أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي انتهت منه وزارة التضامن الاجتماعي من شأنه أن يمنح الحكومة والجهات الأمنية مزيدًا من السيطرة على أنشطة هذه الجمعيات، وهو ما قد يبدو وكأنه ناقوس موت للاستقلالية التي تتمتع بها هذه الجمعيات ولطالما حاربت من أجل الحصول عليها. وطالبت المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها الحكومة المصرية بالتخلص من مشروع القانون الحالي وسن تشريع جديد يدعم حرية التعبير وتكوين الجمعيات الأهلية كما هو منصوص عليه في الدستور والقانون الدولي. وتابع بيان المنظمة المنشور على موقعها الإلكتروني على الإنترنت: "مشروع القانون الذي استعرضته وزارة التضامن الاجتماعي مع مختلف المنظمات والجمعيات الأهلية في السادس والعشرين من يونيو الماضي يجعل كل أنشطة هذه الجمعيات –بما فيها قرارات مجلس الإدارة- موضعا للمراجعة والاعتراض من قبل الحكومة، كما أنها تقوي من سطوة الحكومة والجهات الأمنية وتشجعها على حل الجمعيات القائمة بالفعل أو ترفض منح التراخيص لأخرى جديدة في حال رأت في أنشطتها تهديدا للأمن القومي وذلك لحين صدور حكم قضائي بتأييد القرار أو معارضته. في الوقت نفسه قال جو ستور المدير الإقليمي للمنظمة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط "إن مشروع هذا القانون لا يتعلق بتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية بقدر ما يتعلق بخنقها وسلبها استقلاليتها، كما أن أحكام القانون تحطم أحد أهم مقومات الديمقراطية في مصر". وبحسب هيومن رايتس ووتش فالتشريع المقترح يلزم المنظمات الدولية بالحصول مقدما على إذن من لجنة حكومية تضم وزير الداخلية وممثل عن جهاز المخابرات العامة وذلك قبل شروعها في ممارسة أي نشاط ويمكن للحكومة أن تسحب هذا التصريح في أي وقت ولأي سبب. وواصل ستورك: "مشروع القانون هذا يضيق من حيز عمل المنظمات الدولية في مصر بل ويجعلها تعمل وفق أهواء الحكومة والجهات الأمنية". وأضاف: "إنه لحق طبيعي ومشروع لأي حكومة –بما فيها الحكومة المصرية- أن تطالب الجمعيات والمنظمات بالعمل بشفافية ولكن لا يجب أن يطغى هذا المطلب ليصل لحد منعها من حقها من أن تمارس عملها بصورة مستقلة". وترى منظمة هيومن رايتس ووتش أن السلطات المصرية فرضت خلال العام الماضي قيودا إضافية على حرية المنظمات غير الحكومية في التعبير، فسبق للقضاء المصري أن حظر على جماعة الإخوان المسلمين ممارسة أنشطتها وكذلك الحال لحركة 6 إبريل التي لعبت دورا رئيسيا في "انتفاضة" الخامس والعشرين من يناير كما قامت قوات الأمن باقتحام مكاتب عدد من المراكز الاقتصادية والاجتماعية مرتين خلال الأشهر الستة الماضية. وفي بيان مشترك حذرت 29 منظمة مصرية مستقلة من مشروع هذا القانون الذي قالت إنه سوف يجرم عمل منظمات المجتمع المدني ويخضعهم لسيطرة المؤسسات الأمنية واصفين مشروع القانون بمخالفته الفاضحة للدستور وللالتزامات الدولية المصرية التي وقعت عليها مصر في هذا الشأن عام 1964. وواصل ستورك بأنه على مصر إذا كانت فعلا تريد الالتزام بمبادئ الدستور أن تتراجع عن مشروع القانون هذا تماما وتعيد تشريع قانون جديد. ووفقا للمادة الرابعة من مشروع قانون الجمعيات الأهلية فكل الكيانات العاملة في مصر سوف يتم اعتبارها منظمات غير حكومية وسيكون لزاما عليها التقدم بتسجيل نفسها كجمعيات أهلية ومن يتخلف عن ذلك سيواجه بإلغاء ترخيصه في العمل ومصادرة ممتلكاته، وحتى لو فعلت ذلك يبقى للحومة الحق في رفض تسجيل الجمعيات التي ترى أنها تمثل تهديدا للأمن القومي. ويحظر مشروع القانون الجديد على كل الجمعيات الأهلية الاشتراك في العمل السياسي أو أن يعهد لها للقيام بمهام الاتحادات التجارية أو ما شابه ويحظر عليها أيضا دعم حقوق العمال أو عرض خدماتها عليها ومخالفة ما سبق تعد جريمة يعاقب عليها بما لا يقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه. وبموجب نفس مشروع القانون وتحديدا المادة 16 منه فلا يجوز للجمعيات المصرية الاشتراك أو التعاون مع الجمعيات غير المصرية إلا بإذن الحكومة ومخالفة هذا الشأن أيضا يعاقب عليها القانون. وقالت المنظمة إن مصر ملزمة باحترام حرية الجمعيات الأهلية في التعبير بموجب المادة 22 من الميثاق الدولي للحقوق السياسية والمدنية والمادة 10 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان.