يلقى كتاب "حاكمة قرطاج"، للصحفيين الفرنسيين نيكولا بو وكاترين جراسيه إقبالا كبيرا منذ طرحه في المكتبات التونسية، بعد أن كان ممنوعا من دخول البلاد قبل "ثورة الياسمين"، التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14يناير. أوضح بو للصحفيين خلال لقاءات متعددة في تونس حضرها عدد كبير من التونسيين أن "خمسة آلاف نسخة من الكتاب تم اقتناؤها في تونس منذ الرابع عشر من يناير، في حين بيعت نحو 15 ألف نسخة أخرى في فرنسا في المدة نفسها". أضاف: "قبل الثورة التونسية تم بيع 30 ألف نسخة في فرنسا اقتنى رجال الشرطة نسبة كبيرة منها". ولاحظ بو "أن الإقبال وردود الفعل حول هذا التأليف كانت خارقة للعادة في تونس"، مضيفا: "كان لا بد على التونسيين أن يتسلحوا بكثير من الشجاعة لقراءة هذا الكتاب على عكس الفرنسيين". وتابع: "حين سمعت شهادات حول الرعب الذي خيم على البلاد خلال حكم "بن علي" اعتبرت مساهمتي هذه متواضعة جدا". أضاف: "أريد من خلال هذه المساهمة الوقوف إلى جانب الأصدقاء التونسيين في نضالهم المستميت من أجل الحرية". ونوه الكاتب "بمساهمات نشطاء تونسيين في الداخل والخارج من أجل أن يرى الكتاب النور"، وذكر من بينهم المحامية الناشطة في مجال حقوق الإنسان راضية النصراوي التي تعرضت لعدد من الانتهاكات خلال حكم "بن علي"، والناشط سليم بقة المعارض المقيم في باريس. أشار نيكولا بو إلى أن أهمية الكتاب "تكمن في تاريخ نشره الذي تزامن مع صمت فرنسي حول أوضاع النظام التونسي"، مشيرا إلى أنه "يحتوي على معطيات غير حصرية ربما يمكن قراءتها في مواقع أخرى"، مؤكدا أنه "ليس بالكتاب المرجعي بل هو يقدم بورتريه لليلى الطرابلسي " زوجة الرئيس المخلوع "بن علي". ومنذ الثاني والعشرين من يناير، رفعت القيود على استيراد الكتب الأجنبية إلى تونس، إشارة إلى انتهاء زمن الرقابة. وأصبح بإمكان المكتبات أن تطلب الكتب التي كانت في السابق ممنوعة من دخول البلاد، ومنها "الوصية على قرطاج" و"صديقنا بن علي" للمؤلف ذاته. ويتحدث كتاب "حاكمة قرطاج" الصادر عن دار النشر "لاديكوفرت" الفرنسية عن ليلى الطرابلسي زوجة "بن علي"، ويروي كيف تمكنت عائلتها من السيطرة على قطاعات واسعة من الاقتصاد التونسي ودورها في تدبير شئون البلاد، ويندد ب"الصمت المتواطئ لفرنسا". جاء في الصفحة الأخيرة من غلاف الكتاب أن ليلى الطرابلسي تسير على خطى وسيلة بورقيبة التي حكمت تونس في ظلال رئيس عجوز ومريض، في إشارة إلى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. ويرى مؤلفا الكتاب أنه في وقت كانت تستعد فيه البلاد لانتخابات رئاسية مزورة فإن ليلى الطرابلسي حاولت أن تفرض نفسها بمثابة "وصية على العرش" بمساعدة أقاربها، وفي ظل الصمت المتواطئ لفرنسا. كانت ليلى الطرابلسي قد رفعت عام 2009 إثر صدور الكتاب دعوى عاجلة أمام إحدى محاكم العاصمة الفرنسية من أجل منع نشر وتوزيع الكتاب وسحب النسخ التي وزعت في وقت سابق، مدعية أن الكتاب يتضمن فقرات بها قذف وسب في حق شخصها. ورفضت المحكمة قبول تلك الدعوى لأن ليلى الطرابلسي لم تلتزم في دعواها بتحديد القوانين التي يمكن تطبيقها في إطار تلك الملاحقة القضائية وهو ما من شأنه أن يجعل الطرف المدعى عليه غير قادر على معرفة ما يؤخذ عليه وتهيئة دفاعه. كشف الكاتب الفرنسي عن أنه بصدد التحضير "لكتيب يضم خمسين صفحة حول العلاقة المتوترة بين باريس وتونس خلال فترة حكم بن علي" الذي أطاحت به ثورة شعبية انطلقت شرارتها في ديسمبر حين أقدم الشاب محمد البوعزيزي وهو بائع متجول على إحراق نفسه احتجاجا على ما فعل به. من المتوقع أن تنظم نقابة الصحفيين التونسيين الجمعة، لقاء اخر مع نيكولا بو الذي وصل تونس في الثامن عشر من فبراير.