إذا كنت في العراق فانت في مسرح مفتوح لكل أنواع القتل والدمار وإن تعددت أسماء الجهات التي تقوم به في مختلف أنحاء هذا البلد المنكوب بكل أنواع الفتن غير المسبوقة. العراق كان ومازال في حالة غير موصفة امتدت إلي دول أخري وعلي رأسها سوريا. ورغم أن القتل والاغتيال وغيره من الجرائم التي جعلت من أبسط أنواع الحياة رفاهية إلا أن ظهور ما يسمي بتنظيم الدولة الاسلامية في الشام والعراق "داعش" وتمدد هذا التنظيم في ثلث الاراضي العراقية والسورية جعل من خطر هذا التنظيم ظاهرة تهدد العراق رغم ان الجميع كانوا منخرطين في عمليات القتل جاء "داعش" الذي سيطر علي الموصل في العاشر من يونيو العام الماضي وعلي اجزاء من محافظات ديالي والانبار وصلاح الدين ليقتل وليبرر لآخرين المزيد من القتل ... علي أي الأحوال فالميدان هو الساحة الحقيقية التي يمكن للإعلام أن ينقل منها الواقع بصورة صادقة إلي القارئ وهو ما حرصنا عليه خلال زيارتنا لإقليم كردستان العراق المستقر دون بقية المناطق العراقية لأسباب كثيرة ليس هذا مجالها، والذي اصبحت 1050 كيلو مترا ممتدة من شرقه الي غربه باتجاه الجنوب هي نقاط تماس وقتال مع هذا التنظيم الإرهابي، وحرص "الأهرام" علي زيارة إحدى تلك النقاط التي تبعد مئات الأمتار عن مراكز داعش. كان الانطلاق من مدينة السليمانية بشمال العراق مع بدايات الصباح بصحبة السيدة الا طالباني رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي باتجاه كركوك التي تبعد 120جنوب غرب السليمانية بدون اية حماية ..... كان الطريق مسيطرا عليه وآمن لوجود قوات البشمرجة الكردية وبعد اكثر من ساعة وصلنا الي كركوك هذه المدينة النفطية الغنية والتي كانت ومازلت أحد أهم النقاط الخلافية بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم ... بدت المدينة التي يديرها مجلس محافظة يمثل الاعراق المتواجده فيها برئاسة المحافظ نجم الدين كريم "كردي"هادئة ومنظمة ولم نر خلال تجولنا اي مظاهر غير طبيعة فالمدينة التي تعد عراقا مصغرا ويوجد بها خليط من العرب الشيعة والسنة والتركمان والكرد خفت الاحتقانات بها بعد ظهور "داعش" رغم الكثير من المخاوف من المستقبل في ظل دخول القوات الكردية اليها وامكانية ان تتحول الي بؤرة مستقبلية لصراع حسمته الحكومة السابقة و"داعش" اللذين جعلا من تطبيق 140 امرا واقعًا، على أي الأحوال "فمدينة النار الأزلية "هادئة رغم بعض الاحاديث عن ممارسات ووقائع تفرض أمرًا واقعًا لصالح طرف ضد اخرين علي الارض بل ان هناك من تحدث عن جرائم جرت في سياق الفوضي الدموية في هذا البلد. كان لابد من تأمين حماية من قوات "الاسايش" التي تتولي الامن الداخلي في المحافظة وهو الأمر الذي قام به العميد هلكوت عبد الله مدير امن كركوك الذي أكد أن الاوضاع في كركوك جيدة والقوات الامنية متواجده من شرطة اتحادية وغيرها وقواتنا تكتسب ثقة الجميع ويلجأون اليها، لتتحرك سيارة حماية معنا مكونة من 10 من قوات الاسايش ،ونقوم بالدوران حول المدينة لتجنب العبوات الناسفة وطرق قريبة من مناطق تجمع "داعش" ونسلك طريقا فرعيا ادي بنا الي طريق كركوكبغداد الذي يقع عليه قضاء داقوق علي بعد 60 كم جنوبكركوك و240 كم شمال بغداد العاصمة.. الطريق يعد استراتيجيا وكثيرا ما قطع الا انه خلال الفترة الماضية تم تأمينه وإبعاد عناصر "داعش" عنه وعلي الطريق هناك اقضية مثل تازة وغيرها من القري وهي خليط من الشيعة والسنة والتركمان والكرد اضافة الي مجموعات يطلق عليه الكاكاويه وهم ممن ينتمون الي الذراداشتية ومازالوا متواجدين في هذه المنطقة، إضافة الي وجود مرقد للشيعة هو مرقد الامام علي زين العابدين وهواحد ائمة الشيعة الاثني عشرية لذلك فان المنطقة رغم انها استراتيجية من ناحية الطرق الا انها تمثل خليطا من الاطياف العراقية المعروفة إضافة الي اخري غير معروفة وهم الكاكاوية... وصلنا الي مقر اللواء التاسع بداقوق وخلال انتظارنا لقائد اللواء دار حديث مع احد الجنود باللواء في مكتب القائد وروي الجندي انه كان قائد اللواء العميد أركان حرب أراز عبد القادر عبد الرحمن ضمن القوة التي قاتلت داعش في مصفي بيجي وأنهم لن ينسحبوا من المصفي إلا بعد تسليمها إلي قوة من بغداد كاشفًا لنا النقاب عن أن "داعش" سيطر علي مخازن السلاح المركزية في بيجي التي تغذي معظم القوات العراقية في مختلف الأنحاء، وبها جميع أنواع الاسلحة الحديثة الأمريكية التي لم تستخدم ومنها 60 مليون طلقة 9مم، ومثلها من مختلف العيارات أما البنادق فالمخازن كانت ممتلئة بها إضافة إلي مئات من مدرعات الهامر الأمريكية وغيرها من الآليات والأسلحة التي تسلمت حديثا من الولاياتالمتحدة ولم تستخدم وغيرها من الاسلحة معتبرًا أن سبب ما حدث هو عدم وجود "غيرة" لدي الجنود، ليصل بعد انتظار استمر لمدة 15 دقيقة العميد إزار بصحبة اثنين من المستشارين الامريكيين وعدد من ضباط اللواء كانوا في الخطوط الأمامية لتحديد أهداف سيتم قصفها من قبل طيران التحالف ليغادر المستشارون الأمريكيون. وأكد لنا أحد الضباط أن قوات التحالف قصفت عدة مواقع ولم يتبق إلا هذا الموقع الذي سيمكن قواته من التقدم لطرد داعش من هذه القري التي أكد أن الضربات الجوية لن تقضي عليها بل إن القضاء عليها يكون بتكاتف الجميع.