دعا المؤرخ الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة الى تأسيس متحف لثورة 25 يناير لحفظ كافة وثائقها وتكريم ذكرى شهدائها. وقال عفيفي ل" بوابة الأهرام " أن تأسيس هذا المتحف في أقرب وقت يضمن حفظ وقائعها في ذهن الاجيال القادمة ، خاصة وأن أحداثها شملت وثائق من نوع مختلف ، فبخلاف الوثائق المكتوبة ضمت الثورة وثائق بصرية شملت صورا فوتوغرافية وأفلاما سينمائية ولقطات تم تصويرها بكاميرات الفيديو والموبايل ، اضافة الى فنون الجرافيتي التي أرخت لوقائعها . محمد عفيفي مؤرخ مصري بارز ، رأس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة ويشرف حاليا على سلسلة " حكاية وطن " التي تصدرها هيئةقصور الثقافة وصاحب مؤلفات بارزة أهمها :" المستبد العادل ، عرب وعثمانيون ، الأقباط في العصر العثماني ، الدين والسياسة في مصر المعاصرة " القمص سرجيوس خطيب ثورة 1919 ". واعتبر عفيفي أن وجود أكثر من لجنة لتوثيق أحداث الثورة هو أمر ايجابي لا يمثل خطرا على الاطلاق ، فالثورة لم يكن لها زعيم ولم تنطلق وفق رؤية ايديولوجية واضحة وهذا الأمر أعطاها زخما حقيقيا كثورة شعبية وبالتالي من الافضل أن توثق من زوايا ووجهات نظرى مختلفة . والمعروف ان دار الوثائق القومية أعلنت عن تأسيس لجنة لتوثيق الثورة يرأسها الدكتور خالد فهمي رئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية ، كما أسست مكتبة الاسكندرية لجنة مماثلة تعمل ضمن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة كما أعلنت هيئة قصور الثقافة عن لجنة تقوم بالعمل نفسه وبالمثل قامت مؤسسة الأهرام بتأسيس وحدة ل" توثيق الثورة " وشدد عفيفي كذلك على أهمية أن تقوم كافة هذه الهيئات باتاحة الوثائق والشهادات التي تسفر عنها أمام الباحثين وقال " من الأفضل أن تجتمع كل هذه اللجان تحت مظلة هيئة أو متحف قومي يقوم بتصنيف هذه الشهادات بطريقة عملية لخدمة تاريخ مصر في المستقبل ". ورأى أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة أنه من الأفضل أن يقوم هذا المتحف بعمله بعيدا عن سلطة دار الوثائق القومية وقال إن" دار الوثائق بوضعها الحالي مثقلة بالمهام والأعباء العلمية الجسيمة وبالتالي من الأفضل وجود هيئة مستقلة عنها لحفظ أرشيف ثورة 25 يناير " . وأوضح عفيفي أن دعوته لاستقلال هذا المتحف " ليست بدعة ، ففي دول كثيرة من العالم توجد أكثر من هيئة لحفظ الأرشيفات الوطنية " ، معتبرا أن دعاة حفظ كافة الوثائق في دار الوثائق القومية لا زالوا أسرى لوعي قديم يمجد فكرة " مركزية الدولة" في حين أن دولا كثيرة في العالم لديها أكثر من أرشيف . وجدد عفيفي المطالب التي دعا إليها مؤرخون ومتخصصون في الأرشيف القومي بفصل دار الوثائق عن وزارة الثقافة وقال " أفضل أن تتمتع دار الوثائق باستقلالية عن الوزارة ، لتتبع جهة سيادية مثل رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء مباشرة وذلك لكي تكون لها سلطة تلزم كافة الجهات والوزارات بتسليم وثائقها للدار " وتشكك صاحب كتاب " المستبد العادل " في صحة الأنباء التي أكدت أن وزارة الداخلية ستقوم بتسليم وثائق أمن الدولة الى دار الوثائق وقال " سمعت بنفسي تصريحات وزير الداخلية منصور عيسوي في جلسة مع أساتذة جماعة 9 مارس أكد فيها ذلك ، لكني أتشكك في امكانية تنفيذ هذا الاقتراح عمليا ، لأن قيادات كبيرة في الداخلية تفكر بعقلية قديمة و لا ترى أن من مصلحتها تسليم وثائق أمن الدولة في الوقت الحالي" وأشار عفيفي الى أنه في تسليم وثائق أمن الدولة لدار الوثائق القومية فلابد من أن تقوم لجنة مختصة بتصنيفها واتاحتها في " أسرع وقت " لأنها وثائق شبه مجهولة وبالتالي ستكشف عن حقائق كثيرة اذا ما تم التعامل معها بطريقة عملية وليست فضائحية " وانتقد مؤلف كتاب "عرب وعثمانيون " قانون الوثائق الجديد والمقرر عرضه على مجلس الوزراء قريبا لاقراره وقال " القانون الجديد أعد بأيدي مرتعشة ، بسبب الخوف من فكرة الوثيقة التي لا تزال مرتبطة في الوعي الجمعي ب" الأسرار " ودعا الى حملة تمهد للرأي العام فكرة القبول بمبدأ " إتاحة الوثائق " اذ أن نخبا كثيرة لا تزال مع مبدأ " حجب الوثائق " وليس اتاحتها وكشف مافيها من معلومات . ورحب عفيفي بالجهود التي تبذلها اللجنة المشكلة لتوثيق أحداث الثورة في دار الوثائق القومية وقال " من حسن حظ هذه اللجنة أن رئيسها المؤرخ المرموق خالد فهمي رئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية وهو على وعي كبير بمستجدات البحث العلمي وبالتالي يمكن للجنة أن تنجز الكثير معه " وأشاد عفيفي كذلك بخطوات اللجنة نحو تدريب مجموعة من المتطوعين لجمع وحفظ شهادات المشاركين في الثورة وقال " هذا توجه رائع ينسجم مع توجهات مابعد الثورة ". ورأى أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة القاهرة أن وجود مؤلفات كثيرة عن الثورة في الوقت الحالي أمر ايجابي وقال " لا اعتبر وجود مؤلفات كثيرة عن ثورة 25 يناير ظاهرة سلبية ، بل على العكس في الأمر توجه ايجابي لتوفير مادة خام تعين المؤرخين على إنجاز عملهم في المستقبل " وشدد عفيفي على أن المؤرخين سيجدون غزارة في المواد التاريخية التي اتاحتها الثورة فهي ثورة جديدة حتى بما تقدمه من وثائق غير تقليدية والعبرة بقدرة المؤرخ على الفرز واعادة تمثل الاحداث بشكل صحيح . وقال اتاحت ثورة 25 يناير الكثير من المواد المصورة وفنون الجرافيتي لكن المشكلة أن كثير من المؤرخين لا زالوا يعملون بأدوات المؤرخ التقليدي وهي أدوات لابد من تغييرها لتلبية عطش هذا الجيل لمعرفة تاريخه .