أثار قرار وزير القوي العاملة الدكتور أحمد البرعي، بإيقاف إصدار التراخيص لجلب العمالة الأجنبية جدلًا واسعًا بين مؤيد ورافض بشروط. بداية يجزم مجدي طلبة، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة الأسبق، بأن أعداد العمالة الأجنبية الحاصلة على تراخيص رسمية بمزاولة العمل لا تزيد على 30 ألف عاملًا غي مختلف التخصصات، ويتركز عددهم في قطاعي السياحة والغزل والنسيج، مؤكدًا أن وزارة الداخلية مسئولة عن وجود عمالة أجنبية أخرى لا تحمل تصاريح رسمية. يضيف أن القانون سابقا كان يسمح بجلب 10% من العمالة من الأجانب لكن المشكلة أن الكثير من العمالة الأجنبية هم من الأجانب الذين وفدوا إلي مصر سياحيًا أو الطلاب الأجانب الذين يقومون بالدراسة ضمن البعثات والوفود التعليمية وهؤلاء يعملون في السوق المصرية بالمخالفة. ويوضح أن هناك عمالة أجنبية وافدة من جنوب شرق آسيا وهؤلاء علي درجة كبيرة من الوعي التكنولوجي والقدرة على تشغيل الآلات الحديثة، فنجد أصحاب الأعمال بدلًا من إحضار مدربين لتدريب العمالة المصرية علي هذه المعدات يفضلون العمالة الأجنبية الوافدة؛ لأن هذه المعدات تتطور بشكل تكنولوجي سريع، مما يفرض علي أصحاب هذه المصانع أن يجلب مدربين أجانب بشكل مستمر لتعليم وتدريب العمالة المصرية وهو ما يعد مكلفًا للغاية، لذا فإن الشركات المصرية كانت تلجأ إلى الإبقاء علي الأجانب لتشغيل هذه المعدات المتطورة . ويقول طلبة إن قطاع النسيج والملابس الجاهزة خصوصًا التي تقوم بأعمال التصدير مستحيل عليها أن تستعين بالعمالة العشوائية ولابد أن يكون جميع العاملين فيها لديهم تراخيص رسمية لممارسة المهنة؛ لأن هناك تفتيش دوري علي هذه المصانع خصوصًا العمالة الأجنبية. ويؤكد طلبه أن القطاعين الغزل والنسيج والملابس الجاهزة يعانون من أزمة حادة في تشغيل العمالة حتى أن نسبة العجز في العمالة المدربة أو غير المدربة تصل إلى 25% مشيرًا إلى أن أزمة العمالة هي قضية شاركت فيها وسائل الإعلام من خلال النظرة الدونية لخريجي المدارس الصناعية وكذا السياسات التعليمية الخاطئة، ولابد من تطوير هذه البرامج لمحو نسبة البطالة الوهمية التي تعاني منها السوق المصرية . لكن إبراهيم الأزهري، نائب رئيس اتحاد العمال، يتفق تمامًا مع توجيهات الوزير أحمد البرعي في ضرورة الاستغناء عن العمالة الأجنبية حتى يحل محلها المصريون العائدون من دول الخليج والدول التي تشهد ثورات تحررية مثل ليبيا واليمن . يضيف الأزهرى أن إتحاد العمال قام بتصنيف هذه العمالة العائدة وتحديد تخصصاتها تمهيدًا لإجراء تدريب تحويلي لها وفقًا لاحتياجات سوق العمل وكذا شغل الوظائف التي كان يشغلها هؤلاء الأجانب الذين سيتم الاستغناء عنهم مشيرًا أن السنوات الأخيرة من عمر حكومة رجال الأعمال قد شهدت جلب أعداد كبيرة من الأجانب للشركات الخاصة ويجب أن يقتصر جلب الأجانب علي التخصصات الدقيقة وبحد أقصي ستة أشهر فقط . يختتم قائلًا أن اتساع رقعة الاستعانة بالعامل الأجنبي يقابلها اتساع نسبة البطالة بين العمال المصريين، مشيرًا إلى أن العمالة العائدة من الدول العربية يمكن استخدامها في المشروعات القومية العملاقة مثل توشكي وممر التنمية وشرق العوينات وكل ما هو مطلوب التدريب الدقيق علي التخصصات الفنية التي يحتاجها سوق العمل . أما عادل العزبي رئيس لجنة العمل بإتحاد الصناعات، فيؤكد أن قرار وزير القوي العاملة يجب تنفيذه لكن يجب أن يراعي أن هناك بعض الصناعات تكون بحاجة ماسة إلي العامل الأجنبي أو الخبير الفني الأجنبي، لذا يجب أن يراعي أن تكون نسبة هذه العمالة وفقًا لطبيعة كل قطاع خصوصًا وأن سوق العمل داخل مصر لا يزال متأثرًا بمخرجات العملية التعليمية السيئة التي تفرز خريجين من المدارس الفنية والجامعات ذات مستوي متدني مهنيًا بل أنه يري أن التدريب التحويلي لهذه العمالة مكلف للغاية وغير مجد . ويري العزبي أن تنظيم جلب العمالة الأجنبية أفضل لخلق جو من المنافسة التي يترتب عليها زيادة تنافسية العامل المصري وإنتاجيته. لكن الوضع عند المرشدين السياحيين مختلف تمامًا، حيث تنتابهم حالة من الغضب والسخط الشديدين كما يقول محمد غريب نقيب المرشدين السياحيين قائلًا: أن ما يقرب من 16 ألف مرشد أجنبي يعملون في مجال الإرشاد وأن تصاريح الترجمة التي كانوا يحصلون عليها هي الباب الخلفي الذين يحصلون بواسطته علي تصريح للعمل في السوق المصرية ويتقاضون مرتبات أضعاف ما يتقاضاه المصري، علاوة على أن عملهم في قطاع السياحة والآثار يمكن أن يترتب عليه سلبيات ثقافيه خطيرة عن الآثار والثقافة والحضارة المصرية وأن المصري هو الأجدر علي العمل في هذا المجال الحيوي. علاوة علي ذلك فإن هؤلاء الأجانب يتهربون من سداد الضرائب والرسوم وليس هناك أدني تنظيم للغالبية العظمي منهم لأنهم يعملوا بشكل عشوائي . لكن ماجد الجمل رئيس جمعية مستثمري السياحة يري أن شركات السياحة تجد أن الأجنبي يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في عملية التسويق والترويج للمنتج السياحي المصري خصوصًا عند مخاطبة الأجانب في دولة هذا الأجنبي الذي يعمل في مصر لتفادي الأخطاء التي قد تحدث عن السياحة في مصر . وفى الوقت نفسه يتفق الجمل مع اتجاهات وزير القوي العاملة بضرورة طرد العمالة الأجنبية التي تمثل عبئا على الاقتصاد المصري مثل الخادمات القادمة من دول جنوب شرق آسيا وإفريقيا خصوصًا. ويضيف الجمل أن الإعلام المصري دائمًا ما يشوهه صورة الخادمات والممرضات رغم حاجة المجتمع الملحة لهذه الوظائف فيترتب على ذلك عزوف الفتاة والمرأة المصرية عن العمل في هذين المجالين الحيويين . أما محمد المنوفي، رئيس جمعية المستثمرين بالعاشر من رمضان السابق فيري في العامل الأجنبي الالتزام واحترام قواعد العمل وإنتاجيته المرتفعة نتيجة التدريب التكنولوجي الراقي الذي يتلقاه هذا العامل، وهو ما يفرض علي وزارة القوي العاملة والتعليم والصناعة إعادة النظر في التدريب التكنولوجي الحديث للعمالة وضرورة الاستعانة بالمدربين الأجانب، وأن يلقن هؤلاء المتدربين المصريين قيم العمل واحترامه والالتزام بالدقة في الأداء والتنافسية المستمرة من خلال الحرص علي تطوير مستواهم المهني بشكل مستمر . ويؤكد المنوفى أن تطبيق القرار يعني عودة عمليات سرقة العمالة الماهرة التي انتشرت بين الشركات في الآونة الأخيرة، وأصبحت ظاهرة دفعت الشركات ثمنها، حيث ارتفعت أجور مثل هذه العمالة الماهرة بنسب خرافية تؤثر على التكلفة النهائية للمنتج.