لاتزال فكرة تشكيل وفد فلسطيني من جميع الفصائل الفلسطينية للذهاب إلي مصر وبحث مسألة العدوان الصهيوني علي غزة ووقف إطلاق النار غير واضحة المعالم، وتعكس مزيدًا من الغموض والتخبط في موقف الأطراف اللاعبة في السياسة الفلسطينية. السلطة الفلسطينية أعلنت عن نجاحها في إقناع الفصائل بفكرة تشكيل الوفد، وأنهم بصدد الإعلان عن موعد الذهاب فور الانتهاء من الاتفاق حول عدد من المطالب سيتم حملها إلي النظام المصري الذي يرعي مسألة التفاوض مع الجانب الصهيوني، وكان من المفترض أن يكون الدكتور موسي أبومرزوق، المقيم بمصر هو الممثل عن حركة حماس، وعزام الأحمد مسئول ملف المفاوضات والقيادي بحركة فتح ممثلاً عن السلطة الفلسطينية، وزياد نخالة عن حركة الجهاد الإسلامي. وأعلن الرجل الثاني بحركة حماس أن فكرة تشكيل وفد فلسطيني للذهاب إلي القاهرة ليس صحيحاً، ثم خرج قيادي آخر من حماس ليعلن أن هناك اتفاقًا حول فكرة الوفد وفي طريها للإنجاز. هذا التخبط والارتباك الواضح في سياسة حركة حماس وجميع الحركات الفلسطينية يعكس حالة من عدم الاتفاق، وأنهم ليسوا علي قلب رجل واحد في مواجهة العدو الصهيوني الذي يقتل ويخرب ويدمر البنية التحتية للقطاع. "بوابة الأهرام" حاولت التعرف علي أهم النقاط الرئيسية التي تمثل جوهر الخلاف بين حركات المقاومة الفلسطينية، والسبب الرئيسي في عدم بلورة فكرة الوفد الفلسطيني إلي القاهرة حتي الأن رغم التأكيد بين الحين والآخر أنها لاتزال مطروحة. مصادر فلسطينية علي صلة وثيقة بملف المفاوضات أكد أن هناك مجموعة من المطالب التي تراها حركة حماس شروطاً تعجيزياً لايمكن أبدا الموافقة عليها لأنها تمس صميم العقيدة المسلحة لحركة المقاومة منها علي سبيل المثال الطرح الذي تبناه أحد الأطراف الرئيسية وهو نزع سلاح حركة حماس، وهذا الشرط التعجيزي يعتبر من أهم النقاط الرئيسية التي أعلنت حركة حماس عن استحالة الرضوخ له. الحديث عن سلاح المقاومة الفلسطينية يعكس حالة من الشبه بين حماس وحزب الله اللبناني الذي استطاع أن يحتفظ بسلاحه داخل الدولة اللبنانية واستطاع أن يفرض نفسه كأحد العناصر الحاكمة في الدولة اللبنانية، هذا الشبه بين الموقفين ربما هو مادفع حركة حماس لدعوة حزب الله أن يفتح جبهة أخري للحرب مع إسرائيل من ناحية لبنان-سوريا. مصادر مصرية علي علاقة بالملف الفلسطيني أكدت أن هناك شروطاً أخري ربما لاتقل خطورة عن شرط نزع سلاح المقاومة وهو قضية معبر رفح وقضية المعابر بشكل عام، فالمعابر –لاسيما-معبر رفح الذي يربط القطاع بالدولة المصرية هو شريان الحياة لأهالي غزة ولايستطيعون العيش بدونه، فهناك شرط مهم للغاية تقدم به الجانب الفلسطيني الرسمي يدعو حماس للتنازل عن إدارة معبر رفح علي أن يتولي حوالي 1000 عنصر من حرس الرئاسة الفلسطينية مسئولية تأمين المعبر وإدارته ويصبح جزءًا من السلطة الفلسطينية، هذا المطلب لاقي استحساناً كبيراً من حركة فتح والسلطة الفلسطينة ولكن حركة حماس لم توافق عليه حتي الآن ومازال الحديث يدور حول ذلك. من المطالب الأخري التي يدور حولها النقاش حتي الآن هو مسألة العمق البحري لقطاع غزة، فحركة حماس كانت تريد توسيع العمق البحري لها حتي يصل إلي 5 ميل بحري بما يسمع بالصيد والحركة البحرية، ولكن حركة فتح أكدت أن مسألة العمق البحري قد تصل إلي 20 ميلاً بحرياً وأدخلت هذا المطلب إلي الورقة التي سيتم تقديمها للجانب المصري. ملفات عديدة وبنود أساسية قد تعوق توصل الفصائل الفلسطينية إلي تشكيل وفد فلسطيني ومطالب موحدة، علي الرغم من أن وضع المقاومة الفلسطينية الآن لم يعد كما كان في بداية العوان الصهيوني علي غزة، فقد كانت كتائب المقاومة متقدمة سياسياً وميدانياً، ولكن مع طول أمد الفترة الزمنية استطاعت إسرائيل تطوير أساليبها والتعامل مع الأوضاع وكبدت الحركات الفلسطينية خسائر كبيرة، فقد كان عدد الشهداء قبل طرح المبادرة المصرية حوالي 12 شهيدًا، أما الآن فقد اقترب عدد الشهداء إلي ما يقرب الألفين، بالإضافة إلي تدمير البنية الأساية للقطاع من شبكات الكهرباء والمياه بشكل أصبح يمثل مأساة إنسانية. ويري بعض المتخصصين أن حماس ستكون هي أكبر الخاسرين في هذا الموضوع وليس أمامها سوي الاستسلام لشروط المبادرة المصرية التي وافقت عليها كل الفصائل الفلسطينية بالإضافة إلي المؤسسات الدولية من جامعة الدول العربية إلي مجلس الأمن. وأكدت مصادر فلسطينية مسئولة أن الأزمة ربما تكون أخطر بعد التوصل إلي اتفاق للتهدئة، فهناك أزمة أخري ربما تعوق التوصل إلي اتفاق لمدة طويلة وهو من الذي سيوقع الاتفاق مع الجانب الفلسطيني.. هل هي حركة حماس ؟ ..أم أن حكومة الوفاق الفلسطيني التي تم التوصل إليها هي التي ستوقع علي الاتفاق، بالإضافة إلي أن حركات المقاومة الأخري مثل حركة الجهاد أصبحت تتحفظ علي العديد من مواقف حماس التي تركت لها القطاع تتحكم فيه وهو ما أوصله إلي هذا الحال، وظهرت أصوات تنادي بضرورة محاسبة قيادات حماس بسبب الخراب والدمار الذي وقع به.