يبدو أن مشكلة المرور المزمنة فى مصر وجدت أخيراً طريقها للحل، بالبدء فى تنفيذ المشروع القومى للمرور الذى لايقل أهمية عن مشروع قناة السويس الجديدة، لأنه سيغير شكل الحياة فى مصر والقاهرة الكبرى تحديدا، وجاء الحل هذه المرة بشكل غير تقليدي، وينفذ هذا المشروع بتعظيم قيمة النقل الجماعى ورفع سيارات المواطنين من الشارع، بعد أن يوفر المشروع الجديد لهم أفضل وسائل الانتقال بشكل مريح وآدمى مما يجعلهم يتنازلون عن قيادة السيارة ويفضلون النقل الجماعى الفاخر. هذه المنظومة ستدفع ب 540 الف سيارة من الشارع فى الرحلة الواحدة وهذا مالم يكن يحدث لولا أن المشروع جاء متكاملا من حيث الدراسة وكافة الأبعاد . فى البداية يوضح اللواء مدحت قريطم مساعد وزير الداخلية لقطاع المرور أن مصر مقبلة على مرحلة غير مسبوقة فى تناول مشكلة المرور وحلها بشكل غير اعتيادى واستخدام الإمكانات المتاحة وتوظيفها توظيفاً جيداً لخدمة المجتمع، فقد كلف المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء الجهات المعينة بإيجاد حل جذرى لمشاكل المرور فى مصر ، وفعلاً تم تجميع كل الدراسات التى كانت حبيسة الأدراج ، وأخذ مايناسبنا منها وتم عرض الخطة على رئيس مجلس الوزراء التى وافق عليها والتى سيتم تفعيلها فى القريب العاجل. وقد قام مجموعة من الأساتذة على رأسهم الدكتور أسامة عقيل استاذ الطرق والمرور والمطارات بكلية الهندسة جامعة عين شمس بعمل( برزنتيشن) لتصور كامل للمشروع تمت الموافقة عليه وسيتم تفعيله قريبا.ويتلخص المشروع فى تغيير الشكل النمطى فى التعامل مع المواصلات العامة وتعظيم فائدتها ، ولايجب أن ننكر أنه حتى الآن لا توجد وسيلة مواصلات محترمة يأمن الانسان على أبنائه أو زوجته فى استخدامها ، ولذلك تم التعاون مع وزارة السياحة باستخدام 3000 أتوبيس سياحى فاخر ينضم الى الخدمة العامة تحت قيادة شركة كبيرة يبلغ رأس مالها مليار ونصف المليار جنيه لتدير حركة النقل. البديل المحترم: وأضاف : لايمكن أن أقنع مواطناً أن يترك سيارته إلا إذا وفرت له البديل المحترم، فعندما كنت فى نيويورك استخدمنا مترو الانفاق مع كبار المسئولين فى الحركة، وكذلك فى باريس، وتخرج السيارة الخاصة فى الدول الاوروبية فى شكل رفاهية وليس تعاملا يوميا . وقال: قامت الدولة متمثلة فى ادارة المرور فى عمل 260 تقاطعا جديدا فى جميع المحاور الرئيسية مزودة بإشارات مرور ديجتال والسوفت وير يدير هذة المنظومة ، وهناك كاميرات خاصة للمخالفين سيتم على أثرها تغليظ العقوبة وينشأ مايسمى بالنقاط السوداء التى تعنى سحب الرخصة نهائياً مع كثرة المخلفات مما يؤدى الى احترام المرور واحترام الشارع واحترام الأنفس . الأسطول الجديد: وتقوم إدارة الحاسب الآلى ونظم معلومات المرور بتجهيز المشروع ليتم تفعيله مع نزول الأسطول الجديد للعمل فهذه المرة الاولى التى نعمل على أرض علمية وبطريقة مختلفة تجعل النتائج أفضل بكثيربالإضافة لبعض الإجراءات الأخرى المكملة ، منها نقل مجمع التحرير ونقل مجمعات الوزارات على طريق السويس وإزالة الترام البطيء مثلما حدث فى شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر ومد خطوط مترو الأنفاق ، وإيجاد أماكن لوجستية لتفريغ السيارات والشاحنات ذات الحمولة الكبيرة إلى سيارات صغيرة للحفاظ على الطرق من الحمولة الزائدة لحماية الكبارى والطرق، كما أن الطريق الإقليمى سيمثل منظومة متكاملة وطفرة كبيرة سنشهدها خلال عام والعمل يتم فى تعاون كامل بين جميع جهات الدولة مما يخلق فرصة اكبر للنجاح . حل جذري: ويوضح الدكتور اسامة عقيل استاذ الطرق والمرور والمطارات بكلية الهندسة جامعة عين شمس ان المشروع القومى بالمرور لمصر سيحل المشكلة بشكل جدزى وبأسلوب علمي، ولعدم الدخول فى حلقات مفرغة لسوء إدارة مشكلة المرور فقد تم تشكيل مجموعة وزارية من الداخلية والسياحة والنقل والتخطيط والاسكان والتنمية المحلية للعمل فى اجتماعات شبه يومية، حتى توصلنا الى الحل نبدأ بتوفير وسيلة نقل محترمة تعريفتها أعلى من هيئة النقل العام فيتخلى المواطن عن سيارته بإرادته الشخصية وسنرفع قيمة الانتظار إلى نحو 40 جنيها فى اليوم تقوم عليها شركات خاصة حتى نحفز على استخدام الاتوبيس ايضا ستكون هناك جراجات تتحمل عددا كبيرا من السيارات ليخلو الشارع للمارة ، ويقوم مركز القيادة الاآمنة بوزارة السياحة بتدريب السائقين ذوى المؤهلات العليا والمتوسطة تدريباً عاليا ً، وتبلغ الدفعة الاولى 900 أتوبيس للخطوط الرئيسية تعمل الاتوبيسات بمواعيد منضبطة وخاصة ساعات الذورة ويصل زمن التقاطر 6دقائق فقط ولتنفيذ ذلك هناك 56 إجراء لنجاح التجربة سيعلن عنها قريبا كما سيتم رفع كفاءة خطوط المترو الذى يصل زمن التقاطر فيه دقيقتين ونصف الدقيقة، ونقيد حركة الشاحنات ونمنع دخولها تماما من 8صباحا حتى 4مساء ، كما نقوم بعمل مناطق لوجستية للموانى الجافة حتى تمتص الضغوط الخاصة بالشاحنات ورفع كفاءة المحاور التى تسير فيها الإتوبيسات. وأضاف عقيل : يجب ألا ننسى أن هناك المليارات التى تضيع على الدولة بسبب مشاكل المرور ووفقاً لتقرير البنك الدولى أن مصر تخسر من30 الى 50 مليار جنيه سنويا بسبب المرور ، أيضا يتم القضاء نهائيا على التلوث لأن جميع الأتوبيسات تعمل بالغازالطبيعى وبذلك ستنتهى أزمة الوقود ، أما الانشطة الموجودة فى وسط العاصمة فستدفع مايقرب مليار ونصف المليار جنيه لخزينة الدولة وخاصة المنشآت بلا جراجات مثل البنوك ، وستكون هناك سيارات صغيرة ميكروباص تنقل الرحلة الوسيطة لأماكن الوصول. وأوضح أن التطور التكنولوجى للمرور سيساعد على الالتزام حيث ان الكاميرا الواحدة تعمل بقدرة 50 رجل مرور، وستكون هناك شركات خاصة تساعد إدارة المرور لعمل المخالفات، ولا أعرض رجل المرور للتعامل مع المواطنين نهائياً وستنتهى إشاعات الرشاوى لرجال المرور فالمنظومة متكاملة. واحب أن أضيف أن هذا الأسطول ليست لة علاقة بأتوبيسات هيئة النقل العام وعددها 1200 أتوبيس ستعمل بالتعريفة المعمول بها ، وجميع سائقى الميكروباص والذين كان حجم عملهم 6 مليارات جنيه سنوياً سينضمون إلى الشركة الأم ليقوموا بالرحلات الوسيطة ويحصلوا على أجور مجزية وتنتهى عشوائية الميكروباص. بقى أن نقول ان 85%من السيارات الموجودة بشارع تنقل 25%من المواطنين ولذلك فالاتوبيس المميز هو أنسب حل وخاصة ان 250 الف عربة سيحل محلها 3000 أتوبيس. تعديل القانون: ويوضح اللواء مصطفى درويش مدير إلادارة العامة للمرور أن مشكلة المرور المزمنة والتى يعانى منها كل متعامل مع الطريق كان يجب أن يوجد لها حل غير تقليدى بالتنسيق بين الجهات المعنية ، وهو ما سيعلن عنه خلال ايام بعد الموافقة على تعديل القانون الخاص بالأتوبيسات السياحية وتحويلها إلى إتوبيسات خدمة عامة بالأجر للنقل الجماعى وتم تحويل 3000 اتوبيس تمتلكها شركات السياحة، فائضة عن إحتياجاتها تحت إدارة إحدى الشركات الخاصة ، وحاليا يقوم وزير السياحة هشام زعزوع بالتنسيق مع الشركات لتكون الإتوبيسات فى حالة جيدة لتخدم المشروع ويشترط فى الإتوبيسات ان تكون مكيفة لجميع الرحلات وسيتم تعديل الشوارع وتجهيزها لاستقبال الاسطول الجديد وهى تختلف عن إتوبيسات النقل العام نهائيا فهى فاخرة وسياحية لتكون بديلاً للسيارة الخاصة لتخفيف الحمل على الشارع المصري. خدامات لوجيستية لنجاح المشروع: ويضيف اللواء مصطفى راشد مدير إلادارة العامة للمرور السابق بأن هذه التجربة لو تم تفعيلها بالشكل الذى سيتم الإعلان عنه سيتغير الشكل الحضارى لمصر نهائيا وتشابه الدول الاوروبية وحتى الدول الخليجية المتقدمة والمستهدف من المشروع السيارات ذات السعة الصغيرة. ولكن لابد لكى ينجح المشروع ان تتضافر الجهود وتتعاون كل الجهات وتقديم خدمات إدارية لوجيستية والتأكد من كفاءة المركبة وقدرتها الاستيعابية، ولابد ان تتناسب مع حجم الركاب ومستواهم ، ولابد ان نتخلى عن العشوائية وإشراك أهل العلم والخبرة حتى يكتب للمشروع النجاح ولابد من صيانة الأسطول بشكل دائم ولايجب ان نغفل العنصر البشرى وتدريب السائقين فى مدارس تعليم القيادة حتى نصل الى قيادة آمنة وشارع آمن. بديل السيارات الخاصة: ويقول الدكتور وائل الدجوى وزير التعليم العالى السابق واستاذ الخرسانة بكلية الهندسة جامعة القاهرة : سأتحدث كمواطن عادى وليس كمسئول او متخصص ، فلو أننى وجدت الوسيلة المريحة للمواصلات سأستخدمها دون أن ألجأ الى سيارتى الخاصة وهذا يحدث فعلا بينى وبين زملائى عند القيام بواجب العزاء فى مسجد عمر مكرم كلنا نقوم باستخدام مترو الانفاق لأن مواعيده منضبطة كما أنه يصل بنا إلى المنطقة التى نريدها فى الوقت المحدد ومن هنا أؤكد أن المواطن سيبحث عن مصلحته ويسير فى اتجاهها لأن الشوارع الآَن اصبحت فى غاية السوء والتعامل معها اصبح شبه مستحيل والحل جاء فى موعده.