فجأة تعرت وجوه الفنانين وخلعوا النقاب عن وجه المجاملات والنفاق الذي كانوا يقابلون به بعضهم البعض، وتحولت روح المحبة التى كانوا يصطنعونها في أوجه بعضهم البعض إلى كراهية وعداء مثلهم مثل غيرهم من المسئولين الذين بدأت تنكشف حقيقتهم واحدا تلو الآخر. فلم يتوقع أحد أن ثورة 25 يناير ستكون حافزا لقيام الفنانين بالدعوات على بعضهم وتوجيه الشتائم بل و"السباب" في أحيان كثيرة إلى بعضهم وتخوين بعضهم واتهامه بالولاء للنظام. تلك هى الحالة الفنية، التى تسود الوسط الفنى حاليا. بالأمس قام الفنان عمرو واكد وهو أحد المشاركين في ثورة 25 يناير بكتابة مقال تحت عنوان "الفنانين الفواكس.. ربنا ينتقم منكم" اتهم فيه من يحابون الرئيس السابق مبارك ويتعاطفون معه ب"المجانين" حتى إنه قال لهم: " إذا كنت بتحب حسني بجد فهذا في أغلب الأحيان بيبقى تخلف عقلي وعليك بالسرايا الصفرا قبل ما تضيع حد معاك، أيا كانت دوافعك". من بين العبارات التى وردت في مقاله أيضا: "إذا اعتزلتم الفن هذه هي الفرصة الوحيدة لكي تعيشوا في أمان لأن في ناس كتيرة دلوقتي مش طايقاكم. اخرجوا برة مجتمع الفن خالص. اشتغلوا أي شغلانة تانية. أنتم كنتم تمارسون عهر السلطة وكمان الطالعة اللي فاتت دي كانت شكك. يادي الرخص، وأحب برضه أضم إلى تلك الفئة المنحلة الفئة الخسيسة أيضا من الفنانين اللي لم يهون عليهم مساندة أي طرف لكي لا يخاطروا إذا غلطوا يعني وساندوا الخاسر.. شوف بقى فنان أو فنانة وخايف يقول رأيه علشان حسابات شخصية وإحنا كلنا في ثورة وناس بتموت في وسطينا وقوات أمن وغيرهم بتقتل في شعب لمدة 18 يوما. مش يوم ولا اثنين. أنتم كنتم فين مش فاهم؟ المخرج خالد يوسف والفنانة غادة عبد الرازق واللذان اجتمعا في السنوات الأخيرة على مائدة كثير من الأعمال السينمائية حتى إنها استعانت به في المشهد الأخير في مسلسلها "زهرة وأزواجها الخمسة" نظرا لعلاقة الصداقة التى كانت تجمع بينهما، فخلال أيام اندلاع الثورة أجرت غادة مكالمة تليفونية مع خالد يوسف طالبته فيها بتهدئة الأوضاع في ميدان التحرير لكنه لم يستجب لندائها وأغلق التليفون في وجهها رافضا الاستماع إلى حديثها. الملحن عمرو مصطفي، والذى أطلق عليه أخيرا في الوسط الفنى لقب "الملحن النحنوح" وذلك بعد أن انهمرت دموعه أمام كاميرات التليفزيون مطالبا شباب التحرير بالعودة إلى منازلهم، حيث هاجمه الكثيرون من زملائه بالوسط الفنى وقاموا "بسبه" علنا على صفحاتهم عبر الفيسبوك. كذلك الفنانة والمنتجة إسعاد يونس كانت تقوم بالتعليق المستمر على مداخلات الفنانين في برامج التوك شو، عبر صفحاتها الرسمية على الفيسبوك يوميا، فعندما استضاف عمرو أديب في برنامجه "مباشر" الفنان أحمد السقا والتى ظهر فيها يتحدث عن شباب الثورة بعد أن قاموا بضربه، حيث قال: "ياجماعة لازم نهدى، وأنا مستعد أخد الطلبات بتاعت شباب ميدان التحرير وأوصلها للمسئولين" وهو ماعلقت عليه إسعاد عبر صفحاتها قائلة: في كلام عك ولخبطة آخر حاجة بيتقال دلوقتى على الحياة بنفسجى فصحيح أنها لم توجه الإهانة مباشرة لأحمد السقا إلا أنها تهكمت على حديثه. بالإضافة إلى الإهانات التى وجهها كثير من الفنانين إلى كل من الفنانة إلهام شاهين وسماح أنور وحسن يوسف ودلال عبد العزيز وأشرف زكى وصابرين وغيرهم واتهموهم فيها بالتخوين والولاء للنظام وذلك مع المطالبة بمقاطعة العمل معهم. الغريب أن الفنانين اهتموا بتوجيه الشتائم والسباب بعضهم إلى بعض ولم يفكروا لحظة ماذا سيقدمون لوطنهم من أعمال بناءة وهادفة في المرحلة المقبلة بعد أن دبت ثورة 25 يناير الأمل في تغيير كل الفساد والسلبية التى عاشت فيها مصر لسنوات طويلة.