وعدت" بوابة الأهرام" قراءها أمس بمواصلة البحث لحسم الجدل بشأن حكم دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة بإلغاء تعيين المستشار طلعت عبد الله في منصب النائب العام، وهل هذا الحكم واجب النفاذ فورًا فيصبح النائب العام الحالي هو عبد المجيد محمود وهو الحاصل على الحكم بالعودة لمنصبه؟! أم أن الحكم لن ينفذ إلا في حالة عدم الطعن عليه أمام النقض أو بعد تأييد النقض له في حالة الطعن؟ وقد رصدت "بوابة الأهرام" اليوم الأحد من خلال بحثها وإطلاعها على الطعون المقدمة بدائرة رجال القضاء في محكمة النقض ضد الأحكام الصادرة من نفس الدائرة في محكمة الاستئناف، فاكتشفت أن جميع الأحكام المطعون عليها غير مختومة بصيغة تنفيذية تفيد حصول المدعين فيها على ما يفيد وجوب تنفيذ الجهات المختصة للحكم فورًا. وهو الأمر الذي يعني أن أحكام دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة غير واجبة النفاذ الفوري وأنها لا تصبح نافذة إلا في حالة عدم الطعن عليها أو في حالة أن الحكم في حالة الطعن جاء بالتأييد. وبناء على ذلك فإن حكم عودة المستشار عبد المجيد محمود، لن يصبح نافذا إلا في حالة عدم الطعن عليه أو بعد أن يحصل على حكم نهائي من النقض بتأييد الحكم في حالة الطعن عليه، ومن ثم يستمر طلعت عبد الله في منصب النائب العام حتى تحقق أي من هذين الفرضين. والمفاجأة التي اكتشفتها "بوابة الأهرام" خلال بحثها حول تلك القضية هو وجود فراغ تشريعي بشأن تنفيذ أحكام دائرة رجال القضاء بالاستئناف، وذلك لأنه وفقًا لما رصدناه في التحقيق السابق أن المادة 83 من قانون السلطة القضائية الخاصة بتلك الدائرة، لم تنص على أن أحكام تلك الدائرة نافذة فورًا. والقاعدة القانونية الحاكمة هو أنه حينما لا يكون النص الخاص قد نظم النزاع فإنه يتم اللجوء للأصل، والأصل هنا حسب حكم محكمة النقض في الطعن رقم 6 لنسة 81 قضائية الصادر عن دائرة رجال القضاء بمحكمة النقض بجلسة 22 مايو 2012، هو أن تسيير جميع الدعاوي أمام دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة تخضع في تسييرها والفصل فيها أمام محكمة استئناف القاهرة لأحكام قانون السلطة القضائية والقانون الإدارى، باعتباره القانون العام في هذا الشأن. وقضت المحكمة بذلك على اعتبار أن دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة تعتبر منحها المشرع استثناء اختصاص القضاء الإداري فيما يخص دعاوى رجال القضاء من أجل الحفاظ على سرية الدعاوى الخاصة بهم. ومعنى هذا الحكم - حسب ما ذكرته مصادر قضائية - أن القانون الحاكم لدعاوى رجال القضاء أمام محكمة استئناف القاهرة، يخضع للقانون المعمول به في القضاء الإداري وأن جميع أحكامه نافذه رغم أنه أول درجة من التقاضي بمجلس الدولة والطعن على تلك الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا ولا يوقف تنفيذ تلك الأحكام، ما لم تأمر المحكمة الإدارية العليا بذلك لاعتبارات ضرورية. ولذلك نجد أن جميع الأحكام الصادرة من القضاء الإداري يحصل المدعي فيها على صورة من الحكم مختومة بصيغة تنفيذية نصها أنه "على الجهة التي يناط إليها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها ذلك وعلى الجهات المختصة أن تعين على ذلك ولو باستعمال القومة متى طلب منها ذلك". ومع ذلك فإنه حسب ما تم رصده من أن جميع أحكام دائرة رجال القضاء بمحكمة استنئاف القاهرة لا يتم إعمال ما يتم في أحكام القضاء الإداري عليها ولا تحصل على أي صيغة تنفيذية. ووفقا لما رصدناه فإن أحد رجال القضاء بعد عام 2006 حصل على حكم قبل ذلك من دائرة رجال القضاء بمحكمة استنئاف القاهرة بإلغاء قرار لوزير العدل أكرهه فيه على الاستقالة وحينما تقدم بطلب إلى المحكمة للحصول على صورة مختومة بصيغة تنفيذية تم رفض طلبه واضطر لانتظار الفصل في الطعن على الحكم أمام النقض، وفي حالات أخرى اضطرت لانتظار مرور60 يومًا وهي المدة المسموح فيها بالطعن على الحكم وحينما لم يتم الطعن على الأحكام حصلوا على الصيغة التنفيذية لتلك الأحكام. وقد أوضح مصدر بدائرة رجال القضاء في محكمة النقض أنه لا يتم تطبيق المعمول به في القضاء الإداري على احكام دائرة رجال القضاء بمحكمة الاستنئاف رغم حكم النقض الذي قال إنها تخضع للقانون الإداري، وذلك لأن المقصود في الحكم هنا هو سلامة إجراءات إقامة الدعوى والشق الخاص بإعلان الخصوم فيها وليس بشأن تنفيذ الأحكام. وشدد المصدر على أن دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة رغم أنها تتبع محكمة الاستئناف والمتعارف عليه أن جميع أحكام الاستنئاف نافذة حتى مع الطعن عليها على اعتبار أنها محكمة ثان درجة، إلا أن هذه لها تعامل استثنائي لأنها تعتبر بالنسبة لرجال القضاء محكمة أول درجة ومن ثم فإن أحكامها ليست نافذة وليست نهائية. وأوضح أن القضاة أنفسهم هم من طالبوا بإنشاء تلك الدائرة بعد أن كان التقاضي بالنسبة لهم على درجة واحدة فقط أحكامها نهائية وهي دائرة رجال القضاء بمحكمة النقض، وبموجب تعديل قانون السلطة القضائية في 2006 تم إنشاء دائرة الاستئناف لتصبح أول درجة وأصبحت دائرة النقض ثان درجة. ولكن المصدر نفسه أكد أن هذا هو التفسير الذي يعمل وفقا له القضاة في هاتين الدائرتين بالاستئناف والنقض، مشدد على أن الأمر غير محسوم وفي كل مرة يثور جدل بشأنه ومن ثم فهناك فراغ تشريعي، حيث لا يوجد نص قانوني يحسم تلك القضية أو على الأقل دعوى قضائية تقام أمام القضاء الإداري بشأن أي حكم تصدره دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة ويحصل على حكم بتمكينه من الحصول على صيغة تنفيذية فورية أو أن المحكمة تقضي بأن هذه محكمة أول درجة بالنسبة للقضاة وأحكامها ليست نافذة إلا حينما تصبح نهائية. وأوضح المصدر، أنه يمكن أيضا لم يحصل على صغية تنفيذية لحكمه من دائرة القضاة بالاستنئاف أن يقيم استشكال عكسي أمام نفس الدائرة يطالب فيها بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تسليمه صيغة تنفيذية للحكم. وأكد المصدر أنه لو تمت إقامة أي من هاتين الدعويين سواء أمام القضاء الإداري أو نفس دائرة الاستئناف، فإن الأمر سيتم حسمه وسيتم تأسيس قاعدة قانونية بشأن حسم هذا النزاع أو أن يتم إجراء تعديل على قانون السلطة القضائية في المادة الخاصة بهذه الدائرة والنص صراحة على طبيعة أحكامها سواء نافذة أو غير نافذة للقضاء على هذا التضارب. وقد علمت "بوابة الأهرام" من مصادر مقربة من المستشار عبد المجيد محمود أنه ينوي التقدم بطلب لدائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة للحصول على صيغة تنفيذية للحكم الصادر بعودته لمنصب النائب العام وأنه في حال رفض إعطائه الصيغة التنفيذية -وهو الأمر الأكيد- فإنه سيقيم استشكالًا عكسيًا أمام نفس الدائرة يطالب فيه بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إعطائه صيغة تنفيذية للحكم، أو قد يلجأ للقضاء الإداري للحصول على حكم يمكنه من تنفيذ الحكم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن عبد المجيد حصل بنفسه أمس على صورة من الحكم مختومة بختم يقرأ:"صورة طب الأصل" فقط، ما يعني أنه لم يحصل على صيغة تنفيذية ومرفق صورة من حكم للقضاء الإداري توضح الختم الخاص بالصيغة التنفيذية الفورية لأحكامه في آخر صفحة من الحكم.