بخطوات واسعة دخلت عايدة الكاشف إلى عالم الإخراج السينمائي، فحصلت على الجائزة الثانية كأحسن مخرجة، في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة بمهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الأخيرة، عن فيلمها "النشوة في نوفمبر" المأخوذ عن قصة نجيب محفوظ "الفجر الكاذب"، ويقوم ببطولته الفنان محمود عبد العزيز، وقادت الصدفة عايدة إلى دخول السينما الهندية، لكن كممثلة في فيلم يحمل توقيع حفيد الزعيم الهندي غاندي. نجاحات فيلم عايدة الكاشف الأول لم تتوقف عند حصوله على جائزة مهرجان الإسكندرية، حيث نال عرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية المقام حاليا، إعجاب الجمهور والنقاد، وتدور قصته حول شخص، يجسد دوره محمود عبد العزيز، يقرر أن يقضي يوما من عمره بعيدا عن القيود الطبية والاجتماعية التي تحاصره، ورغم أن هذا التحرر من القيود ينتهي بموته، إلا أنه يشعر بالنشوة. ورغم أن عايدة هي ابنة المخرج المصري الراحل المبدع رضوان الكاشف، إلا أنها لم تكن تتصور أن تعمل بالسينما يوما من الأيام، لكنها بين ليلة وضحاها صارت أول ممثلة مصرية تخوض تجربة التمثيل في السينما الهندية. تخرجت عايدة من قسم الإخراج بمعهد السينما عام 2009، عملت مساعدة مخرج قبل أن تنهي دراستها، حيث بدأت مساعدة مخرج ثالث في فيلم "بالألوان الطبيعية"، ثم مساعدة مخرج أول في فيلم "هليوبوليس"، الذي شارك به المخرج أحمد عبد الله في مهرجان القاهرة الأخير، وفي العام الماضي شاركت كممثلة في مسلسل "الجامعة"، مع المخرج هاني خليفة ولعبت دورا ثانويا، ثم تقدمت بفيلم "النشوة في نوفمبر" هذا العام لمهرجان الإسكندرية، بهدف المشاركة ، لكنها فوجئت بفوزها بالجائزة الثانية، وهو ما أسعدني كثيرا. وعن اقتحامها السينما الهندية قالت عايدة: "كنت أشارك العام الماضي في مهرجان بهانوفر في ألمانيا، بفيلم "البيت" وهو فيلم قصير من إخراجي، والتقيت بالمخرج الهندي "أناند غاندي"، الذي كان يشارك بفيلم في المهرجان، وقد تعارفنا في هذه المناسبة، وفي نهاية العام نفسه سافرت إلى الهند وقمت بزيارته، فوجدته يستعد لإخراج فيلم روائي طويل، فطلب مني أن أعاونه كمساعدة فقط، ووافقت على المبدأ، ثم عدت إلى القاهرة، وبعد شهرين اتصل بي وفاجأني بطلب تجسيد دور بطلة الفيلم". الفيلم الهندي يحمل اسم "مركبة فيسيس"، وهو مستوحى من أسطورة هندية قديمة، حيث يتناول من خلالها قضية زراعة الأعضاء، وتدور الأحداث حول شخصيات أربع قصص قصيرة، تتم زراعة أعضاء بشرية لهم من شخص واحد. وتشير عايدة إلى أنها تلعب دور فتاة عربية تعمل مصورة فوتوغرافية، لكنها عمياء، باعتبار أن هناك فئة كبيرة من المصورين الفوتوغرافيين المشهورين العميان في أوروبا، ويتم زرع عين لها لكي تستعيد بصرها وتمارس عملها بشكل طبيعي، لكنها تقرر بعد نقل العين التوقف عن ممارسة التصويرالفوتوغرافي، لأن الفتاة العمياء كانت حريصة على ممارسة هذه المهنة لتشبع احتياجا نفسيا دفينا لديها، أما بعد نقل العين فقد فقدت هذا الاحتياج. هذه الخطوة تعتبرها عايدة هامة جدا في مشوارها الفني، وتوضح أن الفيلم ينتمي لفئة السينما المستقلة، ولا ينتمي لإنتاج بوليوود، لكنها وافقت على المشاركة فيه لأن القصة أعجبتها، كما أنها لم تشعر بأي غربة بين أعضاء فريق العمل، خصوصا أنها اكتشفت أن صناع السينما الهندية أكثر قدرة من صناع السينما في البلدان الأخرى على استيعاب فكرة الممثل الأجنبي، والتعامل معه بكل ود وتعاون، والسبب في ذلك هو تعايش أكبر قدر من الديانات والعرقيات في الهند في سلام، وهو ما يسمح لهم بتقبل فكرة الآخر. وتقول عايدة: "صناعة السينما الهندية تعد من الأكبر والأضخم على مستوى العالم، من حيث عدد الأفلام والممثلين، والمثير في السينما الهندية أنها تتقدم على مستوى بوليوود، وعلى مستوى السينما المستقلة، رغم ما تعانيه تلك النوعية من قلة الموارد، لكن توافر المعدات يعينهم في عملهم، كما أن أعداد المنتجين كبيرة مقارنة بأعداد المنتجين الموجودين في مصر والعالم العربي، وهو ما يسمح بإنتاج أعداد كبيرة من الأفلام، كما أن السينما الديجيتال منتشرة بشكل يفوق نظيرتها المصرية، وهذا هو ما جعلهم يتفوقون في السينما التجارية، وقد لاحظت أن المصورين هناك يفهمون في كل أنواع الكاميرات المتاحة لديهم، لدرجة أنني شاهدت مصورا استطاع أن يحقق صورة جيدة ونقية على ضوء "ولاعة"، رغم أن إمكانات الكاميرا ضعيفة جدا، والأمر المهم أيضا أن الشعب الهندي هو أكثر الشعوب من حيث الثقافة السينمائية، فهو معتاد على التصوير السينمائي في الشوارع ويسهلون الأمر على فرق العمل، بل ويساعدونهم بكل ود وحب". لا شك أن المخرج الراحل رضوان الكاشف كانت له بصماته الواضحة على شخصية ابنته عايدة، وقد أكدت ذلك، وقالت: "تعلمت منه الكثير، لكنني لم أدرك في صغري فكرة أن والدي مخرج، لأن عمري وقت إخراجه لفيلم "عرق البلح" مثلا كان 10 سنوات فقط، لكنني اكتسبت منه الاجتهاد والتميز والاعتماد على الذات وعدم الاتكالية، وقد توفى حينما كنت في الصف الثالث الإعدادي، وتأثرت بذلك جدا، لكنني قررت وقتها دخول معهد السينما. عايدة تؤكد أنها تفضل الإخراج على التمثيل، لأنه عشقها رغما عنها، وتقول: "حلمت دوما بالعمل مع مخرجين عظماء مثل أسامة فوزي، وداود عبد السيد، ومحمد خان، وخيري بشارة، لأنني معنية أكثر بسينما الفنتازيا الواقعية، ولهذا أتمنى أن أناقش قضايا جيلي من خلال هذا الوسيط".