كانت محاكمة الناشط السياسي أحمد دومة أمام محكمة طنطا صباح اليوم، مناسبة وظفتها القوى الثورية من أجل تسليط الضوء على المحاكمات المستمرة للنشطاء السياسيين، أو ما يسميه هؤلاء بالقبض العشوائي على شباب الثورة أثناء مشاركتهم بالمظاهرات الاحتجاجية، دون إدراك أن هناك قانونًا يجب أن يخضع له الجميع، وأن يكون هؤلاء قدوة ونموذجًا في احترام هذا القانون. إلا أنها أزمة تغييب القانون والعدالة، بحيث غابت فكرة أن القانون نفسه وسيلة لتصويب العدالة التي قد يعتبرها البعض مفقودة داخل المجتمع، لا العنف بالشارع. فالكل يعتبر نفسه هو صاحب الحق دون النظر للطرف الآخر. ووجه عشرات المتظاهرين الذين تجمعوا أمام المحكمة الانتقاد لما سموه ب"الممارسات البوليسية" التي تؤكد عدم وجود اختلاف بين النظام الحالي والنظام السابق. وطالبوا بالإفراج عن دومة وبقية النشطاء، ورددوا هتافات: "اكتب على حائط الزنزانة.. حبس النشطاء عار وخيانة"، "الشعب يريد إسقاط النظام، اعتقلونا يا تفرجوا عنهم.. كنا شركاء في نضالهم، الداخلية.. بلطجية.. البلطجي أبو درع وشومة.. اللي مسمى نفسه حكومة". كما رفعوا لافتات مكتوبًا عليها "الشعب يريد إسقاط النظام، يا اللي بتسأل إحنا مين.. إحنا كل المصريين، اقتل 1 واقتل 100 مش هتنسونا القضية، اقتل 1 واقتل 100 لسه الثورة زي ما هيه". وأعلنوا تضامنهم مع دومة. وتشكل حالة أحمد دومة وضعية خاصة داخل النشطاء السياسيين، رغم أن عمره لم يتجاوز 23 عامًا، إلا أنه يمارس العمل السياسي وعمره 14 عامًا تقريبًا، وينتمي لأسرة إخوانية، وكان عضوًا بالجماعة حتى عام 2007، حين قام بعمل حملة باسم المليون وجه وتوقيع، ضد نظام مبارك، واعتقل على أثرها 3 أيام فيما يسمى بالفيللا (مكان مخصص للتعذيب) عانى فيه أشد أنواع التعذيب: كهرباء، خلع أظافر، حقن أعصاب، تعليق وجلد، وأصيب بإصابات بالغة على أيدي رجال أمن الدولة، مثبتة بتقارير طبية، ووجد اسمه بأكثر من زنزانة داخل مقار أمن الدولة بعد اقتحامها. بعد الثورة، استقال من الجماعة، التي أدانت موقفه، وأدانت قيامه بحملة صريحة تعمل على إسقاط النظام بأكمله. ويحاكم بعد صدور قرار بضبطه وإحضاره بتهمة إهانة رئيس الجهورية، خلال تصريحاته باتصال هاتفي مع برنامج العاشرة مساء في شهر فبراير الماضي، حيث قال دومة: مرسي فاقد للشرعية وقاتل ومجرم هارب من العدالة. أما سبب وجود المحاكمة في طنطا، لكون أحد المواطنين بالمدنية رفع ضده قضية اتهامه فيها بسبب وإهانة رئيس الجمهورية. في تعليقه على المحاكمة، قال المستشار أحمد الفضالى منسق تيار أحزاب الاستقلال، إنه تم تشكيل لجنة تحت مسمى "الدفاع عن المعتقلين"، منسقها عمرو الوزيرى المنسق العام للعمل الجماهيري بحركة شباب 6 إبريل، وتتكون من عدد من المحامين وشباب الثورة، أهدافها الدفاع عن شباب الثورة المعتقلين والتصدي لمحاولات القبض علي المتظاهرين السلميين، وسوف يتم إخطار وزاره الداخلية بعمل تلك اللجنة لمراقبة هؤلاء المتظاهرين خلال حركة الاحتجاج لثبوت عدم لجوئهم للعنف، إذا تم القبض عليهم. أما محمد عطية عضو المكتب السياسي بالتحالف الثوري، فقال إن شباب الثورة هم من دعوا للتضامن والوقفة الاحتجاجية أمام محكمة طنطا اليوم وحال نظر القضية مرة أخرى يوم 13 مايو مشيرًا لاستمرار عمليات اعتقال الثوار والنشطاء وتلفيق التهم لهم. حيث أرجع تلك الحالة للمعركة الشرسة التي يخوضها النظام مع الثورة، لكنه في قضية دومة، بات يرتدي ثياب القداسة. مؤكدًا أن هذا هو الثوب الجديد للنظام، الأخطر والأكثر خطورة. من جانبه، أكد هيثم الخطيب عضو المكتب التنفيذي لاتحاد شباب الثورة أن حملة الاعتقالات لشباب الثورة بمثابة حمله تصفية بعدما فقدت الثورة زخمها وقوة دفعها الذاتي، وبات المجتمع يتقبل تلك الاعتقالات دون أن يثور، بخلاف المراحل الأولى من الثورة التي كان فيها هذا الزخم الثوري في وهجه، والآن بات من السهل حسب توصيفه اعتقال أي ناشط سياسي دون ضجة، ولا يتحرك المجتمع لمساندته. وفقدان هذا الزخم بحسب قوله، ساعد على ظهور أفكار تتسم بالعنف مثل البلاك بلوك ومحاوله نزع سلاح السلمية عن الثورة المصرية، فقد كان من نتيجة العمل على شيطنة الثورة أن جرت تلك الثورة للعنف السياسي، وأتهم الإخوان بالتسبب في تلك الحالة. وتساءل الخطيب، هل هذا جزاء شباب الثورة على ما قدموه للوطن؟ أما عمرو حامد المتحدث الرسمي باسم اتحاد شباب الثورة فقد وصف تلك المحاكمات بكونها محاولة ومخططا لتصفية الثوار والقضاء علي الثورة، وانقلابا من جماعة الإخوان على الثورة، مشيرا إلى أن الزج بالثوار في سجون محاولة متعمدة من جانب الإخوان لتصفية الثورة. وحذر من التحيز الواضح للنائب العام والداخلية، مؤكدًا أن تلفيق التهم سيؤدي إلى انهيار دولة القانون وتحول الدولة إلي غابة، وسيسقط الداخلية مرة أخرى، مطلبًا بتغيير النائب العام ووزير الداخلية، وما لم يحدث هذا التغيير فستحدث كوارث حسب وصفه. وأضاف: لقد تم اعتقال خيرة شباب مصر ورجالها ومن المحركين والمؤثرين في الشارع، ومن إبطال الثورة منهم على سبيل المثال أحمد دومة الذي كان في مقدمة ثورة 25 يناير الذي حقق معه المستشار أيمن الورداني بشكل مقصود الذي كان يحضر مؤتمرات جماعة الإخوان وأيضا حمادة المصري الذي يعتبر أحد رجال ميدان التحرير، والذين كانوا في مقدمة الثورة والمسئولين عن حماية الميدان من هجوم البلطجة، كما أن حمادة المصري كان من مصابي الثورة والذين دافعوا عن الميدان وبالإضافة إلى الشباب والأطفال الصغار الذين يحلمون بالحرية ووجدوا أنفسهم في السجون بعد عودة زوار الفجر. وأكد أن المجرمين الحقيقيين مازالوا خارج السجون وتحديدًا من تسبب في أحداث الاتحادية، التي مات فيها خيرة شباب مصر أمام بوابات القصر، من بعدها أحداث المقطم دون تدخل الرئاسة.