قبل عامين من الآن، كان الدكتور محمد مرسي، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، يمكث في عنبر رقم "3" بسجن وادي النطرون، الواقع في الكيلو 97 على طريق مصر- الإسكندرية الصحراوي، بعد اعتقاله بصحبة 34 قياديًا من مكتب إرشاد الجماعة، صبيحة يوم الثامن والعشرين من يناير، يوم جمعة الغضب، بتهمة تحريض الجماهير على النزول بكثافة إلى الشوارع لإسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك. قبل اعتقال د. مرسي بيوم واحد، أدلى الدكتور عصام العريان عضو مكتب إرشاد الجماعة آنذاك، بتصريح صحفي باللغتين العربية والأجنبية، لوكالة أنباء "رويترز"، أذاعته عنه بعض القنوات الفضائية وكان من بينها الجزيرة وسي إن إن الأمريكية، وأحدث هذا التصريح حالة من الغضب لدى النظام، فتم اعتقاله يوم جمعة الغضب، ومعه د. محمد مرسي و32 قياديا بالجماعة، وإيداعهم سجن وادي النطرون. ومع تفاقم الوضع الأمني، يوم 28 يناير، وانسحاب قوات الشرطة من الشوارع، ونزول قوات الجيش بإذن من مبارك، تم اقتحام العديد من السجون، وكان من بينها سجن وادي النطرون، الذي يتواجد فيه د. مرسي، فتم خروج جميع قيادات مكتب إرشاد جماعة الإخوان، وأجرى مرسي اتصالا هاتفيا مساء يوم جمعة الغضب بقناة الجزيرة، قال خلاله إن عددًا من الأهالي فتحوا أبواب السجن، بعد محاولات استمرت لساعات، وأنه خرج ومعه قيادات الإخوان. كان من بين الذين خرجوا من السجن مع د. مرسي يوم جمعة الغضب، الدكتور سعد الكتاتني، الدكتور عصام العريان، محمد حامد، محمود أبوزيد، مصطفى العقيمي، سعد الحسيني، سيد نزيل، أحمد عبدالرحمن، ماجد الزمر، حسن أبوشعيشع، أحمد أبوعز، وآخرون. انتهت الأحداث وتنحى مبارك، وتم اختيار مرسي رئيسًا لحزب الحرية والعدالة، إلى أن دفعت به جماعة الإخوان لينافس على منصب رئيس الجمهورية، ليفوز في جولة الإعادة على حساب الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد نظام مبارك. وفي الذكرى الثانية ل28 يناير، التي تحل اليوم الإثنين، بات د. محمد مرسي رئيسا للجمهورية، وليس مجرد "سجين" في عنبر رقم "3" بسجن وادي النطرون.. وهو يجلس مرسي مكان مبارك، بينما يجلس مبارك في "عنبر" بسجن طرة. يوم "28 يناير" قبل عامين، تم تعيين -الراحل- اللواء عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية، وبدأ في الحوار مع المعارضة، بينما مرسي "الرئيس" وبعد عامين يعرض -بنفسه- الحوار مع معارضيه لحل الأزمة التي تتعرض لها البلاد الآن. وبين هذا وذاك يجلس سجناء مصريون غير معروفي الهوية مكان د. مرسي ورفاقه من الإخوان في عنبر رقم "3" بسجن وادي النطرون.. هكذا مصر بعد عامين من الثورة.. لامكان أو منصب يدوما لأحد مهما علا شأنه.