قال الشاعر والإعلامي سعد قليعي: "إن الكتابة عند أمل دنقل لم تكن وسيلةً لكسب الرزق، ولا كانت سببا من أسباب الحياة، ولا بابا للتحقق، ولا أيا مما نظن الكتابةَ تعنيه، إنَّ الكتابةَ عند أمل كانت هي الحياة الأهم من الحياة نفسها، بل وأن الحياة كانت عنده مجرد وسيلةٍ للإبداع، الذي هو هدف كلُّ شيء عداه". جاء ذلك خلال احتفالية نظمها فرع ثقافة قنا، مساء أمس الخميس، للاحتفال بمرور 32 عاما علي رحيل الشاعر أمل دنقل، الملقب ب"أمير شعراء الرفض"، في مسقط رأسه بمدينة قفط، والتي شهدت مولده عام 1940، فى قرية القلعة. وقد شهدت الاحتفاليةُ جلسة أبحاثٍ شارك فيها د. هويدا صالح، والناقد محمد علي عزب، كما شهدت جلسةَ شهادات شارك فيها الشاعر أحمد سراج، والإعلامي الشاعر سعد القليعي، واختتمت الاحتفالية بأمسية شعرية شارك فيها عدد كبير من شعراء قنا والأقصر، الذين أهدوا قصائدهم للشاعر الراحل. وأشارت الباحثة هويدا صالح، في بحثها "النصوص الغائبة في شعر أمل دنقل"، إلى أن بعض أنواع التناص عند أمل دنقل بمثابة نصوص غائبة لم يتطرق لها باحثون مِن قبل، مستعرضةً عددا من قصائد أمل دنقل، مِن بينها قصيدته الشهيرة "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"، لافتة إلى أن الشعراء القدامي قد اتكئوا في توظيفها على التصوير البياني، لذلك كانت بضمير الغائب، أما في الشعر المعاصر، فقدْ وجدنا حضور "الزرقاء" هو حضور الحضور، من خلال المواجهة الفنية، التي تمت على صعيد النص، من خلال ضمير المخاطب. وتناول الباحث محمد علي عزب، في بحثِه، الذي جاء بعنوان "أمل دنقل أيقونة الرفض والمفارقة"، أبرزَ مرتكزات الشعرية عند دنقل، وحالاته وتحولاته الشعرية، فضلا عن ملامح توظيف التراث وتقنيات السينما في تجربته، وملامح الرومانسية، مؤكدا أن الرومانسية بالنسبة للشاعر أمل دنقل لم تكن مجردَ استراحةٍ شعرية يزورها، ويقيم فيها قليلا من الوقت، على فترات زمنية متباعدة، ولكنها كانت ظلا لونيا في خلفية أيقونة الشعر، وأيقونة الرفض والمفارقة. وأضاف "عزب": "لم تكن هذه الرومانسية في شعره تخلو من الرفض، واٍنْ كان رفضا رومانسيا لقسوة الحياة في المدينة، يتمثل في الحنين اٍلى الفطرة، والاشتباك بمفردات وعناصر الطبيعة، التي تتماثل في براءتها مع براءة الشاعر". وتحت عنوان "الدم القاطع والنص الحي"، أشار الشاعر أحمد سراج، في شهادته، إلى الشاعر المثقف وتوظيف ثقافته، ووقوف تجربة أمل في وجه الحاكم، أو السلطان، وقوفا مباشرا، دون أن يتكئ على المجاز. وقال "سراج"، في شهادته عن أمل دنقل: "على مدى شعرنا العربي الممتد لآلاف السنوات، ندر أن نلمح شاعرًا آثر أن يصرخ في وجه السلطان: أنت عارٍ تماما، أنت كاذب، أنت ضعيف، كان الشاعر قديما يختبئ خلف المجاز، يمدح ظاهرًا ويقدح باطنًا.. قليلون هم من رفعوا راية العصيان، وهؤلاء أجبرتهم قبائلهم على الخروج، فانتقلوا من بيد إلى بيد، ومن جوع إلى جوعٍ، حتى أماتوا الجوع.. وبقيت البيد تردد أبيات الحرية". وأضاف الشاعر أشرف البولاقي مدير عام ثقافة قنا، ل"بوابة الأهرام"، أن الاحتفالية، التي تم تنظيمها لتجربة الشاعر أمل دنقل، هي احتفالية تمهيدية للمؤتمر الشعري والثقافي الكبير، المزمَع انعقاده في مايو المقبل، بحضور وزير الثقافة، وعدد من الباحثين والشعراء والدارسين المصريين والعرب.