يري بعض خبراء الجماعات الإسلامية، أن جماعة الإخوان المسلمون تتحرك كتنظيم أصبح له عقل وليس لديه روح، ويقصد هنا، بحسب قول الخبراء، أن التنظيم لديه آليات وقواعد صارمة لحماية نفسه دون إدراك لقيم رموز إخوانية كبيرة بل أن الجماعة، وبشكل" برجماتي" تتخذ إجراءات للتهميش والإقصاء لمجرد إنتقادها. ويأتي هذا في محاولة لقراءة تحليلية لقرار مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمون بجلسته مساء أمس السبت 18 يونيو، بإحالة الدكتور محمد السيد حبيب، عضو مجلس الشورى، للجنة التحقيق لمخالفته أدبيات الجماعة وقبول إعتذاره عن عضويته بمجلس الشوري العام مع استمراره أخاً عادياً في الجماعة. وفي نفس الجلسة اتخذت الجماعة قراراً آخر بفصل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح بشكل نهائي من الجماعة، وذلك لإعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية. من جانبه، انفعل الدكتور محمد حبيب، في تعقيبه ل" بوابة الأهرام" علي قرار الجماعة بتحويله للتحقيق ووصفه مكتفيا بكلمة واحدة" عيب". وقال إنه سيبقي عضوا داخل الجماعة حتي وإن كان في مؤخرة الصفوف. وأوضح حبيب أنه اعتذر عن عضوية مجلس الشوري لأسباب خاصة به ولاستمرار حال وأوضاع انتهي زمانها، بحسب قوله، وأنه لا يريد أن يكون له أي موقع داخل الجماعة بعد 24 عاما قضاها كعضو مكتب الإرشاد منها 6 سنات نائب المرشد وقال: استمر عملي في مكتب الإرشاد في ظل عنفوان السطلة أما الآن وفي اجواء الحرية فعلينا إعطاء الفرصة للآخرين. وكان حبيب، قد أوضح مؤخرا في تصريحات صحفية، أن قرار الجماعة بتحويله للتحقيق محاولة لمنعه من دخول مكتب الإرشاد، مشيرا إلي أن خلو المقاعد الثلاثة الخاصة بكل من محمد مرسي وسعد الكتاتني وعصام العريان من مكتب الإرشاد بعد انتقالهم إلى مناصب قيادية أخرى في حزب الحرية والعدالة، يعني تصعيد الثلاثة الذين جمعوا أصوات بعدهم في انتخابات مكتب الإرشاد التي أجريت عام 2009 ويعد حبيب على رأس هؤلاء. علي الجانب الآخر، عاد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، مساء أمس من جولة زار خلالها عدد من الدول الأوروبية ليفاجأ بقرار فصله من الجماعة. وقال أبو الفتوح لمن كانوا في انتظاره بمطار القاهرة من مؤيديه، إنه لن يتراجع عن ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية، وأن قرار فصله" لا يشغله" فهو، بحسب قوله، علي ثقة بأنه سيحصل علي أصوات أعداد كبيرة من جماعه الإخوان المسلمون، وأنه أيضا سيحصل علي صوت المرشد العام للجماعة محمد بديع في انتخابات الرئاسة. من جانبه، أرجع أحمد أسامة، مسئول حملة دعم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح للترشح لرئاسة الجمهورية، قرار الفصل إلي رغبة الجماعة في تأكيد رفضها الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وقال من خلال صفحة أبو الفتوح علي موقع" فيسبوك" إنه قرار لم يكن متوقع، لافتا إلى تقديم أبو الفتوح استقالته ليلة تنحي الرئيس مبارك. ويأتي قرار الجماعة الخاص بكل من حبيب وأبو الفتوح كاشفا عن قدر كبير من التوتر الداخلي تعاني منه جماعة الإخوان المسلمين، يقول الدكتور كمال حبيب، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية: إن الجماعة تتحرك بشكل" براجماتي" يبقي التنظيم ويهمش الإنسان، فهي تلزم أعضاءها بأدبيات معينة أصبحت في ذمة التاريخ، بحسب قوله، عقب ثورة 25 يناير. ويضرب حبيب مثلا برد فعل مكتب الإرشاد تجاه شباب الإخوان الذين خالفوا موقف الجماعة وشاركة بأحد أيام الجمعة التي أعقبت الثورة، وفي نفس الوقت إقصاء الدكتور أبو الفتوح لقراره الترشح لرئاسة الجمهورية، وتهميش الدكتور محمد حبيب منذ عام 2009 عندما بدأ انتقاد عدم تنفيذ اللائحة في مكتب الإرشاد. يتابع قائلا: لاتزال جماعة الإخوان المسلمون جماعة تقليدية قديمة لا تدرك حجم التطورات التي جرت في المجتمع العربي كله علي مستوي العقل وحق أعضائها في التفكير، فالجماعة كتنظيم لديه آليات وقواعد صارمة لحماية نفسه دون إدراك لقيم ورموز إخوانية كبيرة مثل حبيب وأبو الفتوح. وحول تأثير ما حدث علي مستقبل جماعة الإخوان المسلمون، أوضح حبيب أنه لا يتوقع حدوث انشقاقات لكن، ستتعرض الجماعة لقدر كبير من الانتقاد بإعتبارها تبث روحا من الخوف من ممارسة أعضائها للحوار أو اتخاذ قرارات معينة. من جانبه، نفي الدكتور محمود حسين، أمين عام مكتب الإرشاد، ل" بوابة الأهرام" أن يكون لقرار مكتب الإرشاد تأثير سلبي علي الإخوان المسلمون خلال المرحلة القادمة وقال: بالعكس سيكون لها تأثير إيجابي لأن القرار يوضح أن الجماعة منضبطة وتحترم قراراتها كما تحترم مبدأ الشوري لديها وبالتالي وجب علي الجميع الإلتزام بهذه القرارات. وقال حسين: إن الإلتزام بقواعد الجماعة لا يوجد بها كبير أو صغير والكل ينبغي عليه تنفيذها، وذلك تعقيبا علي كون قرار مكتب الإرشاد يخص رموز إنتخابية كبيرة. وتابع مشددا أن الجماعة لم تتخذ أي إجراء تجاه أراء أيا من أعضائها لكنها، تتخذ إجراءاتها تجاه من لايلتزم بقواعدها وقرارات مكتب الإرشاد. وفي الوقت نفسه، أوضح حسين أن قرار تحويل الدكتور محمد حبيب إلي التحقيق لمخالفته أدبيات الجماعة يأتي بسبب تصريحاته- والتي تعبر عن أرائه- للإعلام كما أنه لم يقدم البيعة للمرشد حتي الآن.