يمر اليوم عام على رحيل أحد أهم من أثروا في الحالة الفنية من النجوم رغم قصر فترة عمله بالفن وهو الفنان خالد صالح. فقد تكون رحلته الفنية قصيرة جدًا ، لكنه نجح في أن يصنع لنفسه تاريخًا فنيًا يذكر به بين الناس كلما عرضت أعماله ،فهو لم يكن مجرد ممثل بل ظاهرة إنسانية وفنية أكدتها علاقاته مع الجميع ليس في الوسط الفني بل مع كل من عرفوه ومع جمهوره أيضًا. والنجم الراحل خالد صالح رغم قصر مشواره الفني ، لم يترك شخصية إلا وحاول الاقتراب منها ، جسد في عدد محدود من الأعمال السينمائية ما لم ينجح غيره في تجسيده من أدوار ارتدى فيها عباءة الشاعر في مسلسل "أم كلثوم " عندما قدم شخصية مأمون الشناوي ،ثم رجل المخابرات صلاح نصر في فيلم "جمال عبد الناصر " و رجل القضاء في "عمارة يعقوبيان " وابن البلد في عدد كبير من الأعمال. وعبارة إن فنانًا بدأ مشواره من الصفر تنطبق على خالد صالح إذ لم يكن كغيره من الفنانين الذين انطلقوا بسرعة الصاروخ لمجرد أنهم قدموا أدوارًا تجارية..، فقد بدأه بعد سنوات من المعاناة ولم يكن يتوقع أن يصبح في وقت قصير من أهم نجوم التمثيل في مصر ، فقد يئس من أن يصل صوته للسينمائيين ومخرجي المسرح ،بعد تخرجه في كلية الحقوق عام 1987 واكتفى خالد صالح بممارسته هوايته مع صديقه النجم خالد الصاوي إلى جانب عمله في التجارة الحرة. وفى حي حلوان جنوبالقاهرة مارس صالح حياته تاجرًا ، ومتابعًا للحركة المسرحية دون أن يجد لنفسه طريقًا إلى الاستوديوهات أو المسارح الكبيرة كالقومي والسلام وغيرهما من مسارح القاهرة ..حتى كانت فرصته الأولى مع صديقه أو كما يقول عنه معلمه الأول رغم إنهما متقاربان عمريًا خالد الصاوي ليقدمه في عدد من الأعمال المسرحية التي يخرجها ويشارك فيها بالتمثيل. وحتى مع ممارسة الهواية لم يكن خالد صالح يتوقع أن يصبح فى يوم وليلة ومن عمل سينمائي واحد نجمًا محيرًا بأدائه للنقاد لقدرته على التنوع والخروج بالعمل الفني من دائرة الأداء التقليدي مستفيدًا من تجاربه المسرحية ومن رغبته الملحة فى أن يقول للجميع إنه موجود ..وكان هذا العمل هو فيلم "تيتو" مع النجم احمد السقاالذي قفز به درجات سلم النجومية بسرعة مؤكدًا موهبته مجسدًا شخصية رجل الأمن الفاسد ويعتبر من أجمل أدواره. خالد صالح عاش التجربة بحب شديد فقبل تصويره لمشهد يلعب فيه الاسكواش مارس اللعبة لأيام ليقدم واحدًا من أجمل وأهم المشاهد ومنه انطلق إلى النجومية المشهد قدمه صالح بتحد شديد ، إذ كان قد ذهب للعب وفى يده المضرب بينما يقوم رجاله بهدم مطعم السقا "تيتو" لأنه رفض تنفيذ أوامره. ويحصل من خلاله على جائزة أفضل دور ثان من المهرجان القومي ال11 للسينما عام 2005 واقترب أكثر من البيت والأسرة المصرية بدوره الرائع في فيلم "أحلي الأوقات " مع هند صبري ويعزز نجاحه كنجم يعترف به الراحل يوسف شاهين عندما قدم فيلم "هي فوضى " الذي تنبأ فيه شاهين بثورة 25 يناير . ومع صديقه خالد يوسف قدم عدة أعمال بعد نجاحهما معا في "هي فوضى " منها ضيف الشرف في "حين ميسرة" و"كف القمر". وما قدمه من أعمال في الفترة القصيرة التي عاشها يثير الدهشة فقد قدم أكثر من 37 فيلمًا و 16 مسلسلاً تليفزيونيًا وآخر إذاعيًا ومسرحيات كثيرة ..تجاوز بهذه الأعمال ما يمكن أن يتوقعه منه أحد ، إذ نجح في أن يكون نجمًا يحترمه ويقدره الجميع حتى عندما قدم الكوميديا الساخرة في أفلام مثل "ابن القنصل " و"الحرامي والعبيط ". وعندما قدم الدراما التليفزيونية ، رغم أنه لم ينل نفس القدر من الجماهيرية والنجاح إلا أنه كان نجمًا بكل المقاييس ، فهو منذ أن شارك في مسلسل "أم كلثوم " والمخرجون يضعونه في مرتبة معينة ، وهى التي صنفته كممثل بمواصفات خاصة. ومن بين هذه الأعمال "فرعون " و"موعد مع الوحوش" و"سلطان الغرام " و"تاجر السعادة " الذي كشف فيه عن انتمائه للنادي الزمالك وحبه الشديد له ، وبسببه أحبه جمهور الزمالك وسجلوا أغنياته التي قدمها في المسلسل وتغنوا بها في المباريات ..إذ قدم خالد صالح فى المسلسل شخصية الكفيف الذي يجيد كل الأعمال وهى شخصية فيها من الواقع الكثير فكان يمسك بالعود ويعزف في المباريات ويغنى داعمًا الفريق الذى يشجعه ..وكان هذا الفريق هو نادي الزمالك ومن هذه الأغنيات التي قدمها صالح في المسلسل ..وكان يتمنى لو يشاهد هذا الفريق وهو يحتفل ببطولتين الدوري والكأس معا ليغنى له مرة أخرى كما غنى يا زملكاوية .. اصحوا معايا شوية والأبيض أصله زملكاوي أفراح الناس ابيض ف ابيض لو حتى المعزوم أهلاوي يمر عام على رحيل الفنان الخلوق خالد صالح حيث كان قد دخل في مثل هذا الشهر المستشفى وفى مثل هذا اليوم 25 سبتمبر توقف قلبه عن النبض ..توقفت الحروف واختفت الكلمات من المشهد الأخير لتبقى نظرات الوداع الأخير الذي كان من أقسى مشاهد لم يتضمنها عمل فني بكاه فيه كل من عرفوه عن قرب أو من عرفوه من خلال أعماله. رحل ولم يشاهد آخر أعماله وهو الجزء الثاني من "الجزيرة" الذي قدم فيه شخصية رجل الدين المتاجر بالدين وبكل شيء وفيه صور نهاية زمن الإخوان وزمن من يتاجرون بالدين في مشاهد كانت اشد قسوة من مشاهده في مسلسل "الريان " الذي قدم فيه أيضا صورًا لمن يتاجرون بالدين باللحية والجلباب الأبيض والمسبحة .