اعتبر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا أن قيام وحدات خاصة من قوات البحرية الأمريكية بتنفيذ ما وصفه بعملية اختطاف المواطن الليبي نزيه الرقيعي، الذي يشتهر باسم أبو أنس الليبي، يعد مساسا بسيادة الدولة الليبية، معلنا أنه على اتصال مع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للحصول على تفسيرات. وقال عمر حميدان، المتحدث الرسمي باسم المؤتمر، عقب اجتماع موسع عقده مكتب الرئاسة بالمؤتمر الوطني بحضور رئيس المؤتمر نوري أبو سهمين ونائبه الثاني صالح المخزوم وعدد من أعضاء المؤتمر "نحن على اتصال مع الحكومة (الانتقالية برئاسة علي زيدان) لتتواصل مع الحكومة الأمريكية لإيجاد تبريرات في هذا الموضوع". وأضاف "أننا على استعداد تام للتعاون خاصة في مسألة القبض على المتهمين، إذ إننا ندعم التعاون الدولي في ما يتعلق بالأمن الجنائي". وخصص الاجتماع لمناقشة اختطاف أبو أنس الليبي ومعرفة وجهة نظر الحكومة الليبية في هذا الخصوص، بالإضافة إلى جملة من الموضوعات التنظيمية الداخلية المتعلقة بالمؤتمر وإعادة تشكيل اللجان. كما ناقش الاجتماع أحداث واقعة الاعتداء على البوابة العسكرية الواقعة بين مدينتي ترهونة وبني وليد المعروفة ببوابة المالطي والتي سقط فيها عشرون جنديا ما بين قتيل وجريح، بالإضافة إلى متابعة أوضاع عدد 40 أسرة نازحة وإمكانية توفير إقامة مؤقتة تتمثل في حجرات متنقلة تؤويهم إلى حين إيجاد إقامة تليق بهم. من جهته، رفض عبد المنعم اليسير، رئيس لجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني، الكشف عن أي معلومات بشأن حقيقة وملابسات خطف مواطنه أبو أنس. وقال ل"الشرق الأوسط" اليوم الثلاثاء: "سيصدر قريبا موقف رسمي من المؤتمر، ولا نريد استباق الأحداث". لكنه أضاف "بالتأكيد عملية خطف مواطن ليبي على أرض ليبية بواسطة قوات أجنبية هي أمر مرفوض". وبينما قال أعضاء في المؤتمر الوطني الذي يعتبر أعلى سلطة دستورية في البلاد إنهم لم يكونوا على علم مسبق بعملية الاختطاف، قال مسئول في الحكومة الليبية إن هناك جهات ليبية رسمية متورطة في القصة، على حد تعبيره. وقال المسئول الذي طلب عدم تعريفه "ثمة أجهزة لديها القدرة على مساعدة القوات الأمريكية على تنفيذ هذا العمل بهذه الدقة وتوفير المعلومات الكاملة والقبض على المختطف والتحرك بسرعة". وتابع: "بالتأكيد أن هذه الجهات تحاول كسب ثقة الأمريكان بعملية مثل هذه، وأكيد الأمر تم بعلم بعض الوزراء لإبعاد الشبهات عن ليبيا فقط». بينما وصفت الحكومة الليبية المتحسبة لرد فعل الإسلاميين اعتقال مواطن ليبي داخل الأراضي الليبية بأنه "اختطاف"، وطلبت من واشنطن تفسيرا، فيما ينتظر بعض الليبيين بالفعل رد فعل إسلاميا. ونقلت وكالة «رويترز» عن عبد الباسط هارون، وهو مقاتل ليبي سابق، قوله "سيحدث رد فعل للأخذ بالثأر، لأنه شخصية مهمة ب(القاعدة)، حتى نريهم أن اعتقال أي شخص سيكلفهم غاليا". وقال عبد الله نجل أبو أنس في تصريحات خاصة عبر الهاتف "ما سمعته والدتي من الشباك لأنها كانت تتابع عملية الخطف، بعدما سمعت ضجة، أن أشخاصا ليبيين لكنتهم ليبية كانوا يقولون له ارقد ارقد". واستطرد قائلا "استوقفت سيارتان مجهولتان سيارة والدي، وكانت هناك سيارة ثالثة تتابع الأمر عن كثب. كان والدي يقول لهم شنو فيه (ماذا هناك)؟.. وهكذا عرفت الوالدة أن هناك ليبيين مشاركين في عملية الخطف". وتابع "طريقة سحبهم لأبي لم تكن طبيعية، مما يدل على أنهم استعملوا مادة مخدرة. هذا ما نعتقده". ونقل عبد الله عن أبيه ل"الشرق الأوسط" قبل اعتقاله أن الاتهامات الموجهة ضده ليست صحيحة، وأنه راح ضحية معلومات مغلوطة أدلى بها بعض الليبيين الذين وقعوا مؤخرا في قبضة أجهزة الأمن الأمريكية. لكن عبد الله قال إنه لا يستطيع نفي أو تأكيد ما أعلنته الحكومة الليبية بشأن عدم علمها بالموضوع أو هوية الجهات المشاركة في عملية الخطف. من جهته، قال عبد الحكيم بلحاج، أحد أبرز قيادات الثوار الذين شاركوا في السابق في إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ورئيس حزب الوطن: لا علم لدي بالموضوع.. الأمور لها عدة جوانب.. المؤسسة الرسمية الممثلة في رئاسة الحكومة، وجزء آخر يتعلق بالقضاء والنائب العام. هناك أمور تحتاج إلى استبيان، والحكومة موقفها واضح، وقد أصدرت بيانا في هذا الصدد». وأضاف بلحاج في تصريحات خاصة عبر الهاتف لحظة وصوله مطار طرابلس «لكني أريد معرفة الآراء بالتفصيل قبل أن أتحدث. إلى ذلك، نفى أحمد أبو ختالة، الذي تتهمه السلطات الأميركية بأنه أحد أبرز المشاركين في هجوم 11 سبتمبر العام الماضي على مقر القنصلية الأميركية في بنغازي مما أدى إلى مصرع أربعة أشخاص من بينهم السفير كريس ستيفنز تغييره لمقر إقامته في مدينة بنغازي بشرق ليبيا عقب اعتقال أبو أنس الليبي. وسألته "الشرق الأوسط" بشأن مخاوفه من تكرار عملية الخطف معه، فقال أبو ختالة البالغ من العمر 42 عاما «إن شاء الله لن يتكرر الأمر معي». وأضاف «الاتهامات الأميركية بأني متهم باطلة، وعليهم أن يقدموا الأدلة.