أدخلت نتائج اتحاد طلاب الجامعات المصرية متغيرًا جديدًا على المشهد السياسي، من كونها أظهرت أن مواجهة التيار الديني وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين، ليس بالأمر الصعب، بشرط توافر ظروف موضوعية لتلك المواجهة. فإذا كانت بيئة الانتخابات ومدى الشفافية التي تتمتع بها عنصر لاخلاف عليه، فإن الدرس من انتخابات الجامعات أظهر عاملين رئيسيين لنجاح تلك المواجهة: الأول، ضرورة المشاركة السياسية الإيجابية وبفاعلية أكبر بالعملية الانتخابية، وعدم الهروب منها أيًا كانت الحجج والمزاعم المبررة لهذا السلوك السلبي، وثانيهما، أهمية التكتل والتنسيق الانتخابي بين القوى المعارضة من أجل تكوين جبهة موحدة قادرة على استقطاب الناخبين في مواجهة ما يعتبره البعض بالتحدي الإخواني، وعدم حصر البدائل داخل التيار الديني وحده. ويُدعم من إلحاح هذا الدرس الشبابي للشيوخ، بروز بيئة سياسية باتت مشجعة أكثر من أي وقت آخر، على تلك المشاركة من جانب جبهة الإنقاذ الوطني والأحزاب التي قررت مقاطعة انتخابات مجلس النواب، يأتي في مقدمتها استعداد الرئاسة لتلبية العديد من مطالب الجبهة بما فيها مطالب تغيير حكومة قنديل، ولكن بعد حوار وطني تشارك فيه جميع أطياف المشهد السياسي وليس قبله، بالإضافة للمساعي السياسية التي تبذلها أطراف سياسية من أجل التوافق العام على وثيقة تفاهمات سياسية تكون بمثابة آلية للخروج من المأزق السياسي الحالي. فلدينا الآن مساران يدفعان لهذا الحوار السياسي ولمّ الشمل الوطني، أحدهما تقوم بها ما يمكن تسميتهم بمجموعة المولاة للرئاسة وتضم أحزاب: الوسط والبناء والتنمية والحضارة وغد الثورة، التي تقوم بمساعٍ كبيرة من أجل هذا التوافق، والأخرى من جانب حزب النور الذي بات يجسد المعارضة الفاعلة الآن على الساحة في ظل غياب جبهة الإنقاذ، اعتمادًا على مبادرته السياسية. ويضاعف من إلحاح التوافق السياسي، محدودية الخيارات الأخرى التي اعتمدتها جبهة الإنقاذ في دفع الرئاسة للحوار، والتي يأتي في مقدمتها التعويل على المؤسسة العسكرية وما بدا أنه خلافات في الرؤى السياسية بين وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، والرئيس محمد مرسي، بالإضافة لتأييد حالة الانفلات السياسي-الأمني بالشارع لدفع الجيش للنزول للشارع والسيطرة على مقاليد الأمور، حيث كانت الرسالة واضحة من المؤسسة العسكرية، أن ولاء الجيش للدولة والشرعية السياسية ممثلة في الرئيس، وأن النزول الذي حدث بمدن القناة أتى دعماً لتلك الشرعية وليس انتقاصًا منها. ولذا تواجه الجبهة في اجتماع اليوم تحديًا خطيرًا، متمثل في كيفية الاستجابة لتلك التطورات التي تشهدها البيئة السياسية المصرية، وإبداء الاستعداد للمشاركة في العملية السياسية بشكل فاعل ومؤثر بعدما باتت أكثر تقبلاً لتلك المشاركة من أي وقت مضي، وعدم تضييع تلك الفرصة الجديد، باستخلاص عبرة المشاركة والتكتل الحزبي من أجل منافسة حقيقية في الانتخابات القادمة، تقديم بديل سياسي جاد للناخب. عن كيفية مواجهة هذا التحدي، يقول عبد الغفار شكر عضو جبهة الإنقاذ، ل"بوابة الأهرام": إن الجبهة لم تقاطع انتخابات مجلس النواب خوفًا من تراجع شعبيتها في الشارع، كما يشيع البعض، لكونها كانت منذ البداية قد أعلنت أنها ستخوض تلك الانتخابات بقائمة موحدة، لكن عندما أصبح الإطار السياسي الذي ستجري داخله تلك الانتخابات غير ديمقراطي، ابتداء من الدستور الذي يتضمن مواد تهيئ لدولة استبدادية إلي جانب حكومة غير محايدة خاضعة للإخوان المسلمين. بالإضافة لوجود نائب عام تم تعيينه بالمخالفة لقانون السلطة القضائية، ومساعي جماعة سياسية للسيطرة علي مفاصل السلطة، بينما هي كتنظيم مؤسسي يعمل، لا تخضع للقانون، ولا تسعى لتقنين أوضاعها حتى الآن، كل أمور كانت دافعة لمقاطعة الجبهة للانتخابات، لعدم ضمان نزاهتها وليس خوفًا من نتائجها. وفي نفس الوقت لم يستبعد عبد الغفار شكر مشاركة بعض أحزاب الجبهة بالانتخابات، تحديداً بعد تراجع شعبية الإخوان، كما دلت انتخابات الجامعات، مشيرا إلي أنه في كل الأحوال لن تجري تلك الانتخابات قبل أغسطس القادم، ومن الممكن أن تكون الظروف قد تغيرت، مشددًا علي أنه إذا تغيرت الظروف الحالية، فقد تتغير تلقائياً المواقف السياسية للجبهة، إلا أن ذلك مرهون بقرار جماعي، حتى يمكن أن تشارك بقية الأحزاب والقوى التي لديها إصرار على المقاطعة الآن بالانتخابات، مؤكدًا أن في السياسة كل شيء وارد. يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد أن فرصة الحزب ستكون أكبر في الحصول علي نسبة مقاعد أكبر، مما سبق الحصول عليه بالانتخابات السابقة، حال تغير الظروف التي أعاقت مشاركة حزبه بالانتخابات، مشددًا بالوقت نفسه علي التزام الحزب بقرار جبهة الإنقاذ بمقاطعة الانتخابات مطالبًا الرئاسة بالاستجابة لمطالب الجبهة لحل الأزمة السياسية الراهنة. ولقيت إمكانية المشاركة بالانتخابات دفعة قوية، من خلال إشارة الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور والمنسق العام لجبهة الإنقاذ، لاستعداد المعارضة خوض الانتخابات والحصول على الأغلبية أو ما أسماه بالمعارضة المحترمة، بشروط وجود بيئة ديمقراطية قانونية مستوعبة للجميع وليس نظامًا فاشيًا، منوهاً إلى أن أحزاب المعارضة أو معظمها عمرها السياسي لا يتجاوز العام وليس لديها إمكانيات الإخوان في الحشد والتعبئة والعمل الجماعي في الشارع.