يجمع باراك أوباما الإثنين بعد ست سنوات على وصوله إلى البيت الابيض الذي أثار آمالاً كبيرة في إفريقيا، عدداً من القادة الأفارقة في قمة تهدف أولا إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع قارة ترسخ فيها الصين نفوذها. ومن الجزائر إلى زامبيا مرورا بنيجيريا وإثيوبيا ومدغشقر وحتى مصر التي أقصيت في البداية ثم شملتها الدعوة، دعي خمسون رئيس دولة وحكومة إلى لقاء قمة في واشنطن لأول مرة في تاريخ الولاياتالمتحدة. وسيتم بلا شك التقاط صورة تذكارية ستكون تاريخية مع الرئيس الأمريكي الرابع والأربعين وهو ابن كيني. لكن ما هي النتائج المتوقعة من القمة التي تستمر من الاثنين إلى الأربعاء ويعقدها رئيس يركز اهتمامه خصوصاً على آسيا، ولم يجعل من إفريقيا إحدى أولويات ولايته الاولى؟ وستتناول القمة على التأكيد المخاطر المحدقة بالقارة مثل هجمات بوكو حرام في نيجيريا والحرب الأهلية في جنوب السودان وهجمات حركة الشباب الإسلامية الصومالية في كينيا. غير أن الأزمة الصحية المتمثلة في انتشار فيروس أيبولا، قد تفرض نفسها على النقاشات. وأسفر الوباء الذي اندلع مطلع السنة في غينيا، عن أكثر من 670 وفاة في غرب افريقيا، وأنذرت السلطات الصحية الأمريكية من أن هذه الحمى النزفية التي غالبا ما تكون قاتلة، قد تنتشر "كالنار في الهشيم". وسيطغى على القمة الجانب الاقتصادي ببرنامج يركز على فرص التنمية في القارة التي لا يتجاوز عمر ستين بالمئة من سكانها 35 سنة، وحيث يتجانب النمو نسبته في باقي أنحاء العالم (5,4% خلال السنة الجارية و5,8% خلال 2015، وفق صندوق النقد الدولي). وقال أوباما قبل سنة خلال جولته الإفريقية الوحيدة التي زار خلالها السنغالوجنوب إفريقيا وتنزانيا، إانني أرى في إفريقيا +قصة النجاح+ العالمية المقبلة والولاياتالمتحدة تريد أن تكون شريكاً في هذا النجاح". لكن الولاياتالمتحدة تحتل فقط المرتبة الثالثة من حيث المبادلات التجارية مع إفريقيا، بعيدا وراء الاتحاد الأوروبي والصين التي تتهافت على المواد الأولية، وتقف بقوة في المقدمة. وفي معرض حديثها عن صورة إفريقيا التي غالباً ما تقرنها ب"النزاعات والامراض والفقر"، اقرت سوزان رايس، مستشارة الامن القومي في البيت الابيض الاربعاء بان على بلادها أن "تنجز عملا كبيرا كي تحسن نظرة متقادمة غالبا ما تهمش فيها إفريقيا". وفي هذا السياق هل سيكون اجتماع واشنطن الكبير -الذي استثنيت منه إفريقيا الوسطى واريتريا والسودان وزيمبابوي- قبل كل شيء رداً على هجوم بكين القوي؟ وقالت ديبوراه براوتيغام مديرة مبادرة الابحاث حول الصين وإفريقيا في جامعة جونز هوبكينز "من الصعب قراءة ذلك بشكل آخر، على الأقل لأنها الطريقة نفسها التي استعملها الصينيون". وتساءلت حول مدى الاستعداد لمثل هذه القمم، مذكرة بان المنتدى حول التعاون الصيني الافريقي الذي نظم في بكين في 2006 في أبهة كبيرة، سبقته ست سنوات من استعدادات حثيثة. وطرح على جدول الأعمال تمديد برنامج "آغوا" الأمريكي الذي يمنح امتيازات لبعض المنتوجات الافريقية، الى ما بعد 2015 ومبادرة "باور افريكا" الرامي من خلال اشراك وكالات حكومية والقطاع الخاص، الى مضاعفة عدد المستفيدين من الكهرباء في دول إفريقيا جنوب الصحراء. وبعد اليوم الأول الذي سيخصص للرهانات الصحية والتغييرات الاقليمية، سيجمع "منتدى اعمال" الثلاثاء مسؤولين سياسيين والقطاع الخاص لا سيما بحضور الرئيس السابق بيل كلينتون قبل يوم مخصص للقاءات ذات طابع سياسي أكثر وضوحاً حول "السلام والاستقرار الإقليمي". ولم يبرمج أي لقاء ثنائي بين الرئيس الأمريكي وهذا الرئيس أو ذاك من نظرائه الأفارقة على أن تقام مأدبة عشاء مساء الثلاثاء في البيت الأبيض. ويرى بيتر فام من "اتلانتك كونسيل" أنه إذا كانت هذه القمة تكتسي أهمية في علاقة أوباما بالقارة التي يتحدر منها أبوه، فيجب أيضا الانتباه إلى أن ما تترقبه إفريقيا من أول رئيس امريكي أسود "مبالغ فيه كثيراً" وأنه ليس مسئولا عن ذلك. وقال "لا شيء في تاريخه السياسي ولا فيما قاله خلال حملته ينبئ بمبادرات أو اختراقات كبيرة" حول إفريقيا معتبراً أن "آخرين هم من أثاروا تلك الترقبات".