أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها، بقبول الطعون المقدمة من المتهمين بقضية خلية الماريوت، ومن ثم إعادة محاكمتهم من جديد أمام إحدى دوائر محكمة الجنايات، التي حددت جلسة 12 فبراير الجاري، لبدء جلسات إعادة المحاكمة، بمعهد أمناء الشرطة. قالت محكمة النقض في حيثيات حكمها، التي جاءت في 27 ورقة، إن القانون أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة، بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت ارتكاب المتهم لها، وأن تلتزم بذكر مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها، وإلاّ كان الحكم قاصراً. الحيثيات أشارت إلى أن المادة 86 من قانون العقوبات الخاصة بتعريف جريمة الإرهاب والمادتين 86 مكرر و86 مكرر "1" التي تفصل الجرائم المكملة لفعل الإرهاب، هي التي أدين بها جميع المتهمين في القضية أمام محكمة الجنايات –عدا المتهم الخامس- وهذا أمر لم يتحقق في المتهمين، إلاّ بتوافر عنصرين، أولهما المادي ويتمثل في مظاهر القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع التي تحدث من الجاني، فالسلوك الإجرامي في جريمة الإرهاب يتخذ شكل العنف بمعناه الواسع بما يشير إليه من معان مختلفة تتضمن استخدام القوة أو التهديد أو الترويع بها، ويتسع إلى الصور التي خلقتها التكنولوجيا الحديثة، فلا يقف عند المعنى المادي للعنف، فيعتبر من قبيل العنف المكون للإرهاب استخدام نظم المعلومات لأغراض إرهابية. أما العنصر الثاني فيتمثل في القصد الجنائي العام، وهو إدراك الجاني لما يفعله وعلمه بشروط الجريمة، وقصده أن يخل بالنظام العام ويعرض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وبذلك يشمل كل الأعمال الإجرامية التي تتجه ضد الدولة أو أن يكون من شأنها خلق حالة من الرعب في عقول أشخاص معينين أو لدى جماعات من الأشخاص أو الجمهور العام. وأوضحت محكمة النقض أن حكم محكمة الجنايات "أول درجة"، أدان المتهمين بالانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون وتتخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ الأغراض التي تدعو إليها، وهي جماعة الإخوان، دون أن يدلل على وجود تلك الجماعة والغرض من تأسيسها قبل انضمامهم إليها، وكيفية انضمامهم لها، ومدى علمهم بالغرض من تأسيسها. وكشفت الحيثيات أن الحكم أيضاً أدان 5 متهمين بجريمة حيازة مطبوعات وتسجيلات معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها، وأدانهم بجريمة إمداد هذه الجماعة بمعونات مادية ومالية، وذلك دون أن يوضح ماهية وطبيعة تلك المعونات، وكيفية إمدادهم بها، مع علمهم بما تدعو إليه الجماعة وبوسائلها في تحقيق أو تنفيذ ذلك. كما أدان حكم أول درجة أحد المتهمين بجريمة حيازة أجهزة اتصالات وبث دون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وذلك دون أن يوضح بيان هذه الأجهزة، ودون أن يدلل على حيازته لها بدليل سائغ، ولم يبين أيضاً مضمون تقرير الأدلة الجنائية بشأن ما نسب ضبطه مع المتهم، مكتفياً بسرد محتوى أحراز المضبوطات التي ضبطت في حوزة المتهمين دون بيان مضمونها بصورة وافية. وأكدت المحكمة في حيثياتها أنه حكم محكمة الجنايات أورد إقرارات المتهمين، ثم عاد ونفى عنهم إقراراتهم، مما يصم الحكم ب"التعميم والاضطراب إنما يدل على اختلاف فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة، بصورة يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذي يتعذر معه بالتالي على محكمة النقض تبين صحة الحكم من فساده، وينبئ عن أن الواقعة لم تكن واضحة لدى المحكمة بالقدر الذي يؤمن معه خطأها في تقدير مسئولية الطاعنين، ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه، متناقضاً تناقضاً يعيبه ويوجب نقضه". وأضافت المحكمة أن رد حكم أول درجة على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة "بالضبط والتفتيش "جاء بدون أسباب كافية وسائغة، لأن الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلاّ لضبط جريمة (جناية أو جنحة) واقعة بالفعل، وترجحت نسبتها إلى متهم معين، وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية، إلاّ أن الحكم اكتفى في الرد على هذا الدفع الجوهري بعبارة قاصرة لا يستطاع معها الوقوف على مسوغات الحكم. واتهمت محكمة النقض الجنايات بالتقاعس عن القيام بالتحقيق التكميلي باستلام الأحراز وإعادة تحريزها بعد فضها وعرضها، حيث أمرت النيابة العامة في جلسة 5 مارس 2014 بالقيام بذلك، مؤكدة أن "هذا الإجراء باطل، ويصم الحكم الذي استند إليه بالبطلان". محكمة النقض أوضحت أيضاً أن محكمة الجنايات تعجلت في الفصل في الدعوى قبل ورود تقرير الطب الشرعي الذي طلبته عن المتهمين بعد قولهم إنهم تعرضوا لإكراه مادي ومعنوي للإقرار بأمور غير صحيحة، مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، مما يبطله ولا يعصمه من البطلان.