لأنها تتقن زرع أغصان السلام على أعالي فوهات النار.. ولأن صوتها عابر للمدن.. زرعت المطربة اللبنانية ماجدة الرومي شجرة أرز على سفوح جبل الباروك قبل يومين من افتتاحها مهرجانات بيت الدين الدولية في محاولة لسكب الحب على الخطر الذي يدهم البلاد نتيجة التفجيرات المتكررة. هي محاولة لتقديم "الهدايا في العلب" للبنان الذي ألقت على جباله وشمسه تعويذة الشاعر اللبناني المخضرم سعيد عقل "ريتك تضل بهالسما. منحوت متلا للشمس. اليوم أكثر من أمس". وقالت في مقابلة مع رويترز "عندما زرعت أرزة في الباروك باسمي كنت متأثرة وكان عندي إحساس بالفرح لأنها رمز لبنان. عندما حملتها بين يدي شعرت بأنني أحمل شيئًا غاليًا كثيرًا على قلبي.. هذا الموضوع أفرح قلبي". قد يبدو لبنان حلمًا لكنها هكذا رأته على صورة جبل يراقب حروبًا صغيرة تجري تحت وديانه فيسمع المحاربون ضجيج الموسيقى وقد غلبت رنين السيف. وعلى سفح هذا الجبل ستغني الماجدة في افتتاح ليالي مهرجانات بيت الدين الدولية مساء غد الخميس. تضرب بحنجرتها أصوات تفجيرات أزهقت الأراوح من الصيف إلى الصيف. وكانت المناطق الشيعية في لبنان عرضة لهجمات بسيارات مفخخة العام الماضي وبداية العام الحالي بسبب الحرب الدائرة في سوريا حيث أرسلت جماعة حزب الله مقاتلين لدعم الرئيس بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية المحسوبة على الشيعة. ويحارب متشددون لبنانيون سنة أيضًا إلى جانب مقاتلي المعارضة في سوريا. وآخر هذه التفجيرات كانت ليل الاثنين عندما فجر مهاجم انتحاري سيارته الملغومة في الضاحية الجنوبية لبيروت قرب نقطة تفتيش للجيش مما أدى إلى مقتل مفتش في الأمن العام- فضلاً عن منفذ العملية- وإصابة عدد من الأشخاص كانوا يشاهدون على شاشة التليفزيون مباراة في كأس العالم لكرة القدم في مقهى قريب. وأعلنت القوى الأمنية اللبنانية حالة التأهب القصوى منذ أن قتل انتحاري شخصًا وأصاب 37 آخرين يوم الجمعة قرب الحدود السورية في هجوم نجا منه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وهو أحد كبار المسئولين الأمنيين في البلاد. وتصر ماجدة الرومي ابنة الموسيقار اللبناني الراحل حليم الرومي من خلال مشاركتها في المهرجانات هذا العام على خوض حرب البقاء في بلد بات يعبر كل يوم جسر الموت وتقول "إذا لم يعطنا الله نعمة توحيد الصفوف فمعنى ذلك أننا أرضية خصبة لكل أنواع الفلتان الممكن" عن سابق إصرار وتصميم آذن هو غناء ترفعه ماجدة كالصلاة من أعالي جبل فيبارك الأرض التي باتت اليوم "مزروعة بالشياطين". وتقول في المقابلة التي جرت في محمية أرز الباروك بين أشجار الأرز الخالدة "أكيد أنا خائفة على لبنان في ظل الظروف الحالية". الذي يحصل ليس مزحة والذي يحصل مرعب بكل أبعاد هذه الكلمة. نشعر وكأن شياطين الأرض يهجمون على العالم العربي كله". وتضيف "الوضع في العالم العربي غامض كثيرًا وصعب كثيرًا ولا أعرف الى أين. جديًا لا أعرف إلى أين. قلبي مع الكل وبنوع خاص سورياوالعراق. الحاصل في هذين البلدين يحرق قلبي وكأنه شقفة من لبنان وعم يصير فيها هيك. أحس أنني لبنانية عربية معنية بكل مكان في العالم العربي". وتشهد سوريا حربًا أهلية منذ أكثر من ثلاث سنوات أدت إلى مقتل أكثر من 160 ألف شخص وتشريد الملايين. واستولى مقاتلون سنة من بينهم مقاتلون في جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام- على أجزاء واسعة من شمال وغرب العراق وهم يقتربون تدريجيًا من العاصمة بغداد حيث مقر الحكومة التي يرأسها الشيعي نوري المالكي. لكن ماجدة الرومي لمحت بارقة أمل عبر انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر قائلة "الذي حصل في مصر منذ أسبوعين أفرحني.. أفرحني وكأن هذا أمر لي أنا شخصيًا. نجحت مصر بأن تتخطى الصعوبات التي مرت بها وإن شاء الله يا رب ربنا يحط يده معها بقدر ما يضع يده في تونس وفي البلاد التي تقاوم هذه الهمجية الهاجمة علينا الله يعرف من أين". وقالت "بالنهاية نحن ناس زهقنا نريد أن نعيش وهم لا يتركوننا أن نعيش. نحن بين قنبلة وقنبلة نكمل الحياة ونجد مطرحًا لبسمة ونجد مطرحًا للقليل من الفرح نبلل به قلوبنا". وردًا على سؤال بشأن المهرجانات قالت "لا تأجيل لمهرجانات بيت الدين نهائيًا. لبنان هكذا كان منذ بداية الحرب ونحن نتوكل على الله ونمشي والذي سيحصل سيحصل. ونحن مهما حصل أظن أنه أصبح لدينا الخبرة كيف نتصرف في هذه الظروف. لا ليس لدي أي خوف". وتقدم ماجدة الرومي على خشية قصر بيت الدين الشهابي الأثري الذي تقف عليه للمرة الخامسة أغنية شعبية جديدة للشاعر اللبناني طلال حيدر "عن لبنان الاستمرار رغم كل الظروف الصعبة". وكانت قد نفذت البطاقات قبل شهر من موعد الحفلة. وقالت إن "بيت الدين هي رسالة سلام وأمل وفرح للناس وقبل كل ذلك التمسك بلبنان السيادة والحرية والاستقلال. حق لبنان بالاستقلال عندي حق مقدس. هذه رسالتي الأساسية بهذا الموضوع. أنا منذ أن غنيت عم احلمك لليوم وقضية القضايا بقلبي هي سيادة لبنان حقه بالاستقلال.. وهذا سيكون أساسيًا في بيت الدين".