يوافق 5 يونيو ذكرى إعادة افتتاح قناة السويس أمام الملاحة الدولية عام 1975 وهو اليوم الذى اختاره الرئيس الراحل انور السادات ليمحو ذكرى نكسة 67 وإغلاق القناة لمدة ثماني سنوات كاملة ، كما أنه اليوم الذى أنتظره العالم طويلا وجاء الاحتفال به عالميا ،ومنذ هذا التاريخ وقناة السويس تزداد قوة وصلابة بعدما شهدت توسعات ومشروعات عديدة لخدمة الملاحة العالمية كلها . لقد ربطت قناة السويس العالم كله وأصبحت حلقة الوصل الرئيسية بين بلدان العالم ، والحقيقة أن تاريخ القناة حافل بالإنجازات والأحداث ، وكانت محور أحداث عالمية عديدة ، وشهدت الحرب والسلام وصارت مصدرا مهما من مصادر الدخل القومى . لقد استردت الإرادة المصرية قناة السويس مرتين الأولى عام 1956 عندما أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عن تأميم قناة السويس لتصبح شركة مساهمة مصرية ، والمرة الثانية فى 6 أكتوبر 73 بسواعد الشرفاء وأرواح الشهداء . لم تكن قناة السويس شاهد عيان على الصراع العربى الإسرائيلى فقط على مدى أكثر من خمسين عاما ، بل كانت سببا فى حرب السويس فى 29 أكتوبر 1956 حيث تحالفت انجلترا وفرنسا مع اسرائيل للقيام بالعدوان الثلاثى على مصر ، وفى أثناء حرب الاستنزاف كانت القناة شاهدا على العمليات الفدائية البطولية التى قام بها المصريون ضد القوات الإسرائيلية المحتلة حتى نصر أكتوبر 73 . وفى مرحلة السلام والتنمية أصبحت القناة أحد المصادر الهامة للدخل القومى المصرى كما انها المعبر الاستراتيجى للوصول إلى سيناء حيث تم إنشاء عدد من الممرات البرية إلى شبه جزيرة سيناء مثل نفق الشهيد أحمد حمدى الذى يمر أسفل مياه القناة وجسر السلام فى القنطرة وجسر السكة الحديد فى الدفرسوار ، هذا إلى جانب العديد من المشروعات التنموية العملاقة التى أستهدفت تعمير سيناء ومحافظات القناة الثلاث . لقد شهدت قناة السويس عبر تاريخها قصصا وصفحات مضيئة ، قصة الحفر والتأميم فالعدوان الثلاثى ، وانسحاب المرشدين ، وعودة الملاحة ، إنها قصص من العرق والدم والكفاح وكلها تثبت صمود الإنسان المصرى الذى حفرها وعبرها واستشهد على ضفافها . تعد مصر أول دولة شقت قناة صناعية عبر أراضيها لتربط البحر المتوسط والبحر الأحمر عن طريق النيل وفروعه وكانت أول قناة أنشأها سنوسسرت الثالث أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة وفتحت عام 1874 ق .م ، ثم أهملت وأعيد فتحها عدة مرات ، ثم قناة سيتى الأول عام 1310 ق.م ، فقناة دارا الأول عام 510 ق.م ، قناة بطليموس الثانى عام 285 ق.م ، قناة الرومان عام 117 م ، قناة أمير المؤمنين عام 640.م ، بعد الفتح الإسلامى لمصر ، وظلت 150 عاما ولكن الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور أمر بردمها كى لاتستخدم فى نقل المؤن الى أهل مكة والمدينة الذين تمردوا على حكمه ، وهذه القناة كانت تصل بين الفسطاط والسويس ، وعندما أكتشف البرتغاليون طريق رأس الرجاء الصالح فى بداية القرن السادس عشر الميلادى تغيرت معه حركة التجارة العالمية . وفى عام 1800 كلف نابليون بونابرت مجموعة من الخبراء بدراسة منطقة سيناء ولكن حساباتهم الخاطئة توصلت إلى أن أحد المجريين المائيين وهو البحر الأحمر أكثر أرتفاعا من الأخر بنحو 30 مترا وفى حالة حفر القناة ستغرق المنطقة .. وفى عام 1854 استطاع المهندس الفرنسى فرديناند ديليسبس أن يثبت خطأ حسابات نابليون وبالفعل بدأ الحفر فى القناة فى ابريل 1859 وأنتهى العمل فيها عام 1869 ، حيث قام أكثر من مليون عامل مصرى بالعمل فى القناة ودفن آلاف منهم تحت ترابها فى أثناء الحفر لعدم توافر الظروف الصحية والاجتماعية اللازمة وأفتتحت رسميا للملاحة فى عهد الخديوى اسماعيل فى 17 نوفمبر 1869 ، وكانت مدة الامتياز 99 عاما من تاريخ افتتاح القناة ،تعود بعدها ملكيتها للحكومة المصرية . لقد ظلت قناة السويس على مدى السنين مطمعا للمستعمرين وسببا للكثير من الصراعات .