ظل موضوع الدعم ووصوله لمستحقيه طوال السنوات الماضية، الشغل الشاغل لكافة الحكومات المتعاقبة، كما يعتبر القضية الأكثر تعقيدًا، حيث كان الهدف منه تقليص معدلات الفقر، وتقديم سلع مدعمة للفئات الفقيرة المستحقة عن طريق الدعم العينى لبعض السلع الأساسية، إلا أن هذا الدعم لم يحقق المرجو منه لترتفع معدلات الفقر خلال السنوات العشر الماضية إلى نحو 25% من عدد السكان، وفقًا لأحدث إحصائيات وزارة المالية. خبراء الاقتصاد أكدوا على مدار السنوات الماضية أنه الحل الامثل للحد من مشكلة الفقر، وبالفعل بدأت وزارة المالية خطوات جادة نحو تطبيق هذا الدعم لتبقى مشكلة هى الأكثر صعوبة، وهى آلية تطبيق هذا النظام، وكيفية القضاء على أى شبهة للتلاعب فى بيانات المستحقين حتى لا تهدر ملايين الجنيهات وتذهب لمن لا يستحق. فى البداية، تقول الدكتورة يمنى الحماقى، أستاذة ورئيسة قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن الدعم النقدى بلا شك هو الحل الأمثل لوصول الدعم لمستحقيه، ولكن يبقى أمامنا التحدى الأكبر، وهو القدرة على الإنجاز على أرض الواقع، فموضوع الدعم النقدى قتل بحثًا منذ الثمانينيات، لكننا غير قادرين على تنفيذه حتى الآن لعدة أسباب، أولها الأبعاد السياسية وعدم القدرة على اتخاذ قرار لا أستطيع تنفيذه، ولكن تحويل الدعم إلى نقدى أصبح الآن أساسًا لمواجهة ظاهرة الفقر، وتحقيق أداء اقتصادى جيد للبلد. وأشارت إلى أن ذلك لا يتعارض مطلقًا مع مصالح الفقراء طالما لدينا سياسة وخطة واضحة الأهداف تجاه هذه الطبقة التى يجب أن يتطور الدعم المقدم لهم بعد ذلك إلى الأهم، وهو التمكين الاقتصادى للفقراء. أما بالنسبة للمشكلات التى من الممكن أن تواجه الحكومة فى تطبيق هذا الدعم، فترى الحماقي أن هناك ثلاثة أبعاد قد تعوق تحقيق ذلك، ويجب القضاء عليها قبل بدء التفيذ، أولها ضعف كفاءة القائمين على التنفيذ، ثانيًا الفساد وتعارض المصالح الخاصة، أما البعد الثالث فيتمثل فى الرقابة الشعبية، والتى من المفترض أن تقوم بها المحليات، لكن للأسف المحليات تعانى من البعدين السابقين، فعدم حل الأبعاد الثلاثة السابقة يهدر ملايين الجنيهات، ويجعل نجاح نظام الدعم النقدى شبه مستحيل. وتقترح كآلية للتنفيذ قد تعطى نوعًا من الأمل حتى لا يسرق الدعم، وذلك من خلال استخدام التكنولوجيا عن طريق الكارت الممغنط، الذى سيحد من التلاعب فى دفاتر أو أوراق، فلا يمكن السحب منه مرتين خلال الشهر عن طريق تسجيل بيانات هذا الكارت على شبكة إلكترونية تابعه لوزارة المالية، مما سيوفر للدولة مليارات الجنيهات. وتقترح الحماقى أن يتم عن طريق هذا الكارت، وبالاتفاق مع عدد من المجمعات الاستهلاكية سواء الحكومية أو الخاصة أو التابعة للقوات المسلحة بتقديم السلع بأسعار خاصة، يتم صرفها للمواطن المستحق للدعم عن طريق هذا الكارت الممغنط، وفقًا للمكان والبيئة، الأمر الذى يحمل على حماية كرامة هذه الطبقات التى ستقوم شراء ما تريد وليس ما يفرض عليها. ويرى الدكتور إيهاب الدسوقى، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، أن الدعم النقدى أفضل بكثير من الدعم العينى، الذى يهدر موارد المجتمع ويساوى ما بين الأغنياء والفقراء، بل ساعد أكثر على ارتفاع نسبة الفقراء فى البلد، فضلاً على أن النظام الإدارى فتح أبوابًا للفساد فى كل القطاعات بما يهدد موارد المجتمع بشكل مخيف لذلك فلا يوجد حل إلا تحويله إلى دعم نقدى من خلال حصول الطبقات الفقيرة على مبالغ مالية من الحكومة، مما سيوفر جزءًا كبيرًا من مبلغ الدعم. أما بالنسبة لآلية تطبيقة فيقول الدسوقى، إن تطبيقه على العاملين بالحكومة أمر سهل ومعروف والذى سيحدد لمحدودى الدخل بزيادة مرتباتهم بمبلغ الدعم، أما الصعوبة ستكون فى الطبقات الأخرى أو غير الموظفين، ولكن من الممكن حصرهم عن طريق بطاقات التموين، أما الحرفيون أو أصحاب الأجور المتغيرة فيرى أنهم غير مستحقين للدعم لأنهم يقومون بحل مشكلة ارتفاع الأسعار برفع أجورهم معها.