قامت أسرة مصرية بتجديد بيتين متجاورين فى قلب المعادى القديمة وتحويلهما إلى فندق يحمل سمات المنزل الخاص بكل تميزه ودفئه وتنوعه البصرى.. الفندق الصغير، أو البوتيك هوتيل، هو عكس الفندق الكبير على طول الخط. ليست هناك صالة استقبال كبيرة ولا لافتات كبيرة على الباب ولا موظفين بملابس رسمية، ولا حتى أثاث الحجرات النمطى. كل غرفة تبدو وكأنها غرفة نوم فى منزل لصديق، لها تصميمها الخاص وطابعها التلقائى. ممرات الحديقة صغيرة مبلطة بالبلاط الاسمنتى ذى النقشات القديمة والأعمال فنية تتناثر بشكل غير سيميترى فى المكان. الكتب فنية منتشرة على الأرائك، بقرب مقاعد تبدو من أوائل القرن الماضى، بجوار مدفأة قديمة أوساعة الجد بطول الجدار. لن تسمع صدى صوتك هنا، فحجرات الصالون صغيرة بحجم حجرات المنزل، وجدران السلالم مكسوة بالقماش بدلا من ورق الحائط. هل أنت فى أيرلندا أو جنوبفرنسا أم أنك ما زلت فى مصر؟ هناك لمسة أوربية فى المكان، فالسلالم الخشبية الضيقة تبدو وكأنها أتت من منزل أوربى، وبعض الأسقف مائلة توحى أيضا ببلد يكثر فيه الأمطار، ولكن النجف بطراز الروكوكو مألوف للذوق المصرى وأيضا اعمال المشربية التى تكسو اجهزة التكييف والتندات الخارجية بالذوق العثمانى. ما تراه هو نموذج للذوق المصرى فى تنويعاته التوليفية التى تميز بها طيلة قرن من الزمان، بكل دفئه والكثافة البصرية التى يتشابه فيها مع الذوق الانجليزى الريفى. العائلة التى أسست هذا المكان وقامت بتصميمه تتشكل من أخين، طارق ومصطفى الجندى، الذين يعملان فى السياحة منذ أواخر الثمانينات. التصميم الانشائى لطارق وهو مهندس معمارى، أما التصميم الجمالى فيعود قسم كبير منه إلى بيريل الجندى، زوجة طارق، وهى هولندية الأصل ومن هواة الفنون والاقتناء. هناك محاولة واضحة من الأسرة لإعطاء هذا المكان روح المنزل الريفى الأنيق. الاهتمام بالتفاصيل واضح فى تنوع اقمشة الستائر واشكال النجف والقطع الفنية المعروضة بالمكان. مثلا، الصابون الموجود فى الغرف مصنوع بالطلب من زيت الزيتون، تماما كصابون النابلسى الذى كان منتشرا فى مصر فى منتصف القرن الماضى. الستائر كلها من أقمشة مصرية من تانيس واخميم. البلاط الموجود فى الطرقات تم تصنيعه ليحاكى البلاط الذى كان موجودا فى احدى الفيلتين فى الأصل، وتم تعديل ألوانه من منطقة لأخرى فى الفندق. الحمامات بعضها مصرى والآخر مستورد وفى بعضها أحواض من الرخام تستند إلى قوائم من النيكل بها لمسة من ثلاثينات القرن الماضى. القطع الفنية فى المكان تشمل لوحات لفنانين مصريين منهم خريجين جدد من الفنون الجميلة وفنانين مخضرمين مثل فتنة جلال وسامح سليم. الفندق بشكل الحالى هو عبارة عن فيلتين متجاورتين، احداهما باللون الأبيض وهى الأقدم والأخرى باللون الطوبى وهى الأحدث. كلتا الفيلتين تم تعديلهما بشكل كبير حتى وصلتا إلى الشكل الحالى. هناك حمامان للسباحة بالمكان، بالحجم الصغير، لترطيب الجو خلال الصيف، والحديقة صغيرة الحجم وبها جلسات متنوعة تظللها أشجار المانجو والبابايا والجوافا والبامبو والياسمين الهندى. يقول محمد عزب، مدير الفندق الذى عمل مع الأسرة طيلة العشرين عاما الماضية، إن الزوار كثيرا ما يسألونه عن الأشياء التى فى المكان، مثل الفوانيس النحاس والأعمال الخشبية، وإنه لا يتردد فى اعطائهم أرقام الحرفيين الذين يتعامل معهم لكى يتعرفوا على أعمالهم. يضيف محمد عزب أن الفندق مفتوح أيضا للطعام للزوار غير المقيمين به، حيث يمكنهم استخدام الحديقة أو تناول العشاء فى حجرات الطعام المتعددة. تم انشاء شركة "بيل إيبوك" فى أواخر الثمانينات وقد تخصصت ابتداء فى السفن السياحية التى تعمل بالنيل وبحيرة ناصر قبل أن تبدأ فى تشغيل دهبيات سياحية مصممة لتشبه البيوت العائمة فى مطلع القرن الماضى. وفندق "فيلا بيل إيبوك" الذى تم افتتاحه قبل سنتين هو أول فندق تقيمه تلك الشركة نقلا عن مجلة البيت عدد إبريل 2011 (email: [email protected])