اثأر التواجد والتدخل العسكري الروسي في سورية مؤخرًا حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض ، في الشارع السوري، وسط شبه إجماع ، بمقابل ذلك ، على أن الصراع لن ينتهي قريبا. وبدأت الطائرات الحربية الروسية شن غارات جوية انطلاقًا من قاعدتها في مطار حميميم العسكري في محافظة اللاذقية على الساحل السوري و هي محافظة موالية في معظمها للرئيس بشار الأسد وذات غالبية من طائفة العلويين التي ينتمي إليها . وفي الوقت الذي تحدثت فيه تقارير عن سقوط قتلى مدنيين وعسكريين معارضين خلال غارات الطائرات الروسية في مناطق عديدة في سورية، نفت موسكو مثل هذه التقارير، وقالت إنها" قصفت تنظيمات إسلامية إرهابية". ورغم مباركة بطريرك الأرثوذكس الروسي تدخل بلاده العسكري في سورية ، إلا أن جميل دياربكرلي مدير المرصد الأشوري السوري لحقوق الإنسان اليوم قال لوكالة الأنباء الألمانية أن " الكنيسة الروسية لا تزال تعيش في القرون الوسطى، فزمن الحروب المقدسة ذهب ولن يعود وهذا الزمان هو زمان السلام والمحبة والعدالة والحق التي يجسدها رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس . وعلى الجانب الآخر ، يعلن معظم زعماء و رؤساء الكنائس الشرقية" وقوفهم إلى جانب الدولة السورية، و يقابلون الرئيس بشار الأسد بشكل دوري " . وعلى الصعيد السياسي ،تقول ميس كريدية ، وهي تقدم نفسها على أنها من معارضة الداخل و شاركت في لقاءات موسكو ، لوكالة الأنباء الألمانية" أعتقد أن أي آلية لدفع العملية السياسية اليوم تعتبر ضمن المنطق الايجابي ..إن عملية مواجهة الإرهاب أصبحت مطلبا للمنطقة بالكامل حيث تم إغراق المشهد السوري بالتطرف ، وبفعل فتح الحدود للمتطرفين اتخذت الأمور منحى آخر". وأضافت "لقد تعمقت مأساة الشعب السوري بحيث لابد من وقف لهذه الحرب القذرة وبالتالي بما أن التحالف الدولي لم يحقق انجازًا في معركته مع تنظيم داعش وقوى التطرف، فإن الروس حسب تقديري سيكونون أشد إخلاصا للفكرة لأنهم ضمن المحور الدولي المتضرر من تمدد الإرهاب ولم يشتركوا في دعمه مثل عدد من الدول الإقليمية والقوى الدولية." وأوضحت كريدية" رغم ذلك نحن في هيئة العمل الديمقراطي ، و كمواطنة سورية تعمل في الشأن العام ، ضد كافة أشكال التدخل الخارجي على الأراضي السورية " وفق تعبيرها. وعلى الساحة الخارجية، ينقسم المجتمع الدولي في الصراع المستمر في سورية معسكر تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا مع بلدان الخليج العربي و تركيا، في مواجهة معسكر تقوده روسيا مع تحالف الصين وإيران و بعض البلدان العربية واللاتينية الداعمين للحكومة السورية بقيادة الأسد. ويرحب جمهور الموالين للحكومة السورية بالتدخل الروسي في بلادهم و ذلك في إطار إعلان الرئيس بشار الأسد انه " طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التدخل العسكري لمحاربة الإرهاب " . ويقول علي محسن، وهو عضو في أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المنضوية تحت قيادة حزب البعث الحاكم " نحن سعداء جدا بقدوم القوات الروسية لمساعدتنا في مواجهة الإرهاب و دعم سلطة الرئيس الأسد ، العالم بات أكثر اقتناعًا بعد سنوات الحرب أنه كان على خطأ عندما سلح المعارضة الإسلامية و طالب برحيل الأسد ، نحن نقولها صراحة الأسد أو يحترق البلد و لا أحد غير الأسد " حسب تعبيره. و تقول مواطنته منى اسمندر ، ل" د ب ا" ، و هي معلمة ووالدة جندي في الجيش السوري قتل العام الماضي " نرحب بقرار رئيسنا الأسد طلب الدعم الروسي لمكافحة الإرهاب ، زوجي درس الهندسة في روسية و عاد يعمل في سورية ، و هو مثل عائلتي يرحب بالأصدقاء الروس لدعم نظامنا و قتال المعارضة المدعومة خارجيا ، ابني قتل من قبل هؤلاء الإرهابيين و ضحى بحياته و لا نريد ان نخسر المزيد من رجالنا ، القوات الروسية تساندنا خير مساندة". وترفض فدوى محمد التدخل الروسي وتعتبره" احتلالًا صريحًا" وتقول " الأغلبية من السوريين من مختلف الأطياف وإن كانت الأكثرية السنية هي في الواجهة ، بحكم أنها أكثرية ، ترفض هذا الاحتلال ، الذي هو الثاني في عهد الأسد الابن ، بعد الاحتلال الإيراني ، سقطت ما تبقى من ورقة التوت عن هذا النظام المستبد ، هو و النظام الروسي متشابهين في الهيمنة على البلاد ، حتى مجلس الدوما وافق بنفس طريقة مجلس الشعب في سورية ، شكليا ، و بعد إعلان وجود القوات و الطائرات الحربية الروسية في سورية و ليس قبل ذلك ، هذا احتلال صريح و عدوان على الشعب و السيادة السورية بطلب رسمي من نظام الأسد وجمهوره " حسب تعبيرها . وتقول قوى المعارضة السورية في الخارج المدعومة من المجتمع الدولي و بلدان عربية و تركيا أن " موسكو ستغرق في الوحل السوري طال او قصر الزمن و هم لم يتعلموا من تجربتهم في أفغانستان سابقا". وكتب المعارض والكاتب السوري ميشيل كيلو يقول " سيد بوتين أقول لك بكل صراحة ووضوح إنك أرسلني جيشك إلى سورية لإنقاذ الأسد. أود أن أخبرك، كمواطن سوري، أن أحداً لن ينقذك من سورية، والأيام بيننا". وعلى الصعيد الرسمي ،أعلن وزير الخارجية وليد المعلم ان " مفاجآت ستحدث و تغير موازين القوى و تقلب الطاولة". وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الجمعة " أن الولاياتالمتحدة لن تجعل سورية حربا بالوكالة بين واشنطن و موسكو، و إن روسيا ليست أقوى الآن نتيجة ما تقوم به، بل إنها تحصل على الاهتمام". و أضاف اوباما الذي التقى الأسبوع الماضي في نيويورك بوتين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة " أن العقوبات التي فرضت على روسيا بسبب أوكرانيا لا تزال قائمة، وأن الولاياتالمتحدة لا تخضع لعقوبات . وحذر اوباما بوتين من النتائج العكسية للعمليات العسكرية في سورية قائلا " إن إستراتيجيته المتمثلة في مضاعفة دعم الرئيس السوري بشار الأسد لن تنجح إذا لم يكن الهدف منها التوصل إلى تسوية سياسية ، و إن حملة القصف الجوي ستجر موسكو إلى مستنقع يصعب الخروج منه".