أثار الحكم الصادر اليوم الإثنين، من محكمة جنايات المنيا بإعدام 529 إخوانيًا وإحالة أوراقهم للمفتى، لغطا كبيرا فى الشارع المصري، فقد رآه البعض حكما صادما، بينما وصفه آخرون بأنه حكما "مسيسًا" ورآه البعض عادلا، وأنه لابد منه للوقوف فى وجه رعونة الأعمال الإرهابية، وبقدر الجرم تكون العقوبة، وترصد "بوابة الأهرام" آراء مختلفة حول هذا الحكم. فى البداية ذكر الدكتور سمير صبري، المحامي بالنقض والدستورية العليا، أنه قبل الحديث عن الحكم الصادر اليوم بإعدام 529 وبراءة 16 متهم، لابد أن ننظر جيدا لقرار الاتهام، وقرار الإحالة، فليست القضية فقط قتل 3 أشخاص ليعدم 529 شخصًا فى المقابل، ولكن قرار الإحالة حافل بالعديد من الجرائم التى ارتكبتها هذه المجموعة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية – حسب وصفه. وأضاف أن قرار الإحالة عن تلك القضية، والتي حدثت فى 14 أغسطس لعام 2013 عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، تضمن عدة قضايا حدثت حينها بمحافظة المنيا منها إحراق مقار شرطة، وقتل العقيد مصطفى رجب، وأيضا الشروع فى قتل شرطي وضابط، وإطلاق أعيرة نارية، وإتلاف ممتلكات عامة وخاصة، والاستيلاء على أسلحة نارية من أقسام الشرطة، وقتل مواطن قبطي وسحله، وحرق سيارات لمواطنين وترويع مواطنين، وحرق 7 كنائس منها كنيسة الأنبار إبرام، وكنيسة العذراء، و6 كنائس إنجيلي، مشيرًا إلى أن قرار الاتهام تصل فيه العقوبات إلى الأشغال الشاقة المؤبدة والإعدام. وأشار صبري، إلى أن الحديث على أن هذا الحكم قد صدر فى خلال 48 ساعة فقط، فإنه لا غبار على ذلك على الإطلاق، حيث إنه من المعروف أن صور الجنايات توزع على أعضاء المحكمة قبل الجلسة بشهرين على الأقل وكل قاضي من الثلاثة يدرسها ويلخصها للبت فى حكمها. كما أشار، إلى أن الأدلة التى تحتويها هذه الجناية هى أدلة دامغة بالصوت والصورة، وأنه هناك العديد من الأسطوانات المدمجة، والتى تظهر فيها كل متهم والجرم الذى ارتكبه، ولا تحتاج فى ذلك إلى أدلة أخرى. مضيفا، ومع ذلك فإن التأجيل لجلسة 24 أبريل للعام الحالي، وبعد ورود رأى فضيلة المفتى، فإن هذا الرأى سيكون استشاريًا للمحكمة وغير ملزم لها، وتملك المحكمة الأخذ به أو تركه. وأكد الدكتور سمير صبري، أن هذا الحكم من حق المتهمين الطعن عليه على الرأي التالي: المتهمين الذين حضروا الجلسة يحق لهم الطعن على الحكم بالنقض، والهاربون يحق لهم إعادة الإجراءات، مشيرا إلى أنه وفى كل الأحوال بعد تقديم الطعن فإن هذا الحكم كأن لم يكن، لأنه بعد الطعن عليه سيبدأ دراسة القضية مرة أخرى. أما القول بأن هذا الكم القضائي مسيس، فعقب صبري على ذلك قائلا: من المعروف أن القضاء المصري غير مسيس، ولا يخضع لأى ضغوط، ولا يتأثر بالرأى العام، ولكنه يطبق أحكام القانون، والدليل على ذلك أن محكمة الإسماعيلية، من 6 أيام قضت ببراءة عصام العريان، ومن حوالي شهر تقريبا قضت محكمة جنايات القاهرة ببراءة 62 متهما بترويع مواطنين أعلى 6 أكتوبر وأمام قسم قصر النيل وكانوا رافعين أعلام القاعدة، ومع ذلك حكمت المحكمة ببراءتهم. مضيفًا: كما لا ننسى الحكم الصادر فى واقعة سيارة الترحيلات والتى قتل فيها 36 من المقبوط عليهم من الجماعة الإرهابية، حيث تمت محاكمة الضابط المسئول عن سيارة الترحيلات وقضي بالحكم عليه بعشر سنوات، متسائلًا "فلماذا لم يكن الحكم مسيسًا فى هذه القضايا؟". وألمح الدكتور سمير صبري، أنه لا يتوقع أعمال عنف أو تخريب كرد فعل على هذا الكم فى الشارع المصري، مؤكدًا أن الهدف من هذا الحكم هو التخويف والترويع لتلك الجماعات الإرهابية. وفى سياق متصل، قال الدكتور عمار على حسن، الكاتب والمفكر السياسي، فى تعقيبه على الحكم الصادر اليوم بإعدام 529 متهمًا إخوانيًا وإحالة أوراقهم لفضيلة المفتي، أنه نتيجة لأعمال العنف الإرهابية فى الشارع المصري، أصبح هناك نوع من الضغط السياسي على السلطة من أجل تخصيص دوائر قضائية بعينها للحكم فى القضايا الخاصة بأعمال الإرهاب وذلك فى إشارة منه إلى أن هذا الحكم مسيس. وأكد، ورغم ذلك فإن هذا الحكم ربما يلاقي قبولا من الرأي العام كنوع من أنواع الحسم والشدة مع التنظيمات الإرهابية وترويعها، مشيرا إلى أن الحكم ليس نهائيا وستتمكن جماعة الإخوان الإسلامية من الطعن عليه، وربما ينتهى إما بتخفيف الحكم أو بالبراءة للمتهمين، حسبما توقع. وأضاف، أنه فى الثمانينيات والتسعينيات خصصت محاكم بعينها للكم فى مثل هذه القضايا، وكان أخف الأحكام وقتها هى عقوبة الإعدام، مشيرًا إلى الحكم الصادر اليوم الإثنين هو حكما صارما بقدر صرامة الجريمة وعنفها. وعلى النقيض تمامًا وصف اللواء عادل سليمان الخبير الاستراتيجي ومدير مركز دراسات المستقبل، الحكم الصادر اليوم بأنه صادم وعنيف، كما أنه كما سياسيًا يخدم أهداف المرحلة. كما استنكر أن يكون جميع المتهمين من الإخوان، مشيرًا إلى أنه ليس من العدل إلصاق كل تهمة تحدث بجماعة الإخوان المسلمين، وأنه ربما اندس أفراد من فصائل أخرى فى تلك الأعمال التخريبية التى حدثت فى محافظة المنيا عقب فض اعتصام رابعة العدوية. وتوقع سليمان، أعمال عنف فى الشارع المصري كرد فعل على الحكم الصادر اليوم قد تتحول إلى أعمال تخريبية، مشيرا إلى الشوارع ستمتلئ خلال الفترة المقبلة بمسيرات بأعداد كبيرة، مؤكدًا أن المسيرات لن تشمل جماعة الإخوان فقط بل سينضم لها فصائل أخرى من المجتمع تعترض بشكل كبير على سياسات المرحلة الحالية. يذكر أن القضية قد بدأت أحداثها فى 14 أغسطس لعام 2013 بمحافظة المنيا، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، حيث قامت مجموعة كبيرة ممن ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين بأعمال عنف وتخريب وإحراق مقار لأقسام شرطة، وإحراق وتدمير كنائس، وقتل ضابط شرطة، وسحل وقتل مواطن قبطي.