طالب مؤتمر "حماية المواطنة والوحدة الوطنية"، الذى نظمه تجمع الأحزاب والقوى السياسية المعارضة بمقر حزب الوفد، مساء الخميس الحكومة ومجلس الشعب بضرورة إصدار القوانين التى تحمي قيم المواطنة المنصوص عليها فى المادة الأولى من الدستور المصرى وبالتحديد قانون بناء دور العبادة الموحد ليتساوى الحق فى ممارسة الشعائر الدينية بين كل المصريين، وقانون مناهضة التمييز وتجريمه للتأكيد على المساواة التامة فى الحقوق والواجبات وكفالة تكافؤ الفرص بين جميع المصريين. كما طالب البيان الختامى الصادر عن المؤتمر - الذى عقد لمواجهة تداعيات جريمة الاعتداء على كنيسة القديسين فى الإسكندرية - الحكومة بمراجعة المناهج الدراسية وتنقيتها مما يتخللها من أفكار تتناقض وقيم وحقوق الإنسان والمواطنة، وتطوير المنتج الثقافى ليعبر عن التراث المصرى الأصيل وتاريخه ومعانى الوحدة الوطنية، وإعلاء أحكام القانون وسيادته وإتاحة السبل كى تعمل مؤسسات العدالة بكفاءة وسرعة فى فصل القضايا. وطالب البيان – الذى قرأه على الحضور منير فخرى عبد النور سكرتير عام حزب الوفد - وزارة الأوقاف والكنيسة بتطوير الخطاب الدينى والتركيز على الرسالة المشتركة للأديان بهدف تنمية أواصر التآلف بين المصريين جميعهم، والابتعاد عن إثارة النعرات الطائفية. وناشد وسائل الإعلام صياغة ميثاق شرف مهنى يكفل أن يبتعد الخطاب الإعلامى عن كل ما يمس بأى درجة الوحدة الوطنية أو يثير نعرات عصبية على أن تتم صياغة هذا الميثاق والمحاسبة من خلال نقابات ومنظمات مهنية. وقرر ممثلو الأحزاب والقوى الوطنية المشاركة فى المؤتمر، تشكيل الهيئة الوطنية لحماية الحقوق المدنية والمواطنة لرصد ومراقبة مظاهر ومؤشرات ومصادر الاحتقان الطائفى ولتنبيه الرأى العام إلى أى تجاوزات أو ممارسات تخرج عن مقتضيات احترام حقوق المواطن. مؤكدين التزامهم بالتعاون من أجل تفعيل تلك المطالب وبذل كل جهد فى سبيل تحقيقها على أرض الواقع، والعمل معا للدفاع عن مصر دولة مدنية ديمقراطية عادلة يحكمها الدستور والقانون. وأعلنوا عن رفضهم محاولات التهوين من حجم كارثة الإسكندرية وجسامة آثارها السلبية واختزال أسبابها فى حالة الاحتقان الطائفى. وأشاروا إلى أن هذا الحادث والأحداث السابقة من الخانكة عام 1972 إلى العمرانية فى نوفمبر 2010 هى نتائج طبيعية لسياسات الدولة التى تهاونت فى تفعيل نصوص الدستور الخاصة بالمواطنة والمساواة بين كل المصريين أمام القانون وحرية ممارسة الشعائر الدينية والديمقراطية والتمثيل السليم لكل فئات الشعب فى المجالس المنتخبة، وللأزمة الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة وسوء توزيع عوائد التمية واتساع رقعة المهمشين، فضلا عن المؤامرات التى يحيكها المتربصون بأمن واستقرار مصر. وأكدوا ضرورة تضافر جهود كل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى لإزالة أسباب الاحتقان الطائفى والاجتماعى وتحفظهم على انفراد جهات الأمن بالتعامل مع هذه القضايا المتعددة. وتضمن المؤتمر كلمات للسيد البدوى رئيس حزب الوفد، وعبد الجليل مصطفى المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، والدكتور سمير مرقص ممثل منظمات المجتمع المدنى فى المؤتمر. وقال البدوى "إن اجتماعنا اليوم هو لمواجهة خطر يستهدف بناء هذا البلد وجوهره.. خطر يستهدف النموذج الوحيد والأخير فى المنطقة العربية الذى ظل يمارس التعدد والتسامح والتعايش، منذ أن بدأ الإنسان التاريخ وحتى يومنا هذا، فإما نستمر فى أن نكون مصريين أو نرضخ لأبنائنا بمعايشة ظروف لم نرها أو نختبرها أو حتى نتصور إمكانية وجودها فى هذا البلد الذى استقبل على أرضه وفى قلوب أبنائه الديانات السماوية الثلاث، وعشنا شعبا واحدا يعبد ربا واحدا وإن اختلفت الأديان". أضاف البدوى "أن الفتن دائما ما تكمن وتنهزم فى الفترات التى يسود فيها الأمل والعدل، ولا تطل بوجهها القبيح إلا فى فترات افتقد فيها المصريون الأمل فى غد أفضل والعدل فى حاضر يعيشونه". وأشار سمير مرقص إلى أن مصر لم تنتبه إلى أمور غاية فى الأهمية حدثت فى الفترة القليلة الماضية، وهى: التفريط فى الوحدة الوطنية من خلال التأخر فى علاج المشكلات التى تتعلق بالعلاقات بين المسلمين والمسيحيين، والتفريط فى القانون لصالح القضاء العرفى، والسماح بالسجال الدينى فى الفضائيات وظهور مفردات الاستشهاد فى مواجهة الجهاد إلى جانب نفى الآخر، والسماح بالحديث عن الدعوة لنماذج دولة إسلامية أو دولة الخلافة، مع التفريط فى الدولة الحديثة التى بناها المصريون منذ 200 عام، وانتقال الصراع بين المتعصبين إلى الشارع وخروج رموز الدين للسجال فى عام 2010، والسماح للإعلام باستخدام الهوية الدينية للأشخاص. من جانبه رأى الدكتور عبد الجليل مصطفى، أن حل مشكلة الاحتقان الطائفى هو فى دولة المؤسسات الحديثة التى لا تعادى الدين ولا تقصيه كمرجعية عليا لمن يشاء، وتقوم على القانون والمواطنة وعدم التمييز فى الوظائف أو دور العبادة. وطالب عبد الجليل الجماهير بأن تركز التحامها ليس فى طلب إقالة وزير أو مسئول ولكن فى اتجاه طلب وضع دستور جديد يقوم على المواطنة والمساواة والتعددية، ويمهد الطريق لانتخابات حقيقية تنتج حكومة وطنية منتخبة ومسئولة قادرة على مواجهة الخطر والاختراق، داعيا هذه الجماهير إلى توجيه غضبها إلى طلب تنحى الحزب الوطنى من أجل حكومة إنقاذ وطنى من كل القوى الوطنية لفترة انتقالية يتم خلالها تمهيد الطريق لتشكيل جمعية وطنية تأسيسية تتولى وضع دستور يأخذ بالنظام البرلمانى الحقيقى وبانتخابات القائمة النسبية. ورفع المؤتمر لافتات مكتوبا عليها: "شعب واحد.. وطن واحد.. مصير واحد"، و"المواطنة أساس الدولة"، و"كل الحقوق لكل المصريين"، و"معا من أجل الديمقراطية". وردد المشاركون شعارات من بينها "مسلمين مسيحيين.. شعب واحد ليوم الدين"، و"يا محمد روح قول ليونس..بكرة مصر تحصل تونس".