حالة من الحزن الشديد عاشتها مصر اليومين الماضيين بسبب الحادث الإرهابى الدنيء الذى أودى بحياة مجموعة من جنود مصر الأبرياء والبواسل، فى فعلة شنعاء ضد الوطن والإنسانية والدين. وجاءت نداءات العقل تؤكد أنه لابد من تكاتف كل مؤسسات الدولة لمواجهة الإرهاب الغادر والتصدى له، ومن الوسائل التى لابد أن يكون لها دور فى ذلك ، الإعلام ، ودوره فى محاربة الإرهاب، وهل يعد مقصورا على تغطية الحدث، أم أن له أبعادا أخرى يجب أن يمارسها بشكل مهنى وفعال، كانت لنا هذه اللقءات مع بعض أساتذة وخبراء الإعلام. قال الإعلامى كامل البيطار: "إن الإعلام لم يستطع حتى الآن، خاصة الفضائيات الخاصة التى لها نسبة مشاهدة عالية، أن يلعب دورا جادا فى محاربة الإرهاب، حيث تهتم غالبيتها بالفرقعات والإثارة أكثر من مناقشة القضايا بشكل مهنى، فهى لاتتابع الحدث إلا وقت وقوعه، وليس لها أهداف ورسالة تسير عليها لمحاربة الإرهاب فتغطيتها لحظية. وهنا أتساءل: أين الفضائيات والتليفزيون المصرى من المشكلات الاجتماعية فى سيناء؟ فكيف يعيشون ويتعلمون؟ وكيف حال المستشفيات والطرق والمصانع والمرأة والشباب ؟! فأنا فى حالة ذهول من أمر الإعلام فى التغطية الشاملة لهذه المنطقة بالكامل، وأطالب التليفزيون بأن يبث برامج ثابتة من هناك، ولو احتاج الأمر لإقامة استوديو مباشر بكل عناصره إقامة دائمة للتعرف على طبيعة هذه المنطقة المجهولة بالنسبة للكثير من الشعب المصرى". وأضاف : "لابد من أن تنتبه الفضائيات الخاصة لأنه ليس بالصوت العالى يصل الصوت للناس ، ولكن بالإقناع والبحث والدراسة والتحليل الهادئ العميق". ومن جهته، قال الدكتور محرز غالى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن غالبية الفضائيات تشغل نفسها بالإثارة، ولابد من أن يتجه التفكير إلى سؤال : كيف نحارب التطرف الفكرى بالشكل المطلوب؟ فهناك بعض البسطاء لايعرفون حقيقة مايجرى فى كثير من الأمور ، خاصة المتعلقة بالدين والجماعات، وهى مسئولية تقع على عاتق الإعلام، خاصة برامج ال "توك شو"، التى لابد أن تمتلك الرؤية والمنهج الطويل الأجل فى محاربة الفكر المتطرف ، وكشف حقيقة المتآمرين على الشعب، وأن تقدم الفكر المستنير من خلال استضافة علماء مشهود لهم بالكفاءة والوسطية والاستنارة. كما يجب أن يكون التحرك سريعا فى مخاطبة الرأى العام، بضرورة الوقوف خلف الدولة والمصلحة الوطنية، لأننا فى ظروف استثنائية لاتحتمل التردد والانتظار، وهنا أطالب - ونحن فى ظروف صعبة - بأن يكون الإعلام على قلب رجل واحد فى محاربة الإرهاب بطرق ممنهجة ومدروسة، تستمر دون انقطاع وليس بالتغطية الوقتية للحدث فقط. وبدورها، أكدت الدكتورة نيرمين خضر الأستاذة بإعلام القاهرة، أن دور الإعلام فى محاربة الإرهاب يجب أن يكون من خلال عدة محاور، منها مناقشة وعرض وتحليل كل مشكلات المجتمع مثل التعليم والأمية والبطالة والمشاركة السياسية والبعد الدينى وغيرها، وذلك من خلال استضافة المسئولين والمواطنين فى حلقات مكثفة ومستمرة لرصد كل الظواهر السلبية، وكيفية إيجاد الحلول لها ومتابعتها مع الحكومة لحظة بلحظة، وألايكون دور الإعلام هو تسليط الضوء على السلبيات فقط ولكن متابعتها وحلها على أرض الواقع. وأضافت أنه يجب على الإعلام، خاصة برامج ال"توك شو "، وضع خريطة برامجية متكاملة خاصة بالشباب والثقافة والتنوير، فعلى البرامج الدينية أن تستضيف علماء مستنيرين يتمتعون بالوسطية والتسامح والاستنارة، كما يجب التركيز على الطبقات المهمشة التى يتم استغلالها أسوأ استغلال فى العمليات الإرهابية وغيرها، و تكون صيدا سهلا للمخربين، وعلى الإعلام عامة تشجيع روح الانتماء بالمساهمة فى عرض الإيجابيات التى تعطى بارقة أمل للشعب، وأيضا على الحكومة مساعدة الإعلام فى التواصل معه، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة.