تسعى الحكومة حاليا ممثلة في وزارات التموين والتجارة الداخلية والتنمية الإدارية والداخلية والتضامن الاجتماعي والبترول، إلى حصر المستحقين لدعم الدولة وإعداد قاعدة بيانات موحدة وتحديد الفئات المستحقة للدعم خاصة الدعم التمويني. ووفقًا لخالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية، فإن الوزارة بصدد البدء فى تنقية بطاقات التموين والتأكد من أحقية أصحابها فى الدعم، مشيرًا إلى أن هذا العمل سيتم بالتعاون مع وزارات التنمية الإدارية والداخلية والبترول والتضامن الاجتماعى لحصر مستحقى الدعم، موضحًا أن التقديرات المبدئية تشير إلى أن 20 مليون مواطن لايستحقون الدعم فمن غير المنطقى أن تستمر الدولة وهى تمر بهذه الصعوبات فى دعم الأغنياء وأصحاب العقارات والأطيان والسيارات الفارهة التى تقدر بالملايين ويحصلون على الدعم التموينى. وقال حفني، فى تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام"، إنه من المخجل ألا يوجد لدينا فى مصر قاعدة بيانات موحدة لمستحقى الدعم حتى الآن يمكن الاعتماد عليها فى تحديد من يستحق دعم الدولة فى المواد التموينية أو الطاقة أو التعليم أو الصحة أو غير ذلك. وأشار إلى أن كل وزارة لها بيانات على حسب رؤيتها دون أن يكون هناك تنسيق وتكامل بينها يصب فى جهة واحدة يمكن الاستفادة عليها بشكل رسمى وصحيح وغير متضارب، مشيرًا إلى أن الحكومة الحالية تعمل بروح الفريق وتضع تكليفات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الخاصة بضرورة وصول دعم الدولة الى مستحقيية وعدم استفادة الطبقات الغنية منه. وأضاف أنه يتم حاليا وضع الآليات والمعايير التى يتم على أساسها تحديد من يستحقون دعم الدولة فى مختلف القطاعات، منوهًا إلى أن مستحقى الدعم ليسوا على درجة واحدة أو فى مستوى اجتماعى واحد وإنما نجد من يستحق الدعم بنسبة 10%، وآخر يستحقه بنسبة 25% وآخر يستحقه بنسبة 50% وثالث يستحقه بنسبة 100% وآخرون يستحقون الدعم بنسبة 150% وهكذا لذلك تأتى أهمية وجود قاعدة بيانات موحدة للمستحقى الدعم، لمنع استفادة الأغنياء من دعم الدولة الموجهة أساسًا للطبقات الفقيرة وغير القادرة ومحدودة الدخل. وأشار إلى أن الوزارة عازمة على إيجاد آلية ووسيلة واضحة تضمن وصول الدعم لمستحقيه وعدم تسربه إلى غير المستحقين من الأغنياء والقادرين، يتم دراستها حاليا بين الوزارات المعنية بإعداد قاعدة بيانات موحدة لمستحقى الدعم ليس على أساس الراتب أو الوضع الاجتماعى والمنطقة السكنية فقط وإنما على أساس فاتورة إنفاق الأسرة ومصروفاتها الشهرية مثل فاتورة التليفونات المحمولة ومستوى معيشة المنطقة السكنية التى تعيش بها والعمارة التى يسكن بها وعدد السيارات الخاصة للأسرة إلى غير ذلك من الضوابط المعروفة. ونوه إلى أن كل تلك الاعتبارات تحدد مستحقى الدعم من عدمه، لافتًا إلى أن هناك توجهًا حالتحويل الدعم من الفئات القادرة مثل الصحفيين والقضاة والأطباء وأصحاب الأعمال الحرة وصغار رجال الأعمال والقادرين والأغنياء فى المجتمع إلى الفئات المحرومة بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق الأمن الاجتماعى بين أفراد المجتمع. وأكد الدكتور محمد أبو شادي، وزير التموين والتجارة الداخلية السابق وأستاذ ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية الشرطة، عدم نجاح السياسات الاقتصادية للدولة فى تحقيق أهدافها أدى إلى عدم وصول الدعم لمستحقيه رغم الجهود التي تبذلها الحكومة طوال السنوات الماضية. وأشار إلى أن المشكلة تكمن في عدم توزيع الدخل والناتج القومي بشكل عادل على فئات الشعب، ففي غياب العدالة الاجتماعية التي يجب أن تطبقها الدولة بتشريعاتها المختلفة تحدث عشوائية الدخول ويحصل 20% من أفراد الشعب على مبالغ تفوق الخيال و80% لايجد حد الكفاف وهذا هو الحادث حاليا. ويرجع أبو شادى عدم وصول الدعم لمستحقيه إلى أن السياسات الاقتصادية خاصة بعد فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات لم تراع البعد الاجتماعي وعدالة التوزيع، مضيفًا: "للأسف لم نستطع منذ 60 عامًا الوصول لمستحقي الدعم فهناك عوامل أخرى تربك متخذي القرار فى مصر فيما يخص مستحقي الدعم نظرًا لسوء عدالة توزيع الدخل وقلة موارد الدولة وزيادة عجز الموازنة وزيادة المصروفات وارتفاع نسبة التضخم وارتفاع أسعار الغذاء. وطالب أبو شادي الحكومة بالاستفادة من توصيات الدراسات والجهود التى انتهت إليها وزارة التموين فى عهده ووزارة التضامن الاجتماعي فى عهد الدكتور على مصليحى من تحديد الفئات المستحقة للدعم والتي انتهت إلى وضع خريطة للفقر والفقراء فى مصر وألا تهدر هذه الجهود والنتائج التي بذل فيها الوقت والمال والجهد. وأكد أن الدعم النقدي هو الأفضل والأنفع للمواطن إذا قامت الدولة بحماية المستحقين له من موجات التضخم وارتفاعات الأسعار غير المبررة، مشيرًا إلى أن التجربة أكدت أن الدعم العينى يحدث فيه تسريب لغير مستحقيه وفساد وفاسدون كبار لا أحد يحاسبهم. وحول إجراءات إصلاح منظومة الدعم، أشار الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، إلى أن إصلاح منظومة الدعم يتطلب إصلاح النظام الضريبي وإصلاح عجز الموازنة في مصر الذى بلغ 246 مليارًا، إذ تبلغ الميزانية العامة للدولة حوالي 650 مليارًا منها 171 مليارا مخصصة للدعم بجميع أنواعه منقسمة إلي 120 مليار جنيه دعما للطاقة و51 مليارًا دعمًا ل33 سلعة تموينية بجانب 18 مليارا دعما للصحة والتعليم والرياضة والثقافة وهذا يعني أن أغلب الدعم موجه للطاقة كما أن 80 % من هذا الدعم مقدم للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة فإن أغلب هذا الدعم يصل إلي رجال أعمال وهو ما يعني أن الدعم لايصل الي مستحقيه. وأوضح الدكتور إبراهيم الأخرس، الخبير الاقتصادي فى شئون الدعم، أن عدم وصوله لمستحقيه طوال السنوات الماضية يرجع لعدم وجود خريطة واضحة وجهة محددة عن مستحقي الدعم بجانب حصول الأغنياء وبخاصة رجال الأعمال على كم هائل من الامتيازات والتسهيلات خاصة من دعم الطاقة فى ظل تزاوج السلطة بالمال. ولفت إلى فشل الحكومات السابقة فى إدارة منظومة الدعم ومنحه لغير المستحقين من الأغنياء وغياب محاسبة من يسيء استخدام الخبز المدعم كأعلاف للطيور والحيوانات وبيع الدقيق المدعم فى السوق السوداء وهذا ما تنبه له وزير التموين الحالى بتطبيقه المنظومة الجديدة لتوزيع العيش المدعم والتى ستوقف الهدر فى الدعم الذى يقدر 12ب مليار جنيه وتمنع السوق السوداء للدقيق المدعم. وأوضح أن انتشار وتعدد حلقات التداول للسلعة الواحدة يمنع وصول الدعم الى مستحقيه والذى يضر الفئات الفقيرة والمهمشة، مطالبًا بوجود هيئة مستقلة لإدارة شئؤن الدعم يكون لديها حصرا رسمي للمستحقين عبر ضوابط ومعايير تحددها يكون عليها توافق مجتمعى تمكن متخذ القرار والدولة لاتخاذ القرار السليم ليصل الدعم الى مستحقيه وتتحقق العدالة الاجتماعية المنشودة.