حصلت الباحثة شريهان محمد توفيق على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى من كلية الآداب جامعة أسيوط عن رسالتها "المسئولية الأخلاقية للإعلام الجديد". بإشراف أ.د. سليمان صالح أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أ.د. أميمة محمد عمران أستاذ ورئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة أسيوط. الدراسة تحلل أبعاد التنظيم الأخلاقي للإعلام الإليكتروني، وبالتحديد الصحافة الإليكترونية بأنماطها كافة التقليدية والمستحدثة، من خلال دراسة تطبيقية على مجموعة من الصحف والمواقع الإخبارية المصرية والعربية تمر بثلاث مراحل، أولها تحليل المواثيق الأخلاقية المنظمة للعمل الصحفي الإليكتروني والضوابط المهنية والأخلاقية التي تضعها الصحف والمواقع الإخبارية الإليكترونية، وثانيها تحليل المضامين المنشورة على هذه الصحف والمواقع في الفترة من 7 ديسمبر 2012 وحتى 6 يناير 2013، بهدف تقييم مدى التزامها بالأطر الأخلاقية والمهنية للعمل الصحفي الإليكتروني، وثالثها دراسة ميدانية على القائمين بالاتصال في الصحف والمواقع عينة الدراسة بغية التعرف على مدى إلمامهم بالمواثيق والمعايير الأخلاقية للعمل الصحفي، ومستوى التزامهم بها خلال عملهم الصحفي على الشبكة، ومدى رضائهم عن الأداء المهني والأخلاقي للصحافة الإليكترونية. بعد المرور بالمراحل الثلاث للدراسة وفي ضوء النتائج التي انتهت إليها كل مرحلة منها، خلُصت الباحثة إلى: أولًا: هناك حالة واضحة من التشتت والتضارب بين مواثيق الشرف الصحفية الورقية والإليكترونية، والضوابط والمعايير الأخلاقية التي تضعها المواقع الصحفية والإخبارية، وكأن كلٍ منها يسير في اتجاه عكس الآخر، فالأولى تسعى لإقرار حقوق وواجبات الصحفي سواء في البيئة الورقية أو الإليكترونية، بينما تركز الثانية في بعض مواقع العينة على المستخدم بشكل أساسي في محاولة للحفاظ على حقوق الموقع، وفي البعض الآخر يظهر اهتمام محدود بالأداء المهني والأخلاقي عمومًا. والملاحظة الأساسية هنا هي أن جميع مواثيق الشرف الصحفية التي درستها الباحثة اتسمت بنودها بالعمومية، بمعنى أنها لم تراع خصوصية وطبيعة البيئة الإليكترونية وسماتها المختلفة عن البيئة الورقية، وفي المقابل كانت الضوابط والمعايير الأخلاقية للمواقع -والتي كان من المفترض أن تغطى تلك المساحة- مهتمة بصورة مكثفة بطرق الاستخدام والتعامل مع الموقع وآليات التعليق والمشاركة. ثانيًا: الواقع الأخلاقي للصحافة الإليكترونية في العالم العربي متردي للغاية، هذا ما أكدته نتائج الدراسة التحليلية للمضامين الصحفية المنشورة على صحف ومواقع الدراسة، حيث انتهت إلى تراجع مستوى مهنية المواد والمضامين ذات الطابع الإخباري في غالبية صحف الدراسة، فتأثرت قيم الدقة والصدق والموضوعية والتكامل بشكل كبير، وكان للتوجهات السياسية دورٍ لا يستهان به في تحريك المشهد فطغت المضامين ذات الطابع السياسي على غيرها من المضامين بصورة غير مسبوقة، وتسبب ذلك في الوقوع بالعديد من الأخطاء الأخلاقية والمهنية، بالإضافة إلى المستوى اللغوي المتدني الذي يعتمد أحيانًا على السباب والشتائم أو توجيه الاتهامات أو التهكم والسخرية أو التضليل، ومخالفة قيم المجتمع وعاداته وتقاليده في بعض الأحيان. وعلى مستوى مشاركات القراء سواء (الكتابية أو المصورة أو التعليقات)، توصلت الباحثة إلى أنه على الرغم من حرص غالبية صحف ومواقع الدراسة على فتح باب المشاركات والتعليقات للجميع، مع وضع بعض القواعد لضبط وتنظيم تلك العملية، إلا أن الوضع على أرض الواقع كان خارج إطار التنظيم والسيطرة، فعلى مستوى المشاركات الكتابية ظهرت بعض الموضوعات الرديئة ضعيفة المستوى تحريرًا ومهنيًا وأخلاقيًا، وعلى مستوى التعليقات ظهرت الكثير من التعليقات المُحملة بالذم والسباب والإهانات، ومع ذلك لا يمكن إنكار وجود بعض المشاركات التي اتسمت بالتميز والاختلاف وتكشف عن قدرات كتابية وملكات إبداعية. ثالثًا: أكدت الدراسة الميدانية أن النسبة الأكبر من أفراد العينة مُلمين إلى حد ما بالمواثيق الصحفية والتشريعات وقوانين المطبوعات، وبالتالي جاء استخدام أفراد العينة لمواثيق الشرف الصحفية خلال عملهم الصحفي محدود وغير كافٍ، كما أن النسبة الأكبر منهم لم تتلق أي تدريب في مجال الأخلاقيات أو التشريعات. كما أشارت النتائج إلى وجود مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر إيجابًا أو سلبًا على ممارسة العمل الصحفي في البيئة الإليكترونية، أبرزها "القيم والعادات والتقاليد، وأخلاقيات المهنة ومواثيق الشرف، والضوابط الأخلاقية لموقع الصحيفة الإليكترونية، وطبيعة العلاقة مع الزملاء، فرص التدريب على مستحدثات العمل الصحفي الإليكتروني، وغيرها من العوامل" وهو ما يؤكد تأثير البيئة الداخلية والخارجية للعمل الصحفي الإليكتروني على الممارسة الصحفية، وبالتالي السلوك الأخلاقي للصحفي العامل في المواقع الإليكترونية، سواء أكان هذا التأثير سلبي أو إيجابي. اتفاقًا مع الاستنتاجات التي انتهت إليها الدراسة التحليلية والتي أكدت أن للسياسة التحريرية والأحداث السياسية وتوجهات إدارة التحرير دورًا محوريًا في تحديد طبيعة الموضوعات المنشورة، توصلت الدراسة الميدانية إلى نتيجة تفيد بأن السياسة التحريرية هي أكثر العوامل تأثيرًا في عملية انتقاء ونشر الأخبار والصور والمواد الفيلمية، يليها بفارق كبير الأحداث والظروف السياسية السائدة، ثم توجهات وانتماءات إدارة التحرير. بشكل عام استنتجت الباحثة أن مواثيق الشرف الصحيفة التي يُعول عليها فيما يخص ضبط وتنظيم العمل الصحفي في البيئة الإليكترونية من الناحية الأخلاقية والمهنية، حتى الآن لا تُمثل سوى مجرد إرهاصات غير مُكتملة الشكل عديمة الفاعلية، وعلى الجانب الآخر لا تشكل الضوابط الداخلية لمواقع الصحف الإليكترونية أي تهديد يذكر، فاهتمامها الأول بالقارئ المشارك سواء بالمراسلة أو التعليق، أما الهيئة التحريرية فلم تكن داخل دائرة الاهتمام، ونتيجة لذلك كانت الممارسة الصحفية الأخلاقية على الشبكة تعج بالمخالفات والخروقات –وفقًا للدراسة التحليلية لمضامين صحف ومواقع العينة-، كما أكدت الدراسة الميدانية من جانب آخر أن الصحفي الإليكتروني غير حريص على الإلمام بمواثيق الشرف الصحفية، كما أن استخدامه لها خلال عمله محدود إلى حد ما، بالإضافة إلى أنه بالرغم من أن غالبية أفراد العينة قد أكدوا وجود مجموعة من القواعد والضوابط الداخلية التي تنظم العمل على المستوى الأخلاقي إلا أن الغالبية أيضًا قد أكدوا أن الالتزام بتلك الضوابط محدود وغير دائم. ضمت لجنة المناقشة أ.د عزة عبد العزيز عبد اللاه أستاذ الصحافة ورئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج، و أ.م.د حنفي حيدر أمين أستاذ الصحافة المساعد ورئيس قسم الإعلام التربوي بكلية التربية النوعية جامعة المنيا.