قضى 16 عاما من خدمته العسكرية منذ تخرجه في الكلية الحربية الدفعة 89 سلاح المشاة فى شمال سيناء ، تدرج فى الوظائف القيادية حتى تولى قيادة الكتيبة 101 حرس الحدود ،تلك الكتيبة التى يطلق عليها أفرادها "الطريق إلى الجنة" الوحدة التى تتمركز فى العريش وتعد حائط الصد الأول أمام الهجمات الإرهابية فى شمال سيناء ، والتى تعرضت من قبل لهجوم إرهابي فى محاولة لاقتحامها، يتنافس أفرادها على نيل الشهادة فى سبيل تحرير أرض الوطن من خفافيش الظلام والفئران التى تختبئ فى الجحور خلف النساء والأطفال وتخرج خلسة لتقتات على دماء الأبطال. وإذ يصادف اليوم عيد المرأة العالمي وغدا يوم الشهيد.. فإننا لن نستطيع أن نتجاهل سيدات عظاما يتحملن مسؤلية الأسرة في غياب الأب الضابط الذي يقضي أحلى أيام شبابه فى وحدته، بعيدا عن رعاية أطفاله تاركا المسئولية لأم عظيمة.. وفي صباح 26 يناير، بعد أيام من الطوارئ التى أعلنتها قوات الأمن تحسبا لعمليات إرهابية فى ذكرى الثورة، وكانت موجة برد شديدة تضرب البلاد ووصلت درجة الحرارة لتحت الصفر فى سيناء، خرج العقيد أحمد عبد النبى فى مدرعة مع 4 من جنوده ليشرف بنفسه على تبديل الخدمة من الجنود الذين قضوا ليلتهم فى عز البرد يشكرهم ويشجعهم على جهد عيون مصر الساهرة لتأمين الحدود، ليصيب المدرعة لغم غادر، زرعته الأيادي الآثمة على الطريق الفرعي، الانفجار تسبب فى استشهاد العقيد و4 من جنوده. " موبايله زى ماهو، سليم إلا من خدوش وبعض حبات الرمل من أثر الحادث، تركتها عليه ليظل محتفظا برائحة أحمد وأثر يده، الموبايل ينطق بالآذان فى مواعيده وإذا طلبته أسمع صوت أدعية الحرم، لكنى لن أسمع صوت زوجي تانية، وبصوت تغالبه الدموع، أحمد طلب الشهادة وهو فى الحرم ، وكان على يقين بلقاء ربنا وطلبها شهادة".. بهذه الكلمات بدأت المهندسة مروة قنصوة زوجة الشهيد حديثها لبوابة الأهرام. تقول "سائق المدرعة نجا من الحادث وأعطى لى المصحف الذى كان يقرأ منه أحمد داخل السيارة، كان محبا للجميع ويخاف على جنوده أكثر من أولاده.. لما أقوله وحشت البنات يقول لى انتو مقفول عليكم باب، ولادى اللى هنا اللى ربنا مأمنى عليهم أسيبهم لمين ". أحمد كان لسة راجع من الحج وطوال 120 يوما فصلت بين حجه لبيت الله واستشهاده كان ينتظر تلك اللحظة ويمهدها لى ويقول لى :"الحمد لله ربنا أسقط عنى الفريضة، أنا رايح نضيف "وعندما كنت أقول له عندك بنات يرد عليا، هو حد طايل " وتكمل: طوال فترة زواجنا 13 عاما كان بيجي أسبوع كل شهر، ولما كان يجي العيد ويقولى مش هاقدر أعيد معاكم علشان مش دورى، كنت برد، كل شهر عندى عيد، كل إجازة ليك عيد." في آخر إجازة قبل استشهاده بأسبوع أول مرة يعدي على كل قرايبنا وزمايله وسلم عليهم، وخرج ورجع من الباب يبوس ويحضن بنتنا سما 4 سنوات وهى الأقرب لقلبه، أول ما خرج قالت مش ها أحضن بابا تانى .. ولغاية النهاردة مبكتش على أبوها.. خايفة عليها لأنها كانت مرتبطة بيه أوى." ومن داخل شقته فى منزل العائلة بالخانكة بمحافظة القليوبية، علقت الزوجة على حائط غرفة الجلوس صورة الشهيد خلال تكريمه من الفريق أول صدقى صبحى :" القائد العام كان بيحبه ويقدره نظرا لتفانيه، وفى الجنازة العسكرية قال لى زوجك بطل وبناتك فى عينيّ".. الشهيد له أربع بنات أكبرهن لم تتجاوز الحادية عشرة والصغرى لم تتعد الأربعة أشهر.. وصدق وزير الدفاع على إطلاق اسم الشهيد على الكتيبة 101 بالعريش لتصبح معسكر الشهيد العميد أحمد عبد النبى.. ليظل اسمه حافزا وملهما لزملائه وأفراد الكتيبة فى الحرب على الإرهاب فى سيناء الغالية.. سيناء التى عشق ترابها . كما صدر قرار بمنحة ترقية استثنائية لرتبة العميد نظرا لتفانيه فى الخدمة العسكرية والبطولات والتضحيات التى قام بها حتى استشهاده. وتحكى الزوجة:اتصل بيا ناس من أهالى سيناء كانوا قريبين من أحمد قالوا لي سيناء أرض ورمل وشجر وبحر وطيور وحتى كشافات العواميد فى الشوارع حزينة على أحمد.. ضحكته ما كانتش بتفارقه.. كان عنده طموح لا حدود له، وعنده إيمان ويقين بلقاء ربه. وبقدرِ تكريم القوات المسلحة لأبنائها الأبطال، تظل الذكرى مؤلمة للوطن ولأهله وأسرته ورفقائه فى السلاح، وقام الدكتور رضا فرحات محافظ القليوبية واللواء أركان حرب أحمد إبراهيم قائد قوات حرس الحدود الأسبوع الماضى بتدشين اسم الشهيد العميد أحمد عبدالنبى عطوة قائد الكتيبة 101 بالعريش بالقوات المسلحة على مدرسة "الخانكة الثانوية بنات" بمسقط رأسه. وقال اللواء أركان حرب أحمد إبراهيم محمد قائد قوات حرس الحدود للأهرام، عندما حملت ابنته الرضيعة فى يوم إطلاق اسمه على مدرسة لم أتمالك دموعى، كل يوم بيقدم رجال الجيش والشرطة تضحيات هائلة فى سبيل حماية الجبهتين الداخلية والخارجية، وتوفير الأمنَ للمواطنين، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة تقدم أرواحها فداء لهذا الوطن. وأضاف أن الإرهاب لا يهزم الأوطان وسننتصر على هؤلاء الجبناء بفضل تضافرِ كل الجهود، والقوات المسلحة لن تنسى دور الشهيد وأداءه المتفانى من أجلِ القضاء على الإرهاب أثناء عمله بقوات حرس الحدود .. كان يعشق تراب سيناء مخلصا وملتزما جدا .. العساكر بعد الحادث ده رفضت تنزل إجازة وقالوا مش ها ننزل يافندم إلا لما نجيب حقه وفعلا جابوا حقه وطلعوا خدوا بثأره.