.. وهي القطع التي عملت مصر خلال التسعينيات من القرن الماضي على استردادها. فهل بعد كل هذا نترك آثار أجدادنا في سيناء دون اهتمام وتنمية حقيقية؟