بعد تصاعد الدخان الأسود إثر أول اقتراع مساء الثلاثاء لانتخاب البابا الجديد، بدأ الكرادلة الناخبون الذين يعقدون مجمعا تاريخيا في كنيسة سيستين سلسلة عمليات تصويت يمكن أن تحسم سريعا اسم الحبر الأعظم المقبل. ويبدأ الكرادلة ال115 اليوم الثاني من التصويت لخلف بنديكتوس السادس عشر الذي فاجأ العالم باستقالته الشهر الماضي. وتصاعد الدخان الأسود قرابة أمس الثلاثاء، واستقبل بصيحات عكست خيبة الأمل لدى آلاف تجمعوا في ساحة القديس بطرس. وتجري اربع عمليات اقتراع يوميا، اثنتان صباحا واثنتان مساء لانتخاب رأس الكنيسة الكاثوليكية الجديد بغالبية الثلثين. وتصاعد الدخان الاسود يعني حرق كل بطاقات الاقتراع لمحو أي أثر للتصويت السري الذي لا يمكن للكرادلة الحديث عنه حتى بعد فترة طويلة من انعقاد المجمع. وإذا كان تصاعد الدخان الأسود يعني انه لم يتم انتخاب بابا جديد، فإن تصاعد الدخان الابيض يشير إلى أنه بات للكنيسة الكاثوليكية حبر أعظم جديد. وبحسب الخبراء في شئون الفاتيكان وفي حال عدم حصول مفاجآت، فإنه يرتقب أن تكون مدة المجمع قصيرة، يومان إلى أربعة أيام كحد أقصى. ومن بين الكرادلة الناخبين الذين عينوا جميعا خلال حبرية البابا الراحل يوحنا بولس الثاني أو المستقيل بنديكتوس السادس عشر، هناك حوالى عشرة اسماء تم تداولها في الأيام الماضية كمرشحين لترؤس الكنيسة الكاثوليكية. وتناقلت وسائل الإعلام أسماء الايطالي انجيلو سكولا أو الكندي مارك ويليه والبرازيلي اوديلو شيرر أو النمسوي يوزف شونبورين أو المجري بيتر اردو أو الاميركيين تيموثي دولان وشون اومالي وجميعهم لديهم نقاط مشتركة كثيرة مع يوحنا بولس الثاني أو بنديكتوس السادس عشر. وهم محافظون جميعا، وحريصون على منع اضمحلال العقيدة اكثر من الإصلاحات التي ينتظرها كثيرون لا سيما في الغرب. وسيكون على الكرادلة اختيار من سيواجه الأزمة العميقة التي تجتازها الكنيسة الكاثوليكية والتي شهدت في الاونة الاخيرة فضيحة فاتيليكس وفضائح التحرش الجنسي. وهناك تحديات ثقيلة تنتظر خليفة بنديكتوس السادس عشر من احتجاجات داخلية إلى اضطهاد للمسيحيين حول العالم إلى قضايا أخلاقية وتجاوزات اخرى تشهدها الكنيسة. ومع انتخاب البابا الجديد ينتهي شهر صعب بدأ في 11 فبراير مع اعلان بنديكتوس السادس عشر استقالته بشكل مفاجئ وهو في سن الخامسة والثمانين. وسيكون أول بابا على قيد الحياة يشهد انتخاب خلف له. وكان الكرادلة دخلوا الثلاثاء إلى كنيسة سيسيتن وانحنوا أمام المذبح قبل أن يجلسوا في اماكنهم المحددة لهم في أرجاء الكنيسة الشهيرة تحت جداريات مايكل انجلو الرائعة. وتلا كل من الكرادلة الذين ينتمون إلى 64 جنسية قسما باللغة اللاتينية تعهدوا بموجبه "الحفاظ على السرية المطلقة حول كل ما يتعلق مباشرة أو غير مباشرة بالأصوات وعمليات التصويت لانتخاب الحبر الأعظم". وبموجب تقليد دائم وصارم موروث من القرون الوسطى، لكن وقائعه نقلت مباشرة على شاشة كبيرة في ساحة القديس بطرس، تلا مسئول الاحتفالات الليتورجية الحبرية بصوت قوي صيغة "اكسترا اومنيس" (الجميع الى الخارج). وغادر غير المعنيين بعمليات التصويت -المحتفلون بالقداس وصحافيو وسائل الاعلام الفاتيكانية، وحتى السكرتير الشخصي لبنديكتوس السادس عشر، يورغ غانسفين- الكنيسة. ثم أغلقت الأبواب، معلنة بدء المجمع.