دعت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إلى التحقيق الفوري في التجاوزات التي ارتكبتها قوات الأمن ضد المتظاهرين في أحداث التحرير ومسرح البالون وإحالة المتسببين في تلك التجاوزات إلى المحاكمة معتبرة أن تلك الأحداث تدق ناقوس خطر في علاقة الشرطة بالمواطنين. جاء ذلك في التقرير الذي أصدرته المنظمة عن تلك الأحداث وتناول نتائج بعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها المنظمة إلى مسرح البالون ومنطقة التحرير لمعرفة ملابسات القضية من كل جوانبها. وقد رصدت المنظمة العديد من الملابسات والمشكلات التي شابت تلك الأحداث، في مقدمتها استخدام الشرطة للعنف غير المبرر تجاه المواطنين، فضلا عن استخدام القنابل المسيلة للدموع والتي تسبب بعض الأمراض الخطيرة للمواطنين، واعتبرت المنظمة أن ذلك يدفعنا للحديث مجدداً عن مدي التأثير الفادح لهذه الأحداث على العلاقة بين المواطن ورجل الشرطة، وتسبب تلك الأحداث في مزيد من التوتر في العلاقة بين الجانبين من جديد، رغم المحاولات المتكررة من كل القوي لفتح باب المصالحة بين الجانبين، فضلا عن إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية هذا المطلب الذي طالما رفضته كل القوي في المجتمع المصري من ضرورة وقف إحالة كل المدنيين إلى القضاء العسكري وإحالتهم إلى القضاء المدني. وقد أكد حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة، أن أحداث التحرير فتحت الباب أمام ثلاث قضايا رئيسية وهي أولاها الاستخدام المفرط للقوة من قبل وزارة الداخلية، ومن الواضح أن أحداث التحرير الأخيرة جاءت لتلقي الضوء على مدي الشرخ في العلاقة بين الشرطة والمواطنين، وأن الاستخدام المفرط للقوة بات هو السمة المميزة لوزارة الداخلية دون أي البحث عن أشكال أخري للتعامل مع التجمعات السلمية، لا سيما وأن استخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع وهى من أقوي الأسلحة التي تستخدم ضد المتظاهرين، رغم تصويت 80 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1969 على إدراج الغازات المسيلة للدموع ضمن الأسلحة الكيماوية المحظورة تحت ما يعرف ببروتوكول جنيف، مما يجعل استخدام الغازات المسيلة للدموع عمل غير قانوني وانتهاكاً لاتفاقية جنيف، ولكن من سوء الحظ أن مصر ضمن خمس دول لم توقع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية وهى (انجولا – كوريا الشمالية – الصومال – سوريا – مصر) ولذلك فمصر لا تواجه أي قيود أو عقوبات نتيجة استخدام غاز سى اس لكنها قد تواجه تلك القيود لكونها موقعة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وثانيهما عمليات القبض العشوائي على المواطنين، فقد ثارت عمليات قبض عشوائي على عدد من المواطنين على خلفية هذه الأحداث، وهو أمراً يستدعي منا ضرورة الإفراج الفوري عن كل المتظاهرين سلمياً الذين ليسوا لهم أي علاقة بهذه الأحداث. وأخيراً إحالة العديد من المواطنين إلى المحاكم العسكرية، وهو أمراً يتنافى مع حق كل مواطن في المحاكمة العادلة والمنصفة، والحق في مثوله أمام القضاء المدني. وعليه طالب التقرير بوقف إحالة المدنيين أمام المحاكم العسكرية التي تعتبر بمثابة انتهاكًا صارخًا للحقوق الطبيعية للمواطن، وخاصة حقه في المحاكمة العادلة والمنصفة أمام القاضي المدني، والإفراج الفوري والعاجل عن كل المتهمين في أحداث التحرير والذي تم القبض عليهم على خلفية هذه الأحداث، ومحاكمة المتورطين بأحداث الشغب أمام القضاء الطبيعي، وإعادة هيكلة وتطوير جهاز الشرطة وإعداد دورات تثقيفية وتدريبية عاجلة لضباط الشرطة حول كيفية التعامل مع المواطنين مع التجمعات السلمية، بما يضمن احترام كرامة المواطن وحرياته الأساسية التي كفلتها نصوص الدستور والقانون وأحكام المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي التزمت بها الحكومة المصرية، وضرورة إصدار وزارة الداخلية تعليمات واضحة ومشددة لقوات الأمن التي تتعامل مع المظاهرات بعدم استخدام القوة في فض المظاهرات بالقدر الذي يحقق الهدف فقط دون تجاوز.