قد تستطيع الدولة فى يوم من الأيام حصر الاقتصاد غير الرسمى، إلا أن العالم السرى لاقتصاد الإخوان المسلمين لا يمكن تحديد حجمه أو قيمته، فأنت أمام عالم هلامى يصعب تحديد معالمه أو هيكل ملكيته. فمنذ بزوغ قطبى الاقتصاد بالجماعة خيرت الشاطر وحسن مالك، أسندت لهما الجماعة إدارة واستثمار أموالها. فمحفظة الشاطر لاتزال بها الكثير من الأسرار والخفايا.. فقدرته غير العادية على إخفاء وإدارة الأموال جعلته الذراع الرئيس لتمويل جماعة الإخوان الإرهابية وإدارة أموالها. وتشير التقديرات إلى أن محمد خيرت سعد عبد اللطيف الشاطر، يعد ضمن أثرياء العالم بثروة تصل إلى نحو 20 مليار دولار، ورغم عدم دقة التقديرات بين احتمال زيادتها وكذلك نقصانها، إلا أن عدد الشركات التى يساهم بها وتصل لأكثر من 40 شركة ظاهرة تم رصدها خلال الفترة الماضية بخلاف المحلات المنتشرة فى مختلف محافظات مصر تشير تضخم ثروته بشكل غير عادى. واستطاع الشاطر الذى ولد بمحافظة الدقهلية في 4 مايو 1950، بقدراته التمويلية التدرج في المناصب حتى وصل لعضوية مكتب إرشاد الجماعة عام 1995 وتولى منصب النائب الثاني للمرشد في عهد مهدي عاكف المرشد العام الأسبق ثم النائب الأول للمرشد في عهد محمد بديع المرشد السابق للجماعة. وبدأ نشاطه العام الطلابي والسياسي في نهاية تعليمه الثانوي عام 1966، وانخرط في العمل الإسلامي العام منذ عام 1967 وشارك في تأسيس العمل الإسلامي العام في جامعة الإسكندرية منذ مطلع السبعينيات. وارتبط بالإخوان المسلمين فى عام 1974 وبعد حصولة على بكالوريوس الهندسة قسم الهندسة المدنية وتخصص الهندسة الإنشائية والخرسانية - كلية الهندسة جامعة الإسكندرية عام 1974، رجع إلى المنصورة وتم تعيينه بجامعتها التي كانت جديدة وفي حاجة للأساتذة والمعيدين، وظل بالجامعة حتى أصبح مدرسا مساعدا بكلية الهندسة حتى عام 1981. ثم سافر إلى دول الخليج وذهب إلى لندن للحصول على الدكتوراة، وبدأ نشاطه التجاري من هناك، فقد ورث خيرت الشاطر عن والده تجارته وأراض زراعية وكان والده من التجار الكبار المعروفين في الدقهلية. ومن خلال شبكة علاقته الدولية فى مجال "البزنس" لعب الشاطر دورا كبير فى تعزيز علاقات الإخوان المسلمين فى مصر بالخارج بشكل كبير. وعاد خيرت الشاطر من السفر وأسس مع حسن مالك شركة "سلسبيل" التي كانت من أولى وكبرى شركات الحاسب الآلي في مصر، بالإضافة إلى عدة مشروعات أخرى مثل تنظيم وإدارة المعارض إلى عدة مشروعات أخرى مثل تنظيم وإدارة المعارض الكبرى وتمليك المشروعات الصغيرة بالتقسيط، وإنشاء سلاسل من محلات تجارية في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى تأسيس شركة لتصدير الخامات للخارج والعمل في المجال الزراعي والحيواني. وكانت التجارة والأعمال نقطتي قوة الشاطر لذلك كانت له الكلمة الأولى فى الجماعة بسطوته المالية. وقد تمت مصادرة أملاكه مرتين، الأولى في عام 1992 في قضية "سلسبيل" حيث قام النظام بمصادرة الأراضي التي كان المهندس خيرت الشاطر وشريكه حسن مالك ينويان إقامة مصنع عليها في مدينة السادس من أكتوبر وهي لا زالت مصادره حتي الآن، أما المرة الثانية فكانت في عام 2006 حيث تم إحالته للمحاكمة العسكرية ومصادرة جميع ممتلكاته هو وأسرته. أما حسن مالك فأسندت له الجماعة وحزبها والرئيس المعزول محمد مرسى مسألة التواصل مع المستثمرين، سواء على مستوى جمعية إبدأ أو لجنة التواصل التى أسسها المعزول وأصبح قبلة جميع المستثمرين فى الداخل والخارج، ومع إنهيار نظام الإخوان إلا أنه ظل بعيداً عن أي إتهامات هو حسن مالك، "سوبر مان" الجماعة الذى اختفى عن الأنظار رغم ظهورة مرة واحدة فى اعتصام رابعة. ورغم أنه كان شريكا أساسيا فى عدد من المشروعات مع خيرت الشاطر كان أولها "سلسبيل" إلا أنه لعب خارج الإطار الرسمى، وبالتالى فقوته يستمدها من عدم وجود سلطة تحاسبه. وولد حسن عز الدين يوسف لعائلة من التجار، حيث كان والده تاجراً ولعائلته العديد من محلات القماش بالأزهر وانخرطوا في سوق العمل مبكرا منذ كان طالبا، تخرج لاحقا من كلية التجارة جامعة الإسكندرية، وورث حسن وأخوته "مصنع مالك" للغزل والنسيج في مدينة السادس من أكتوبر. وكان أول من افتتح معارض للسلع المعمرة؛ وأول من حصل على توكيلات لمحلات عباءات؛ وأول من صنع الكمبيوتر بمصر. واعتقل من قبل عام 1992 في القضية المشهورة بسلسبيل؛ وظل رهن الاعتقال سنة كاملة حتى تم الإفراج عنه؛ وكانت شركة سلسبيل تلك متخصصة في البرمجيات والكمبيوتر وكانت من أولى الشركات وقتها في هذا التخصص، ولم يزد عمرها في السوق عن 3 سنوات. ورغم أن حسن مالك يمتلك مفاتيح خزائن الإخوان السرية إلا أنه فضل بذكاء تولّي أى دور رسمى وفضَل اللعب خارج "الصندوق، وكان يقوم من خلال علاقاتة القوية وسطوتة التى أستمدها من لجنة تواصل التى تتبع الرئيس مباشرة فى تقريب وجهات النظر بين رجال الأعمال بمصر ونظام الإخوان ومحاولة تحسين صورة الإخوان إلا أن الواقع لم يسانده فى مهمته، فكانت نظرة الإخوان محدودة الأفق تقضى على كل مبادراته. وبدأ فى السيطرة على مفاصل البزنس من خلال الجمعية المدلله والتى كانت حلم كل من يرغب فى دخول دائرة الإخوان من أقرب نقطة. وظل مالك الأسم الأكثر ترددًا في بيئة الأعمال المصرية في ذلك الوقت لا لنجاحاته فى المجال الاقتصادى بل لأنه الرجل الأكثر قربًا من الرئيس المعزول محمد مرسي، ما دفع الأخير لاختيار مالك رئيسا لمجلس الأعمال المصري السعودي خلفًا للمهندس إبراهيم محلب الرئيس السابق لشركة المقاولون العرب فى ذلك الوقت. وعلى الرغم من أن أهميته للجماعة لا تقل عن خيرت الشاطر إلا أنه فضل العمل فى الخفاء، وكان مخططاً أن يقوم بإعادة رسم العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا بما يخدم مصالح الإخوان، إلا أن ثورة 30 يونيو أطاحت بأحلام الإخوان وأخفت مالك عن الساحة، بما فيها نظامه.