قالت دراسة تاريخية مصرية، إن أكبر مناور عسكري في التاريخ، كان مصريًا وكان رابع ملوك الأسرةال 25 في مصر الفرعونية، وهو الملك "طهرقا" الذى عُرف بين المصريين بخمسة أسماء مختلفة، واستغل خبرته العسكرية، وقدرته على المناورة خلال المعارك الحربية، في استعادة مجد مصر القديمة ببلاد الشرق الأدنى. وقال عالم المصريات، الدكتور أحمد صالح عبدالله صاحب الدراسة: إن "طهرقا" كان ملكًا نوبيًا مصريًا، سعى لاستعادة الأمجاد المصرية في الشرق الأدنى القديم، وحمل على عاتقه رفع اسم مصر، واسترداد قوتها ومكانتها وهيبتها مرة ثانية، رغم أن الظروف لم تكن مواتية، ورغم أن عصره شهد ظهور قوة عالمية في العالم القديم، وهي الآشوريين، وكان شخصية مصرية ونوبية بارزة في تاريخ مصر القديمة. كما عرف بأنه صاحب شخصية عسكرية قوية، وأطلق عليه المؤرخ الروماني سترابو أنه "أعظم مناور عسكري في التاريخ" وبرغم خلفيته العسكرية، إلا أنه كان متدينًا واهتم بالبناء والتشييد لكل الالهة المصرية، وكان يرتبط بشكل خاص بالإله آمون أو آمون رع، وقد ولد بمدينة نباتا التي كان إلهها الرئيسي آمون رع. و"طهرقا" كان رابع ملوك الأسرة ال25 التي حكمت مصر والنوبة وهو بحسب الدراسة التاريخية، من بين أكبر ملوك مصر قامةً، كان ضخم البنية وطويل القامة وواسع الكتفين، وقد عرفنا أنه ضخم البنية من خلال قطر الخاتم الذي عثر عليه في مقبرته. ولد الملك "طهرقا" في الثلث الأخير من القرن الثامن قبل الميلاد -أي عام 721 أو 722 قبل الميلاد- وهو ابن الملك "بعنخي" أحد ملوك الأسرة ال25 فى مصر الفرعونية، من زوجته وابنة عمته "عابار" عازفة السيستروم في معبد الإله آمون رع في " كاوا أى الكوة " وتزوج الملك "طهرقا" من ثلاث سيدات، اثنتين منهن كانتا أختين، وهن بنات الملك بعنخي، أما الثالثة فكانت من العامة. ويشير الدكتور أحمد صالح عبدالله في دراسته، إلى أن شكوكًا ترددت حول الملك "طهرقا" وكيف تولى الحكم بعد أخيه شاشاباتكو، وقال المؤرخ مانيتون، إن "طهرقا" تولى الحكم بعد أن قتل أخيه، ويزعم بعض الباحثين أنه كانت هناك خلافات عائلية، وأنه ربما كان شاباتاكو أخا لطهرقا، ولكن من أم أخري ومن فرع آخر من العائلة ينتمي إلي الجد كاشتا، بينما كان "طهرقا" ينتمي إلي الجد "الارا" ولكن العلاقة بينهما كانت جيدة. وكان "طهرقا" يشير إلى مدى عمق العلاقة بأخيه في كل المناسبات، وكأنه كان مشتبه في أنه قتل أخيه، وفي إحدى لوحات منطقة الكوة الأثرية يوجد دليل علي تحديد السنة الأولى من حكم الملك "طهرقا"، وعرف منها أن الملك "طهرقا" خلف الملك شاباتكو. وقال صالح، إنه يبدو أن عائلة الأب والأم، قد أثرت في حياة "طهرقا"، حيث إنه كان ميالًا لعائلة الأم، وقد ذُكر في أكثر من نص فخره بأنه حفيد للملك النوبي العظيم "الارا" وهو جده لأمه، وكان فخورا بأمه ومحبا لها، وقد ظهرت أمه في مناظر طقسية وهي ترافقه، وألقت عدة نصوص من عصره الضوء على الأصداء التي تركتها زيارة أمه له في مدينة منف. وقبل عشرة سنوات من توليه الحكم، كان الملك أميرًا، وقد تولى قيادة الجيش في معركة حربية ضد الملك الآشوري سيناخريب، وفي هذه المعركة كان "طهرقا" قد جاء بناء على طلب للمساعدة من ملك يهودا حزقيا وفشل حصار سيناخريب للقدس بسبب مساعدة "طهرقا"، ويعد "طهرقا" منقذًا للشعب اليهودي عندما حاصرهم الملك الآشوري سيناخريب ويعتبر الغرب، بحسب قول أحمد صالح عبدالله هذا الأمر، مرحلة فاصلة في تاريخ اليهود. وكان "طهرقا" قائدًا للجيش في أثناء هذه الأحداث، ويشير هيرودوت في مؤلفه "التاريخ " والذي كتبه في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، أن عناية إلهية أنقذت أورشليم من حصار سيناخريب، والذي هزمه سيثوس بعد أن صلى للآلهة، والتي أرسلت جرذان أكلت أوتار الأقواس، وأتلفت جعاب السهام ونشرت مرض الطاعون، وقد سجل هذه المعجزة الملك سيثوس علي تمثال حجري له وهو يمسك بفأر، وكتب علي التمثال عبارة " انظر لي وتعلم كيف تحترم الآلهة". ونشر كاتب أمريكي مقيم في كندا، واسمه هنري أوبن كتابًا بعنوان " إنقاذ أورشليم.. التحالف بين العبرانيين والأفارقة عام 701 قبل الميلاد "، ويقدم في كتابه فرضية بأن الملك الآشوري سيناخريب كان قد هاجم مدن يهودا، واستقر في مدينة لاكيش، وأراد أن يحاصر أورشليم، ولكنه تقهقر أمام الملك الكوشي "طهرقا". وتقول نصوص لوحة بمتحف برلين، إن الملك "طهرقا" واجه الملك الآشوري أسرحدون مرتين، الأولى عام 674 قبل الميلاد، حين حاول أسرحدون السيطرة علي بلاد الشام، ولكن "طهرقا" أوقفه، وحاول أسرحدون دخول مصر لمعاقبة "طهرقا" وتدخله في بلاد الشام ولكن "طهرقا" أوقفه مرة ثانية عام 671 قبل الميلاد. وتحوى كثير من متاحف العالم، مثل متحف اللوفر ومتحف برلين والمتحف البريطاني، لوحات تؤرخ لتاريخ الملك "طهرقا"، كما توجد الكثير من المعابد والمقصورات التي أقامها لآلهة مصر القديمة في الأقصر وأسوان ومنف وغيرها من المدن التاريخية بمصر.