يغذي الصراع على النفوذ بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية في دول عدة في الشرق الأوسط التوتر بين السنة والشيعة، ولو أن الخلافات بين القوتين ذات جذور سياسية، بحسب محللين. من سوريا إلى العراق إلى اليمن، تدعم كل من طهرانوالرياض إجمالا مجموعات أو دول تشاطرها مذهبها، وتستخدم العصبية المذهبية كأداة تفيدها في تحقيق أهدافها السياسية، لكنها أداة خطيرة في الوقت نفسه بسبب التداعيات التي تتركها على المجتمعات. ويقول المحللون إن جذور النزاعات مرتبطة بالأمن والسلطة والتنافس بين القوتين الإقليميتين، لا بالشرخ الديني الذي حصل قبل 1400 عام. ويعود التنافس بين البلدين النفطيين اللذين يسعيان، كل من جهته،إلى تكريس نفوذه الإقليمي، إلى عقود مضت. وشهدت علاقاتهما توترات وفترات تقارب. وتدهورت العلاقات إلى أدنى مستوى بعد الاجتياح الأميركي للعراق الذي دعمته السعودية في 2003، على الرغم من استهدافه نظام زعيم سني هو صدام حسين. اليوم، بات العراق يدور تماما في الفلك الإيراني، ويسيطر الشيعة فيه على كل مفاصل السلطة. ومن السهل النظر إلى النزاعات التي يتدخل فيها البلدان بطريقة أو بأخرى من المنظار الطائفي. وفي اليمن، وضع المسئولون السعوديون تدخلهم العسكري الأخير على رأس تحالف من الدول السنية، في بلد حدودي مع السعودية، في إطار الدفاع عن الشرعية التي يهاجمها الحوثيون الشيعة المدعومون من إيران. في البحرين، تتهم الحكومة المدعومة من السعودية إيران وحزب الله بإثارة الشغب وتشجيع المعارضة الشيعية على التمرد. في لبنان، تدعم الرياض رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أبرز زعيم سني في البلاد، والمعارض لحزب الله الشيعي المدعوم والممول بشكل أساسي من إيران. والعلاقات بين قطر ومصر، وهما دولتان سنيتان، متدهورة بسبب دعم الأولى لجماعة الإخوان المسلمين، وعداء السلطات المصرية لهذه الجماعة التي تسلمت السلطة لوقت قصير بعد "ثورة 25 يناير" 2011 ضد الرئيس السابق حسني مبارك. لكن البلدين يدعمان العمليات الجوية العسكرية بقيادة السعودية على اليمن. وفي حين تدعم تركيا أيضًا عملية "عاصفة الحزم" في اليمن، تتنازع مع كل من قطر والسعودية النفوذ على المعارضة السورية. على الرغم من أن أساس العلاقات تندرج في إطار الجغرافيا السياسية، فإنها تنمي الشعور الطائفي إلى درجة خطيرة وأحيانا مدمرة. في ساحات معركة مثل سوريا، يعتمد المقاتلون، حتى غير المتطرفين منهم، خطابا دينيا، وهدفهم، بحسب ما يردد ناشطون، جذب الشريحة الأكبر من الجماهير إليهم، في منطقة يشكل الدين فيها مرجعا أساسيا في حياة الناس.