الدفاعات الروسية تعلن تدمير 23 مسيرة أوكرانية كانت متجهة إلى موسكو    انقلاب سيارة الفنان علي رؤوف صاحب تريند "أنا بشحت بالجيتار" (صور)    محافظة الجيزة: تركيب شاشات عرض كبيرة في الميادين لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    التوقيت الشتوي،.. نظام يساعد الأطباء على تحسين جودة الخدمة الطبية وتوازن الحياة العملية    الفاشر تشتعل مجددًا.. آخر تطورات الأوضاع في السودان    أمين عام حزب الله يتحدث عن إمكانية اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل    الولايات المتحدة تكثّف وجودها العسكري قرب فنزويلا عبر سفينة حربية جديدة    جيش الاحتلال الإسرائيلى ينسحب من مناطق بحث حماس عن جثث المحتجزين في غزة    لاتسيو يقهر يوفنتوس.. وتعادل مثير بين فيورنتينا وبولونيا في الدوري الإيطالي    عبد الحفيظ: لا أميل لضم لاعب من الزمالك أو بيراميدز إلا إذا..!    وكيله: سيف الجزيري لم يتقدم بشكوى ضد الزمالك    الداخلية تضبط شخصين استغلا مشاجرة بين عائلتين بالمنيا لإثارة الفتنة    جهاز حماية المستهلك: لا توجد زيادة في أسعار السلع بعد تحريك المحروقات    من قلب الجيزة إلى أنظار العالم.. المتحف المصري الكبير يستعد لاستقبال زواره الأوائل    شعبة الأدوية: نقص 200 صنف بينها أدوية منقذة للحياة.. وضخ كميات كبيرة قريبًا    الطب الشرعي يحسم الجدل: «قاتل المنشار» بكامل قواه العقلية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    اتفاق اللحظة الحرجة.. واشنطن وبكين تقتربان من تهدئة حرب التجارة عبر المعادن النادرة و"تيك توك"    سعر الدولار اليوم الاثنين 27102025 بمحافظة الشرقية    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    النجم الساحلي يودع الكونفيدرالية ويبتعد عن طريق الزمالك والمصري    مصدر مقرب من علي ماهر ل في الجول: المدرب تلقى عرضا من الاتحاد الليبي    مواعيد مباريات اليوم فى الدورى المصرى    بهدف قاتل ومباغت.. التأمين الإثيوبي يفرض التعادل على بيراميدز بالدور التمهيدي من دوري الأبطال    الزمالك مهدد بالاستبعاد من بطولات إفريقيا لكرة اليد.. الغندور يكشف التفاصيل    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    عاجل - تحديثات الذهب مع بداية الأسبوع.. أسعار المعدن النفيس في مصر اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    وفاة طفلين خلال حريق عقار في أبو النمرس.. تفاصيل    ارتكب 4 جرائم قتل.. قاتل الأم وأبناءها الثلاثة يواجه الإعدام    حالة الطقس في أسيوط الإثنين 27102025    مصرع طالبة بالصف الثالث الاعدادي صدمتها سيارة سرفيس بميدان الشيخ حسن بالفيوم    أسعار طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    عمرو أديب: موقع مصر كان وبالا عليها على مدى التاريخ.. اليونان عندها عمودين وبتجذب 35 مليون سائح    ريهام عبد الغفور تطرح بوستر مسلسلها الجديد «سنجل ماذر فاذر»    أكاديمية الفنون تُكرّم اسم الفنان السيد بدير بإعادة عرض «عائلة سعيدة جدًا»    بكلمات مؤثرة.. فريدة سيف النصر تنعي شقيقها    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    إسرائيل تنسحب من منطقة البحث عن جثث المحتجزين في غزة    احذري، كثرة تناول طفلك للمقرمشات تدمر صحته    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    علاج سريع وراحة مضمونة.. أفضل طريقة للتخلص من الإسهال    3 أبراج «هيرتاحوا بعد تعب».. ظروفهم ستتحسن ويعيشون مرحلة جديدة أكثر استقرارًا    فرصة ثمينة لكن انتبه لأحلامك.. حظ برج الدلو اليوم 27 أكتوبر    الجمع بين المرتب والمعاش.. التعليم تكشف ضوابط استمرار المعلمين بعد التقاعد    وصلت إلى 350 ألف جنيه.. الشعبة: تراجع كبير في أسعار السيارات (فيديو)    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط بدون إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس    صحة القليوبية: خروج جميع مصابى حادث انقلاب سيارة بطالبات في كفر شكر    حملة لتحصين الكلاب في فوة ضمن خطة القضاء على مرض السعار بكفر الشيخ    الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شهر رمضان 2026    قيادات حزبية: كلمة الرئيس السيسي جسدت قوة الدولة ونهجها القائم على الوعي والسلام    برلمانية: سأعمل على دعم تطوير التعليم والبحث العلمي بما يواكب رؤية الدولة المصرية    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوتين يفتح النار على الناتو والقطب الواحد.. "بوابة الأهرام" تنشر نص حوار "الدُب" مع "فيلد" الألمانية
نشر في بوابة الأهرام يوم 11 - 01 - 2016

أدلي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحديث خاص لمجلة "فيلد" الألمانية يوم الخامس من يناير أثناء تواجده في سوتشي حيث بث موقع الرئاسة نص الحديث اليوم، كما بثت قناة "روسيا 24" التسجيل المصور له، وتنشر "بوابة الأهرام" نص الحوار كما يلي:
س: علي الرغم من مرور 25 عاماً علي انتهاء الحرب الباردة إلا أن العام الأخير قد شهد الكثير من الحروب والنزاعات، وهو ما لم يشهده العالم منذ فترة طويلة، ما هو الشيء الخطأ الذي وقعنا فيه؟
ج: لقد بدأت بالفعل بالشيء الأساسي، لقد وقعنا في جميع أنواع الأخطاء، فمنذ الخطوات الأولي لم ننجح في منع الانقسام في أوروبا، فقبل 25 عاماً وعلي الرغم من سقوط حائط برلين إلا أن الانقسام في أوروبا لم يقع معه، وكان من الواضح أن ما حدث هو مجرد زحزحة الحائط إلي داخل شرق أوروبا، الأمر الذي خلق الأرضية الصالحة لتبادل اللوم والاتهامات وسوء الفهم ونشوب الأزمات، والحقيقة أن الكثيرين بما في ذلك في الجمهورية الفيدرالية قد انتقدوا التصريحات التي أدليت بها خلال مؤتمر الأمن في ميونيخ، فما هو الشيء الغريب في هذه التصريحات!
بعد سقوط حائط برلين أعلن حلف الناتو أنه لن يتوسع في اتجاه الشرق، وتحدث عن ذلك صراحة السكرتير العام للحلف وقتها فيونر وكان من مواطني ألمانيا (الجمهورية الاتحادية) وعلي حد ما أتذكر بادر الكثير من رجال السياسة في ألمانيا وقتها بطرح مقترحاتهم بما في ذلك السيد/ إيجون بار.
والحقيقة أنني كنت أتوقع الحديث عن هذا الموضوع مع الصحفيين الألمان لذلك حاولت الاستعداد واستخرجت من أرشيفات الاتحاد السوفيتي وقتها كافة المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع حيث تبين لي أنه لم يتم نشر أي شيء عن تلك المقترحات بما في ذلك مقترحات بار.
س: هل كانت ضمن حديث صحفي؟
ج: لا، كان حديث عمل دار بين رجال السياسة الألمان مثل فيشر، وكول، وبار مع القيادة السوفيتية متمثلة في جورباتشوف، وفالين الذي كان وقتها يرأس الإدارة الدولية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، ولم يتم الإعلان عن مضمون هذا الحديث حيث تعتبر أنت أول من سيطلع علي هذا المضمون منذ التسعينات
من القرن الماضي، وقد تحدث بار عن أنه بعد توحيد الألمانيتين إن لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة نحو التخلص من تقسيم أوروبا ما بين كتل متنافسة فسوف تحدث تطورات تجعل الاتحاد السوفيتي يبدو معزولاً دولياً، وقد دار هذا الحديث يوم 26 يونيو 1990.
وتحدث بار عن أشياء ملموسة، وبصفة خاصة إنشاء اتحاد جديد في وسط أوروبا بحيث لا يجب ضم وسط أوروبا بما في ذلك شرق ألمانيا إلي حلف الناتو وإنما إنشاء اتحاد منفصل يضم هذه المنطقة والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة أيضاً، وكان يؤكد علي ضرورة عدم السماح لحلف الناتو وبصفة خاصة ماكينته العسكرية بالانتشار في وسط أوروبا.
وكما تعلمون فالسيد/ بار وقتها كان بمثابة مهندس السياسة الأوروبية وكانت له رؤيته نحو المستقبل، بل أنه كان يوجه حديثه للاتحاد السوفيتي مؤكداً أنه لو لم يتفق الاتحاد السوفيتي معه في الرأي ووافق علي توسيع حلف الناتو فلن يقوم هو شخصياً بزيارة الاتحاد السوفيتي، ولكم أن تدركوا أن هذا الشخص كان ذكياً جداً وكان يستطيع النظر بعمق في الأمور وعلي قناعة تامة بضرورة تغيير الأنماط بشكل جذري والتخلص بشكل نهائي من الحرب الباردة، ونحن جميعاً لم نأخذ بكلامه.
س: هل قام بزيارة موسكو فيما بعد؟
ج: لا أدري، فهذا الكلام الأخير قاله يوم 27 فبراير 1990 خلال لقاء فالين مع الساسة الألمان بار، وفويجت.
وما الذي حدث في واقع الأمر؟ حدث ما حذر منه السيد/ بار، فقد شدد علي ضرورة عدم السماح لحلف الناتو بالتوسع نحو الشرق، كما طالب بقيام كيان يضم أوروبا بالكامل، ولكن ما حدث وقمنا به هو عكس ذلك تماماً حيث امتد توسع حلف الناتو تجاه دول شرق أوروبا.
لقد ظل رجال السياسة الأمريكيون والغرب يرددون نغمة واحدة وهي أن كل دولة لها الحق في اختيار الطريقة التي تضمن بها أمنها بحرية تامة، نحن ندرك ذلك، كما ندرك أنه من حق المنظمة أو الحلف أن يقرر موقفه بنفسه ويعرب عن امتنانه لهذه الدول التي ترغب في التقارب منه ولكن في نفس الوقت يؤكد لها أنه يرفض المزيد من التوسع من أجل مستقبل أوروبا.
ولكن علي مدار 20 – 25 عاماً الأخيرة وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي وغياب مركز القوة الثاني في العالم ظهرت الرغبة المحمومة في الحصول علي المتعة الكاملة من التواجد المنفرد علي قمة المجد والسلطة والهيمنة العالمية، وغابت بشكل تام الرغبة في احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وكلما أرادوا التدخل في أي مكان كانوا يتذرعون بأن الأمم المتحدة قد أصابها الهرم.
لم يتوقف الأمر عند حد توسع حلف الناتو في اتجاه الشرق فقط بل وظهر نظام الدفاع ضد الصواريخ، وكل ذلك بحجة التهديد النووي الإيراني.
ولك أن تتذكر أن الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما كان قد أعلن في عام 2009 أنه لو انتفي التهديد الإيراني فلن تكون هناك حاجة لإنشاء برنامج الدفاع ضد الصواريخ، وها هو التهديد الإيراني ينتفي.
اليوم، فقد تم التوقيع علي اتفاق مع إيران ويجري النظر في رفع العقوبات عن هذا البلد وكامل برنامجه النووي أصبح تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتم بالفعل إجلاء أولي دفعات اليورانيوم المخصب ونقلها إلي روسيا لإعادة معالجتها ومع ذلك فبرنامج الدفاع ضد الصواريخ مازال مستمراً ويجري تطويره، بل وتم إبرام اتفاقيات ثنائية مع تركيا، ورومانيا، وبولندا، وأسبانيا، وسوف يتم في أسبانيا نشر قوات بحرية متخصصة في إدارة نظام الدفاع ضد الصواريخ بينما في رومانيا تم إنشاء البنية الأساسية له، وفي بولندا سينتهي العمل في إنشاء البنية الأساسية في عام 2018 ويجري تركيب الرادارات في تركيا.
لقد كنا نعارض بشدة ونشاط لكل ما يجري مثلاً في العراق ، وليبيا وغيرهما من الدول، كنا نؤكد علي ضرورة الامتناع عما يجري ونؤكد علي خطورة التدخل واقتراف الأخطاء، ولكنهم كانوا يصرون علي عدم الإنصات ويعتبرون أن روسيا تتبني مواقف معادية للغرب، ولكن اليوم وأنتم تصطدمون بمشكلة مئات الآلاف بل الملايين من اللاجئين، هل تعتقدون أن روسيا كانت في صفكم أم ضدكم؟
س: كما أري، لقد أشرتم إلي الأخطاء التي وقع فيها الغرب تجاه روسيا، فهل لا تعتقد أن روسيا هي الأخرى وقعت في أخطاء طوال هذه ال 25 عاماً؟
ج: نعم لقد وقعت روسيا في أخطاء عندما لم تعلن بصراحة عن مصالحها، وكان لزاماً عليها أن تعلن ذلك من البداية، وربما لكان العالم قد أصبح أكثر اتزاناً لو فعلت روسيا ذلك.
س: هل هذا يعني أنه بعد عام 1990 – 1991 وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي عجزت روسيا عن صياغة مصالحها القومية؟
ج: إطلاقاً!
س: أعلم أنك تكن علاقة خاصة تجاه ألمانيا، وقبل عقد من الزمان وبمناسبة مرور 60 عاماً علي نهاية الحرب العالمية الثانية أدليت بحديث لصحيفتنا وأكدت فيه أن روسيا، وألمانيا لم تكونا هكذا قريبتين من بعضهما البعض مثلما كانا وقتها، فهل بقي شيء من هذا التقارب الآن؟
ج: أهم شيء هو ذلك التعاطف بين شعبي البلدين، أنه أساس العلاقة بين البلدين.
س: أو لم يطرأ أي تغيير في هذا المجال؟
ج: لا أعتقد ذلك، علي الرغم من محاولاتكم، محاولات زملائك تشويه هذه العلاقة عن طريق وسائل الإعلام وشن حملات إعلامية مناهضة لروسيا، ومع ذلك وعلي حد اعتقادي فشلت كافة هذه المحاولات، وأنا هنا لا أقصدك أنت بالتحديد، أنا أقصد وسائل الإعلام بصفة عامة بما في ذلك في ألمانيا، خاصة وأن وسائل الإعلام الألمانية للأسف تتعرض لنفوذ خارجي قوي خاصة عبر المحيط.
ولقد أشرت إلي أنني عددت الأخطاء التي وقع فيها الغرب، أنا لم أعدد أي شيء بل تحدثت فقط عن بعض النماذج وربما تكون الأهم، فبعد تفكك الاتحاد السوفيتي ظهرت لدينا داخل روسيا الكثير من التعقيدات بما في ذلك تراجع معدلات الإنتاج الصناعي وأيضاً النظام الاجتماعي والانفصالية وبصفة خاصة التهديدات الإرهابية الدولية.
وبطبيعة الحال نحن المخطئون في ذلك ولا يمكننا لوم أحد، ولكن الخطر الداهم كان هو استخدام الإرهاب الدولي ضد روسيا، وربما أن البعض لم يلتفت إلي ذلك بالشكل اللائق أو أن البعض حتى ساعد فيه سواء سياسياً أو إعلامياً أو مالياً وفي بعض الأحيان عسكرياً ووقتها فقط بدأنا نفهم أن الكلام شيء والمصالح الجيوبوليتيكية شيء آخر تماماً.
وفيما يخص العلاقات الألمانية – الروسية ففي الواقع كانت قد وصلت إلي مستوي عالي جداً في عام 2005 واستمر تطويرها وتوسيعها بعد ذلك حتى وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 80 مليار دولار.
وقد تم توفير عدد ضخم من فرص العمل في ألمانيا بفضل التعاون بين البلدين، وحاولنا معاً منع تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط وفي العراق بصفة خاصة وتم بذل جهود جادة جداً في مجال توسيع التعاون في مجال الطاقة وقامت الكثير من الشركات الألمانية بفتح أفرع وأعمال لها في روسيا حيث تم إنشاء الآلاف من الشركات معاً وتطور الاتصال الإنساني بين الشعبين وهو ما شجع علي إنشاء ما يعرف بمنتدى "حوار سان بطرسبورج" الاجتماعي.
وأذا كنت قد أشرت إلي أن حجم التبادل التجاري بين البلدين كان قد وصل 83 – 85 مليار دولار فيجب أن أذكر أنه في الأشهر الأولي من العام الماضي تراجع إلي أقل من النصف وربما يكون قد وصل في نهاية العام إلي 40 مليار أي 50% فقط.
ومع ذلك فالعلاقات مستمرة، وأنا ألتقي مع المستشارة الألمانية بشكل منتظم في مختلف الفعاليات، وربما التقينا معاً سبع مرات في العام الماضي وتبادلنا الأحاديث الهاتفية ربما 20 مرة، ومازلنا نتبادل الأعوام الثقافية سواء عام الأدب أو اللغة الألمانية في روسيا أو الروسية في ألمانيا، وهذا العام سيصبح عام تبادل الشباب بين البلدين، فالحمد لله أتعشم أن يستمر تطور العلاقات والاتصالات بين البلدين ونتخطى معاً الصعاب والتعقيدات.
س: أفهم من حديثك أنه كان يتعين علي حلف الناتو أن يقول لدول أوروبا الشرقية أنه لن يقبلهم في عضويته، فهل كان الحلف سيستمر إذا ما فعل ذلك؟
ج: طبعاً.
س: ولكن هذا الأمر منصوص عليه في ميثاق الحلف؟
ج: ومن يصيغ هذا الميثاق، أنهم بشر، هل الميثاق ينص علي أن الحلف يجب أن يقبل عضوية كل من يرغب في ذلك، لا بطبيعة الحال، يجب أن تكون هناك معايير وشروط وإرادة سياسية، يمكن عمل أي شيء إذا توفرت الرغبة الحقيقية له، وهم لم يريدوا أن يقولوا لا، بل أرادوا السيطرة والهيمنة، وماذا بعد، ها نحن ذا نبحث اليوم سبل تسوية المواقف المتأزمة.
لو تم الإنصات لهذا الرجل الألماني العاقل والمخضرم السيد/ إيجون بار وتم إنشاء كيان جديد يجمع أوروبا لتلافينا جميعاً الأزمات الحالية، ولكان الوضع مغايراً تماماً وربما كان للمشاكل الحالية بعد آخر.
س: هناك نظرية تقول أنه يوجد نمطان من بوتين: الأول هو بوتين الشاب حتى عام 2007 والذي أعلن التضامن مع الأمريكيين وكان صديقاً لشرودر، والثاني هو بوتين آخر ظهر بعد عام 2007، ففي عام 2000 أعلنت أنه لا يجب أن تكون هناك مواجهات أو نزاعات في أوروبا، ولكننا اليوم نصطدم بها، لدي لكم سؤال مباشر، كيف نسترجع بوتين السابق؟
ج: أنا لم أتغير أبداً، فأولاً مازلت أشعر بأني شاباً، وكنت صديقاً لشرودر ومازلت صديقاً لشرودر، لم يطرأ علي أي تغيير، وفيما يخص نظرتي للمشاكل علي غرار مكافحة الإرهاب فلم يطرأ عليها هي الأخرى أي تغيير، نعم في الحادي عشر من سبتمبر كنت أول من اتصل بالرئيس بوش وأعربت له عن تضامني معه، وكنا علي أتم استعداد لعمل أي شيء لمواجهة الإرهاب معاً، واليوم بعد أن وقعت الأعمال الإرهابية في باريس تحدثت مع الرئيس الفرنسي ثم التقيت معه.
لو أنهم أنصتوا إلي شرودر في حينه، وإلي شيراك في حينه وإلي أنا شخصياً لتبدلت الصورة وربما ما وقعت الهجمات الإرهابية في باريس، لأنه ببساطة ما كان للإرهاب أن يشتعل في العراق وليبيا وغيرهما من دول الشرق الأوسط.
هناك تهديدات مشتركة وعلينا اليوم أن نواجهها معاً، علينا أن نعمل علي توحيد جهود كافة دول العالم، في أوروبا والعالم أجمع لمكافحة هذه التهديدات، الأمر لا يتوقف عند الإرهاب وحده، بل هناك الجريمة والاتجار بالبشر وحماية البيئة، هناك الكثير من المشاكل التي تتطلب توحيد جهود الجميع، وليس من المنطقي في كل مرة وكلما ظهرت مشكلة أن نبدأ من البداية، علينا أن نتعلم الاستماع لبعضنا البعض لتجنب ظهور المشاكل في الأساس.
س: أريد أن أقول أن خطر الإرهاب الإسلامي قد أصبح يمثل مشكلة حادة تملي علي روسيا والغرب التعاون معاً، ولكن تطفو علي السطح مشكلة القرم، فهل القرم تستحق فعلاً التضحية بالتعاون بين روسيا والغرب؟
ج: ما الذي تعنيه بكلمة القرم؟
س: تغيير الحدود.
ج: أنا أنظر إليها من منظار 2,5 مليون نسمة، أنهم بشر شعروا بالفزع من الانقلاب، أنه انقلاب في الحكم قام به قوميون متشددون وما أن وصلوا إلي الحكم حتى بدأوا في تهديد الآخرين سواء الروس أو من يتحدثون الروسية وبصفة خاصة من يقطنون في القرم، الناس كانت تشعر بالفزع.
وما الذي فعلناه؟ نحن لم نحارب أحد ولم نحتل أراضي أحد ولم نقتل ولو فرد واحد ولم يلقي أي شخص مصرعه بسبب الأحداث في القرم، لقد استخدمنا القوات المسلحة فقط من أجل ردع 20 ألف جندي أوكراني ومنعهم من التدخل ضد رغبة شعب القرم ومنعه من القيام باستفتائه بشكل حر ونزيه.
وأنا أتساءل هنا، ما هي الديمقراطية، أنها إرادة الناس في العيش وفقاً لرغباتهم وأصواتهم، بالنسبة لي ليس المهم المكان ولكن المهم هو مصير الناس.
س: ولكن الحدود هي جزء أصيل من النظام الأوروبي، ولقد تحدثت بنفسك عن أهمية ذلك بما في ذلك بالنسبة لتوسعات حلف الناتو؟
ج: هذا مهم عندما نلتزم ونحترم القانون الدولي، وفي حالة القرم تم الالتزام بشكل كامل بالقانون الدولي حيث ينص ميثاق الأمم المتحدة علي حق الشعوب في تقرير المصير، وإذا راجعت حكم المحكمة الدولية بشأن كوسوفو يتضح لك أنها أقرت عدم أهمية رأي السلطات المركزية فيما يخص قرار الشعب في تقرير المصير، كما يمكنك مراجعة تصريحات ممثل ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة في ذات الشأن، لك أن تراجع كيف تم تحقيق ذلك بالنسبة لكوسوفو.
س: بعد الحرب؟
ج: لا، بقرار البرلمان، حتى أنهم لم يقوموا بتنظيم استفتاء. أما في القرم فقد كان البرلمان قد انتخب عام 2010 أي عندما كانت القرم ضمن أوكرانيا، وأنا أكرر ذلك اليوم، البرلمان الذي اجتمع لاتخاذ القرار كان قد انتخب عندما كانت القرم ضمن أوكرانيا ثم اتخذ هذا البرلمان قرار الاستقلال ودعا إلي الاستفتاء العام علي هذا القرار.
لقد صدق شعب القرم لصالح إعادة الاندماج في روسيا، وأنت تحدثت بصدق عندما قلت أن ما حدث في كوسوفو كان بعد الحرب أي بعد قصف بلجراد وتدخل قوات الناتو.
لماذا يعطون شعب كوسوفو الحق الذي يرفضون إعطاءه لشعب القرم، إذا أردنا الاحتفاظ بحسن العلاقات بين روسيا وأصدقائها وجيرانها في أوروبا فيجب علينا جميعاً أن نحترم قاعدة واحدة وهي أن نحترم بعضنا البعض ونحترم مصالح كل منا للآخر ونلتزم بقواعد واحدة ولا يجب أن نغير القواعد علي أهوائنا ووفقاً للمواقف.
لقد سألتني – أنا العبد المتواضع، صديق أم غير صديق؟ العلاقات بين الدول ليست كالعلاقات بين الناس، أنا لست صديق أو عروسة أو عريس، أنا رئيس روسيا الاتحادية رئيس 146 مليون نسمة لهؤلاء الناس مصالح وأنا ملتزم بالذود عنها، ونحن علي استعداد للعمل علي تحقيقها ليس عن طريق المواجهات وإنما عن طريق الحوار والحلول الوسط، ولكن علي أساس القانون الدولي ووحدة المواقف والقواعد تجاه كل شيء.
س: إذا كنت تري أن القرم لم يخالف القانون الدولي، فكيف ستفسر لشعبك أسباب فرض الغرب للعقوبات علي بلادك، تلك العقوبات التي يعاني الشعب بشدة منها؟
ج: لك أن تعرف أن الشعب الروسي يشعر بقلبه ويفهم بعقله ما الذي يحدث، فقد قال نابليون في حينه: "أن العدالة هي تجسيد الله علي الأرض" وإعادة ضم القرم إلي روسيا هو قرار عادل.
أما بالنسبة لرد فعل شركائنا في الغرب فقد كان رد فعل غير صحيح وانحاز بشكل واضح إلي أوكرانيا من ناحية ومن ناحية أخرى من أجل ردع النمو الروسي، ويبدو لي أنه ما كان للغرب أن يقدم علي ذلك، بل علي العكس من الممكن جداً أن نستفيد من قدرات وإمكانيات بعضنا البعض.
لقد أشرت إلي العقوبات وأنا أعتقد أنها قرار أحمق ومضر، وقد تحدثت معك عن أن التبادل التجاري مع ألمانيا كان 83 – 85 مليار دولار والآلاف من فرص العمل، والعقوبات ليست هي أخطر مشاكلنا ونحن نتحملها ولا أنكر أن الاقتصاد الروسي قد تضرر منها.
ربما أن أكثر ما يعاني منه الاقتصاد الروسي في الوقت الراهن هو تراجع أسعار مواد الطاقة، وهو شيء يؤثر بشكل سلبي علينا ولكننا نحاول علاج هذه المشكلة ومن هنا يكمن الجانب الإيجابي في الشيء السلبي.
س: والعجز المالي؟
ج: يجري إعادة توزيع الدخل، نعم الدخل القادم من النفط والغاز قد قل ولكن لدي روسيا قطاعات أخرى تدر دخلاً، ونحن نعمل علي إعادة توزيع بنود الدخل علي بنود الإنفاق.
ولكن أن تعلم شيء، أنه عندما تكون أسعار النفط والغاز مرتفعة فأنت تشتري كل احتياجاتك من الخارج ولا يكون لديك الدافع القوي لتنمية القدرات الداخلية ولكن مع تراجع أسعار الطاقة نعمل علي تحديث وتطوير إنتاجنا.
نعم لقد تراجع إجمالي الدخل القومي بنسبة 3,8% والإنتاج الصناعي بنسبة 3,3% ووصل معدل التضخم 12,7% وهذا كثير ولكن لا تنسي أن روسيا كانت دائماً لديها فائض كبير في الميزان التجاري الخارجي ونظل نصدر من قطاعات إنتاجية أخرى ونعمل اليوم علي تطويرها لمضاعفة التصدير منها.
ونحن لدينا احتياطي نقدي كبير حيث يبلغ 340 مليار دولار، وربما أكون قد أخطأ في الرقم ولكن أكثر من 300 مليار، وهناك صندوقان آخران للاحتياطي الاستراتيجي لدي الحكومة وبكل واحد منهما 70 – 80 مليار دولار، وأعتقد أن روسيا سوف تستفيد منهما بالتدريج وتعوض الواردات وتطور إنتاجها.
س: لقد بحثت كثيراً مع المستشارة الألمانية موضوع العقوبات وكذلك القرم، فهل تفهمها؟ هل تثق فيها؟
ج: نعم، وأنا علي ثقة من أنها شخص صادق وصريح، ولكن لديها أطر عليها أن تعمل في حدودها، ليس لدي أدني شك في أنها شخص صادق وأنها تبحث بشكل حقيقي عن حلول للتسوية بما في ذلك في جنوب وشرق أوكرانيا.
وبالعودة للحديث عن العقوبات، أنت تعلم أن رفع العقوبات يرتبط بتنفيذ اتفاقيات مينسك، فالأمر يبدو كالمسرح العبثي، كيف يطالبون من روسيا تنفيذ التزامات أوكرانيا، الوضع برمته يتوقف علي السلطات الحالية في أوكرانيا وهي التي يتعين عليها تحديد الوضع السياسي القانوني للمناطق الشرقية وذلك عن طريق تعديل الدستور، أي أن الأمر ليس بيد روسيا، أهم شيء في اتفاقيات مينسك هي المادة 11 التي تحدد لها عام 2015 للتنفيذ وها هو عام 2015 قد مر دون تنفيذ.
س: ولكن الإصلاح التشريعي في أوكرانيا يجب أن يبدأ بعد انتهاء كافة العمليات الحربية؟
ج: لا لم يتم النص علي ذلك. عليك مراجعة النص الانجليزي للاتفاقيات والذي يحدد في المادة التاسعة بسط السلطات الأوكرانية لكامل سيطرتها علي كافة أراضي الدولة بعد تنفيذ الإصلاح الدستوري أي بعد تنفيذ المادة الحادية عشر.
أتصور أنه ينبغي علي الشركاء الغربيين مثل المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي الانخراط بشكل أكثر في هذا الموضوع.
س: هل تعتقد أنهما لا يفعلان ذلك؟
ج: أعتقد أن لدي كل منهما ما يكفي من مشاكل، ولكن طالما أننا بدأنا في شيء فعلينا جميعاً استكماله، عندما شرعت أوكرانيا في إجراء تعديلات دستورية لإيهام العالم بأنه إصلاح تم النص علي أن الوضع المنصوص عليه في الدستور للأقاليم الشرقية والجنوبية هو وضع مؤقت لثلاثة أعوام وأنه مر منها بالفعل عامان، والرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية يدركان جيداً هذا الالتفاف.
س: ما هي نظرتك الحالية للمستشارة الألمانية، فقد أشرت من قبل أنك معجب جداً بصفاتها، هل طرا تغيير علي هذه النظرة؟
ج: هل قلت ذلك؟
س: وهو ما يعني أنك تكن لها الاحترام؟
ج: أنا مازلت احتفظ بنظرتي لها، وقد أشرت إلي أني أعتبرها شخص صادق جداً وأنها شخص مدرك وعلي مستوي عالي من الاحتراف، وأعتقد أن مستوي الثقة بيننا مرتفع.
س: سؤال شخصي، عندما زارتك المستشارة الألمانية في سوتشي عام 2007، هل كنت تدرك أنها تخشي الكلاب؟
ج: لا بالطبع، لم أكن أعرف ذلك، بل علي العكس لقد كنت أريد أن أظهر لها اللطف وعرضت عليها كلبي، ثم تبين لي الموقف واعتذرت لها علي ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.